بعض تجار وسماسرة العملة أكدوا ل(السوداني) معاناتهم هذه الفترة من حملات المصادرة والاعتقالات والتي طالت من يحوز ومن لا يحوز على السواء، مقللين من جدواها خاصة بعد خروج تجارة العملة من الظل للعلن والفضاء الطلق وانتشارها حتى في وسط باعة (الطعمية والفول بطبالي السوق العربي)، وأصحاب البقالات وتجار الخُضر بالأسواق الرئيسية والطرفية مما يصعب مهمة ملاحقتها أمنياً وحسم تمددها وإلقاء القبض على المتاجرين فيها. مضاربات مشوشة: المحلل الاقتصادي هيثم فتحي ذهب للتأكيد بتسبب الارتفاع المتصاعد في الدولار بالسوق الموازي في الإضرار بكثير من المستوردين في الأسواق الداخلية وكذلك المواطنين لانسحاب الارتفاع على أسعار السلع داخلياً، داعياً في حديث ل(السوداني)للمسارعة في وضع معالجات عاجلة للحد من ارتفاع سعر الدولار فى الموازي نظراً للتداعيات السالبة على مجمل الأوضاع الاقتصادية بالبلاد ،والتى تؤدي لارتفاع معدلات التضخم و زيادة التضخم الركودي ، فضلاً عن دعم القطاعين الزراعي والصناعي من خلال خفض الضرائب المفروضة عليهما، وتقديم التسهيلات لتشجيع المنتجين، وإلغاء كافة أنواع الجبايات بين الولايات، وتأمين حرية انسياب السلع داخل حدود الدولة دون أي قيود وتشجيع القطاع الخاص المنتج في الزراعة والصناعة، وتوفير كافة الشروط التي تزيد من قدرته التنافسية و زيادة إنتاج السلع التي تلبي الاحتياجات الأساسية للمواطن من غذاء وكساء، وتمكينه من إنتاج هذه السلع بتكلفة أقل، وأن تشمل الإجراءات الهادفة لتشجيعه بدون تقييد على استيراد السلع والخدمات المماثلة والبديلة للإنتاج المحلي، وتوفير المحروقات والطاقة الكهربائية بأسعار تمكن المنتجين من خفض تكاليف الإنتاج وتحقيق وفورات. وكذلك خفض الضرائب ومنع الازدواج الضريبي في المركز والولايات والمحليات المفروضة على المنتجين وخلق البيئة الاستثمارية الملائمة للمستثمرين. ورفض هيثم تبرير تنامي الطلب على الدولار لغرض الاستيراد وإنما للطلب الداخلي للحفاظ على قيمة المدخرات، مؤكداً أن المضاربات في الدولارأحدثت تشويشاً في العرض والطلب، وأن المواطن يلجأ للدولار باعتباره ملاذاً آمناً لمدخراته لسهولة الحصول عليه وبيعه، مؤكداً عدم مقدرة الجهاز المصرفي على استقطاب مدخرات وتحويلات السودانيين العاملين بالخارج أحد مسببات الطلب الكبيرغيرالمبرر من المضاربين والمستوردين والمواطنين في آن واحد وعدم ضخ سيولة من النقد الأجنبي من البنك المركزي في الآونة الأخيرة،وقال :هذه المشكلة اقتصادية وتحل اقتصادياً وليس أمنياً. (عارفين وساكتين): مدير إدارة الرقابة ببنك السودان المركزي أسماء خيري انتقدت أمس الأول قياس سعر صرف الدولار بالسوق الموازي وقالت( ماشُفتُه إلا عندنا في السودان) وعدت التعامل معه جريمة وسبب اتهام السودان بالفساد لاستفادة المضاربين من فرق السعر رغم خسارتهم بسبب التضخم وأضافت إن هذا يعني (إننا نعرف الغلط وساكتين)،ورهنت توفيرنقد أجنبي باتباع سياسات راشدة للصادر. تجريم الاتجار: عطفاً على حديث مدير الرقابة المصرفية سعى بنك السودان المركزي حثيثاً في الآونة الأخيرة لتفعيل قانون النقد الأجنبي الذي يجرم الاتجارغيرالمشروع في العملة وتنفيذ حملات منظمة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية للحد من انتشار المضاربين في سوق العملة. معالجة محدودة: المستشارالسابق بوزارة العدل مولانا عبدالدائم زمراوي نفى ل(السوداني) حاجة بنك السودان الرأي القائل بإعداد قانون لتجريم الاتجار في العملة مشيراً لوجود القوانين واللوائح الخاصة بذلك ،مستشهداً بالقوانين التي تعاقب التعاملات المضرة بالاقتصاد الوطني والتي توجه بتوقيع عقوبات مشددة على الاتجاروالمتاجرين في العملة ، فضلا عن اللوائح التي يصدرها بنك السودان المركزي نفسه للتعامل في النقد الأجنبي وتوجيهاته المغلظة بمنع الاتجار بالعملة ومعاقبة المخالفين ،مؤكداً أن هذه القوانين مفعلة وقد سبق بموجبها صدور أحكام بالإعدام لمتاجرين في العملة والسجن في مواجهة آخرين ممن يثبت تورطهم لفترات طويلة مما يدلل على وجودها فعلياً . وقال زمراوي إن المعالجة الإدارية للاتجار من خلال سن القوانين المُجرِّمة مهما كانت قوتها فإنها محدودة الأثر إذ يمكن للمتاجرين الانتقال لمواقع وجود المغتربين بالدول المختلفة للحصول على العملة مثلاً، مؤمناً على أهمية اتخاذ معالجات وإجراءات اقتصادية فعالة بتقليل الطلب على الدولار والحد من استنزافه لصالح توفير سلع غير ضرورية ك(الثوم والشوكولاتة وغيرها) ولابد من الاهتمام بزيادة الإنتاج وتوفير سلع بغرض الصادر وتشجيع المنتجين والمزارعين. إجراءات استثنائية: وعن الإجراءات الحكومية الواجب إنفاذها لكبح جماح انفلات الدولار طالب رئيس القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني د. حسن أحمد طه في حديث سابق ل(السوداني)بنك السودان المركزي باتخاذ إجراءات استثنائية لمعالجة مشكلة سعر الصرف بإزالة العوائق التي تجابه السلع الإنتاجية ال(8)من أجل الصادر ك(القطن، البترول، المعادن، الحبوب الزيتية) وإحلال إنتاج(القمح والسكر والزيوت والأدوية) واتخاذ سياسات تدعم زيادة الصادر وفك الاختناقات الهيكلية التي تحد من زيادة إنتاجيتها، فضلاً عن تقليل الطلب على الدولار من خلال خفض الإنفاق الحكومي والذي يشكل مكوناً رئيساً للتوسع في الطلب على الدولار وزيادة أسعاره، وتقليص عدد الدبلوماسيين والمستشاريات الاقتصادية بالخارج والتي تصرف ملايين الدولارات والاكتفاء بالسفراء وبعض معاونيهم الضروريين.