استقبل الشارع الاقتصادي بفتور بالغ إعلان تأجيل المؤتمر الاقتصادي القومي الذي كان مقرراً عقده في الفترة من 29- 31 من مارس الحالي لوقت يحدد لاحقاً، ولفت الخبراء الاقتصاديون الذين تحدثوا ل(السوداني) حول مآلات التأجيل والذي تعول عليه الحكومة الانتقالية كثيراً في وضع حلول للأزمات المعيشية والاقتصادية الراهنة، لفتوا لعدم تفاؤلهم من نجاح المؤتمر في هدفه المعلن وأن المخرج الوحيد للأزمات يكمن في الاعتماد على الموارد الذاتية. تأجيل مسبب : وأعلنت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاقتصادي القومي، تأجيل المؤتمر والورش القطاعية ووجهت ذات اللجنة باستمرار الأعمال التحضيرية للورش القطاعية، من قبل الوزارات والجهات والشخصيات المعنية بالإعداد للمؤتمر، وتعظيم مساهماتها في المؤتمر الرئيسي. وبررت اللجنة الإعلامية للمؤتمر في بيان صحافي عممته بالإثنين الخطوة باجتياح فيروس "كورونا المتجدد لأكثر من (100) دولة بالعالم، والتزاماً بتوجيهات مجلس الوزراء بإيقاف الفعاليات والتجمعات الجماهيرية التي من شأنها نشر العدوى وربما مفاقمة الأوضاع الصحية بالبلاد. مخرجات جاهزة: وقال الاقتصادي د. عبدالله الرمادي ل(السوداني) إن المؤتمر لا يُعََولُ عليه كثيراً في حل الأزمات الاقتصادية الراهنة سواء عقد أو تم إرجاؤه لأي سبب كان لأننا اعتدنا على قيام مثل هذه المؤتمرات بهدف تمرير سياسات سبق تحديدها من قبل ومن بينها روشتة صندوق النقد والبنك الدوليين فيما يلي إعادة هيكلة الدعم وتعويم سعر الصرف وخلافه . وأشار الرمادي إلى أن مثل هذه المؤتمرات توصياتها تعد حتى قبل أن يتم انعقادها، ولذلك فانني أرى عدم التعويل كثيرا على نجاح توصيات هذا المؤتمر الاقتصادي القومي في حل المشاكل الاقتصادية الراهنة، واقترح على الحكومة ووزارة المالية تحديداً اللجوء فوراً للخيارات الأهم لحل هذه المشاكل من خلال التركيز على استغلال وتوظيف الموارد التي تزخر بها البلاد وحسن إدارتها وإيقاف التهريب خاصة للذهب والسلع النقدية الأخرى لدول الجوار. للاستفادة من عائداتها . قراءة واقعية: ودعا بروفيسور عزالدين إبراهيم ل(السوداني) الحكومة الانتقالية إلى القراءة الصحيحة للأوضاع وعدم الاستناد لمخرجات مؤتمر الاقتصاد القومي التي لا تقدم ولا تؤخر ولا تضيف جديداً وضرورة الاعتماد على الذات بتوفير الإيرادات لتمويل الموازنة والتي صار تمويلها مبهماً خاصة وأن الحكومة رفعت سقف الآمال للمواطنين بتوفير مجانية العلاج والتعليم وتوفير الوجبات المدرسية المجانية وزيادة الأجور بنسبة كبيرة وتقديم دعم نقدي مباشر في الموازنة الحالية دون أن تحقق شيئاً ملموساً على أرض الواقع بسبب قلة الإيرادات وعدم وضع موازنة واقعية. وأمن بروفيسور إبراهيم في حديثه حول الخيارات البديلة أمام الحكومة بعد تأجيل المؤتمر القومي، أمن على أهمية إيقاف التجنيب وإزالة الدعم الحكومي ، لافتا إلى خطأ تطبيق سياسة رفع الدعم السابقة والحالية ، حيث يتم رفعه فقط من المواطنين بينما لا يطبق على الحكومة نفسها والتي تعتبر المستهلك الأكبر للوقود مثلا بسبب أساطيل العربات الحكومية التي تستهلك كميات أكبر من الوقود المدعوم ، لذلك على الحكومة أن تقوم بنفسها برفع الدعم أولا لتوجيه الدعم لمستحقيه ولتوفير المبالغ التي رصدتها وزارة المالية في الموازنة الحالية لخفض الدعم لتوظيف عائد الخفض لمقابلة زيادة الأجور المضمنة في الموازنة. توجه قومي: وأعرب رئيس اللجنة الاقتصادية لحزب الأمة القومي عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الاقتصادي د. الصديق الصادق المهدي في وقت سابق عن أمله في خروج المؤتمر ببرنامج اقتصادي متوافق عليه يخاطب قضايا الأزمة الحالية ومعاناة المواطن التي استمرت لعقود. وقال ل"وكالة السودان للأنباء" إن هناك قضايا كبيرة ومهمة تحتاج إلى توجه قومي يشمل كل أهل السودان والتوافق على رؤى حول جميع القضايا الاقتصادية بالبلاد وإنقاذ الاقتصاد مما لحق به من دمار استمر لثلاثين عاماً وأن هناك فرصاً كثيرة يحظى بها الاقتصاد تحتاج لرؤية متفق عليها للخروج من هذا النفق واستغلال الفرص. وأضاف أن حزب الأمة القومي نظم مؤتمراً قومياً في 2011م وعمل مع حلفائه في نداء السودان وقوى الإجماع الوطني وقوى الحرية والتغيير في الفترات الماضية لبلورة موقف اقتصادي مجمع عليه. قضايا عالقة: وكان القائمون على المؤتمر الاقتصادي القومي المؤجل قد أعلنوا قائمة من القضايا الاقتصادية الراهنة التي تطرح للنقاش أهمها الإنتاج والاستثمار والمالية العامة والسياسات النقدية، و الإطار العام للدولة التنموية الديمقراطية ومكونات برنامج الحكومة الانتقالية وأولوياتها، والانتقال لآفاق الإنتاج والتصدير وتوسيع فرص العمل، فضلاً عن آفاق الصناعة والتجارة والتعاون والزراعة والثروة الحيوانية والطاقة والتعدين وقضايا النقل والبنى التحتية، والوقوف على السمات المميزة لموازنة 2020 وموقفها من التحولات السياسية عقب الثورة، بالإضافة إلى جانب الإنفاق والإيرادات وتقليص الفجوة بينهما وإعادة الأموال المنهوبة من قبل رموز النظام السابق. ومناقشة مسألة الدعم والسياسات النقدية وميزان المدفوعات والاستقرار الاقتصادي ودور البنك المركزي في محاربة التضخم، إضافة إلى الإصلاح التشريعي والمؤسسي والرقابة على المصارف.