بعد استقرار الأوضاع الأمنية التي شهدتها ولايات دارفور وانحسار حركات التمرد إلا في مناطق محدودة بأعالي جبل مرة، لجأ الشباب إلى البحث عن سبل جديدة للتكسب بعد أن وضعت الحرب أوزارها فكانت أقرب الطرق إلى الكسب الحلال والوصول السريع إلى الثراء هو الذهب والبحث عنه في غياهب مناجم تمتد إلى أعماق أكثر من (30)متراً تحت سطح الأرض ما يضاعف المخاطر على حياة المعدنين. ومع النهم للغنى السريع المحفوف بالمخاطر هلكت أعداد كبيرة من الشباب إما بانهيار آبار الذهب التي تحفر عشوائياً، أو الصراع ما بعد خروج الذهب بسبب الأطماع والتي راح ضحيتها حتى الآن مئات الشباب، ولكن حوادث انهيار آبار التعدين هي الأكثر شيوعاً في تلك المناطق وأكثرها حصداًً للأرواح، كما حدث مؤخراً في انهيار منجم السريف بولاية شمال دارفور الذي راح ضحيته (9)أشخاص بينما هناك آخرون في عداد المفقودين الذين يرجح وفاتهم تحت الأنقاض أو ذهابهم إلى أماكن أخرى بسبب عدم وجود رصد لحركة المعدنين. وكشف معتمد محلية السريف بولاية شمال دارفور محمد إسماعيل عن عدم معرفتهم بعدد المعدنين الذين دخلوا بئر السريف ومن ثم انهارت بهم لجهة أنهم دخلوا للبئر الساعة الثالثة صباحاً، وكل الأحاديث عن أرقام الضحايا ماهي إلا تأويلات من الموجودين في تلك المناجم ولكنهم الآن في انتظار التبليغ عن فقدان أي شخص لدى الشرطة الموجودة هناك.. المعتمد محمد إسماعيل قال ل(السوداني)أمس إنهم فور سماعهم بالحادث هبوا إلى الموقع وفي المرة الأولى أخرجوا (8) ثمانية جثث وفي المرة الثانية أخرجوا جثة واحدة ، بينما تم استخراج شخصين في حالة خطرة حيث أصيبا بكسور في الظهر و تم ترحيلهما إلى الجنينة بولاية غرب دارفور منوهاً إلى أنهم وجدوا بالبئر أنفاقاً بطول حوالي (6)أمتار تعذر معها مواصلة البحث إلى جانب أن البئر مساحتها (10) أمتار ، وانهارت كلية حيث تم بعد ذلك إيقاف الحفر بسبب عدم وجود أي شيء. وأشار محمد إسماعيل إلى أن البئر تقع شمال شرق الجبل لذلك قاموا باستئجار (قلاب) من إحدى الشركات وتابع (لا نستطيع التأكد عن من هو المفقود حتى هذه اللحظة إلا إذا وصل بلاغ من المجموعات التي تعمل مع بعض) ، منوهاً إلى أنهم أخبروا اللجنة الموجودة في تلك المناطق بالتبليغ عن أي مفقود للشرطة فيما أشار عدد من الموجودين في تلك المناطق إلى عدم وجود شبكة اتصالات بتلك المناطق وإلى وجود روائح كريهة انبعثت من البئر وهم لايملكون آليات لمواصلة عمليات الإنقاذ، ولكن في النهاية تم ردم البئر وإغلاقها نهائياً إلى جانب عدم وجود شبكة اتصالات صعب من مهمة مواصلة البحث عن المفقودين، وفي النهاية هم في عداد الموتى إن كانوا موجودين في البئر. السلامة والهوية... ووصف الصحفي والمراقب بولاية شمال دارفور مالك دهب مناجم الذهب بالقديمة منوهاً إلى أن المعدنين كل فترة يتعمقون في عمليات الحفر لأكثر من (30)متراً تحت سطح الأرض الأمر الذي تسبب في خطورة على حياتهم مطالباً بأن تضع حكومات تلك الولايات قوانين محلية وضوابط تحكم عملية التعمق في الحفر إلى جانب ضرورة وجود عدد محدود داخل الحفرة الواحدة التي غالباً ما يوجد فيها أكثر من (20)شخصاً علاوة على أن الآبار توجد فيها عيون تتفرع إلى أعماق بعيدة كاشفاً عن وجود كثير من المعدنين في عداد المفقودين لكن لا توجد لهم أي بطاقات هوية وبالتالي كثير من الأسر تتوقع أن أبناءها خارج نطاق الشبكة وهم في الأصل في مناطق التعدين وغالباً مايكونوا في عداد المفقودين أو الأموات مشيراً إلى أن التعدين الأهلي فيه مخاطر مطالباً السلطات المحلية والولائية بإعادة النظر في التعدين الأهلي وضبطه بعملية السلامة والهوية.