ثلاث دقائق كانت فاصلة لحرمان الطالبة السودانية المقيمة في مدينة ووهان الصينية رؤى محمد رشاد من الحصول على المياه عبر الرابط الإلكتروني لشراء الطلبات من خلال فريق التوصيل الخاص بعد إجراءات العزل التي فرضت على مدينة ووهان حاضرة إقليم خو بي بعد انتشار فيروس كورونا، مما حتم عليها الانتظار ليوم آخر لشراء ما تحتاج من ماء، فيما تكفل أحدهم بمدها بقارورة ستقتصد في استخدامها ليوم كامل. أوقات عصيبة رؤى طالبة الدكتوراه في هندسة الكهرباء وصلت إلى ووهان في سبتمبر من العام 2018 بعد حصولها على منحة دراسية تقضي أوقاتاً عصيبة في انتظار طائرة الإجلاء من مدينة ووهان حاضرة مقاطعة خو بي التي توصف بأنها نقطة انطلاق فيروس كورونا. لقد تحول إحساسها بالارتياح لاتخاذ السلطات الصينية الإجراءات الاحترازية المناسبة فور إعلان المرض إلا أنها لم تتوقع أن يطول بهم الأمد. في الأثناء أعلنت السفارة السودانية في بكين بدء عمليات الإجلاء عند الساعة الرابعة فجر الأحد بالتوقيت المحلي للصين عبر طائرة إماراتية بمبادرة من محمد بن زايد آل نهيان، فيما سيقضي المسافرون فترة 25 يوماً في الإمارات في إطار ترتيبات العزل الصحي. رؤى مثل السودانيين الآخرين في ووهان والذين يقدرون بنحو 157 شخصاً شعرت بالارتياح مطلع فبراير بعد توجيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، بإقامة جسر جوي عاجل، لنقل السودانيين من ووهان، إلا أنهم صدموا بعد أن تواترت الأنباء عن تأجيل وصول طائرة مصرية استأجرتها الخرطوم لإجلائهم، بحجة انتظار طائرة إماراتية لتقلّهم إلى بلادهم، وبين هذا وذاك تلاشت الثقة في تصريحات المسؤولين عن عملية الإجلاء وباتت مثار تندرهم في مجموعات التواصل الاجتماعي. حالة القلق تلك انزاحت على ذوي الطلاب حيث نظموا وقفة احتجاجية لتسريع عملية إجلاء أبنائهم من ووهان. رؤى تضيف أن أكثر ما أذاهم في هذه الفترة تعليقات البعض على السويشال ميديا التي تطالب بتجاهلهم وتركهم لمصيرهم حتى لا يجلبوا المرض للسودان. لقد تنامت حالة الذعر حول العالم من الفيروس، ليصبح الفيروس شيئاً مخيفاً، والخوف منه وباءً آخر بحد ذاته. عزل كامل رؤى تقيم في مجمع فرعي للطلاب مكون من ستة طوابق، تم إغلاقه أمام حركة الدخول والخروج منذ نهاية يناير الماضي في سياق تدابير الحجر الصحي، فيما تعمد رؤى لتجنب الاختلاط بمن تبقى من زملاء السكن، لأن الامر يستلزم جملة من الترتيبات المتصلة بارتداء الأقنعة الواقية وغسل اليدين جيداً بالصابون عند ملامسة سطح خارجي أو مصافحة شخص آخر، ليبقى الاتصال الوحيد أمامها مع العالم عبر الإنترنت، فيما يمضي الانتظار بمحاولة الدراسة بعد أن قامت الجامعة بتنزيل المواد الدراسية على الانترنت، وممارسة هواية الرسم ومشاهدة الأفلام والتواصل مع الأهل والأصدقاء عبر تطبيقات السويشال ميديا. رئيس الطلاب السودانيين في مدينة ووهان أبو بكر بابو يقول إنه لم يثبت حتى الآن إصابة أي سوداني في ووهان وبقية المدن في مقاطعة هوبي بفيروس كورونا، مضيفاً أن هناك نحو 157 سودانياً في المقاطعة معظمهم من الطلاب، وأشار البابو في تصريح ل(السوداني) أنهم ملتزمون بالتعليمات التي أصدرتها السلطات الصينية بملازمة السكن وأنهم أكملوا استعدادهم للرحيل عن المدينة فور وصول طائرة الإجلاء. ويحذر رئيس رابطة الطلاب السودانيين من أن الغذاء الذي خزنه الطلاب بدأ في النفاد، وأنهم يواجهون مشكلة توفير المزيد منه مع إغلاق المطاعم والمحال التجارية أبوابها. كما يواجهون مشكلة في المياه الصالحة للشرب، موضحاً أن عدم معرفة السودانيين اللغة الصينية يزيد من معاناتهم لأنهم لا يستطيعون الاستفادة من كل الخدمات التي تقدمها الحكومة الصينية. رؤى تلخص المشهد وهم ينتظرون الطائرة في حالة من اللايقين لتقول:"لا أحد يعرف ما يجب فعله أو إلى متى سنضطر إلى البقاء هكذا". وباء قاتل وكشفت الصين عن الفيروس الغامض لأول مرة في 12 ديسمبر 2019، بمدينة ووهان التي تضم أكبر عدد من الطلاب الجامعيين فى العالم، في مدينة أكبر 5 مرات من لندن، و10 مرات من نيويورك، و83 مرة من باريس. عدد الوفيات في ووهان 2132 من جملة 48137 حالة إصابة حتى الأمس، فيما ارتفع إجمالي عدد المصابين به في جميع أنحاء العالم إلى أكثر من 83 ألفاً وتسبب بوفاة أكثر من 2860 أيضاً، وأعلنت أكثر من 40 دولة بجانب الصين عن إصابات بالفيروس. وعلى خلفية انتشار الفيروس، أجلت العديد من الدول رعاياها من مدينة ووهان ومناطق أخرى انتشر بها الفيروس بالصين، مع وضعهم قيد الحجر الصحي وتوفير الرعاية الطبية لهم. و أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ على نطاق دولي لمواجهة تفشي الفيروس الذي انتشر لاحقاً في عدة بلدان، ما تسبب في حالة رعب سادت العالم أجمع. و"كورونا المستجد" الذي بات يسمى ب"فيروس ووهان" ينتقل عن طريق الجو في حالات التنفس والعطس والسعال. ومن أول أعراضه، ارتفاع درجة حرارة الجسم، وألم في الحنجرة، والسعال، وضيق في التنفس، والإسهال، وفي المراحل المتقدمة يتحول إلى التهاب رئوي، وفشل في الكلى، قد ينتهي بالموت.