زخم من العطف والحنو الدافئ، وشحنة من الاشفاق الدامع علي المستقبل القاتم للوطن الغالي. كلها اقتحمت جدران وجداني، وكادت ان تقبض أنفاسه ، وتسكت نبضات قلبي الحزين. وأذني المتلهفة التقطت بالامس أصواتا هادرة مجلجلة تتهم وتنتقد وجود قوات عسكرية أممية تحط برحالها في أرض الوطن الحبيب. ياللهول!!! ولهذا النبأ كالح السواد كجواد أسحم، غاص ذهني الحائر في بركة عميقة من الذعر اللعين ،التوجس الخفي والتشاؤم المحبط pessimism. ..أهو ياربي استعمار حديث قادم؟ وفي خضم هذه الدوامة من الحيرة والترقب المخيف لطائر شؤم يحلق فوق سمائنا، همس خلسة في أذن جوالي صوت السفير المعروف عمر الشيخ فهو صديق حميم، وزميل دراسة بمدرسة حنتوب الثانوية وفي الزمن الجميل. همس عمر قائلا: ارسلت لك اخي حسين شريطي فيديو ويحمل باطنهما حوارا توثيقيا وطنيا مفيدا عن طبيعة مفهوم الفصلين السادس والسابع التابعين للأمم المتحدة. الحوار الأول اجراه المعلق الاعلامي "راشد"بقناة سودانية 24، والآخر أداره الإعلامي المخضرم" لقمان احمد" المدير العام للإذاعة والتلفزيون السوداني القومي. أمضيت ساعة كاملة أقلب الصفحات الوضيئة للشريطين من الجلدة للجلدة.وكان لذاكرة قلمي مهمة التعليق وإبداء الملاحظات على محتوى الشريطين. فكان الآتي هو حصاد الجهد :::أولا:::أثلج صدري، وغمرت الغبطة جوانحي، واذني تلتقط فرحة مبتهجة لذلك الشرح والتفسير العلمي، المهني والمعرفي الذي قدمه السفير الخبير "عمر" لطبيعة الفصلين المعنيين:"السادس والسابع".السابع العقوبي القاهر الرادع ، ورصيفه الفصل السادس السلمي الحميمي ،الخدمي و الرحيم كما أطلق عليه دكتور علي إبراهيم في مقاله التفسيرى العلمي الموسوعي للفصلين ….ثانيا::: أوضح السفير الصديق "عمر" أن ما طلبه دكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء وبنبرة ودية صادقة ،وطنبة وأمينة من الأمين العام الأممالمتحدة هو إرسال بعثة أممية سلمية نشطة تساعد وتعضد في تسريع و إنجاز عملية السلام…"peace supporting mission "…مع تقديم المساعدات والمعينات لإنجاح مهمة الحكومة الانتقالية وما بعدها من خطوات ديمقراطية،ودون المساس بقدسية السيادة الوطنية القومية :السياسية، الأمنية والعسكرية والحدودية ، كما لا مانع من تقديم النصح advice والإرشاد دون غيرهما عند فك طلاسم النزاعات. تمت هذه الخطوة الجريئة لتصحيح المسار الضال ، وتمت بموافقة كل مكونات الحكم الانتقالي الثلاثة… على أن يكون على قمة هرم البعثة كفاءة إدارية، سودانية قومية مقتدرة ، وذات خبرة أممية ثرة ومهنية عالية high professionalism.:::…ثالثا :::أفاد السفير عمر أن "حمدوك"بحنكته وحكمته وبذكائه الفطري المتوقدة وبخبرته الأممية وتجربته الطويلة العميقة،فطن إلى تحويل السودان للفصل السادس السلمي المسالم، الخدمي و المساعد. بدلا عن الفصل السابع العقوبي الرادع ،القاهر المعيب الذي فرض على الوطن فرضا خلال العهد البائد مسنودا بقوة عسكرية باطشة،كادت أن تقضي علي الأخضر واليابس.رابعا :::بتقديم السفير "عمر" أعانه الله هذا الطبق الدسم بعد الشرح العلمي المهني الوافي…scientific and professional. … والمؤانسة الدبلوماسية الوسيمة الثرة التي انسابت من ذاكرة السفير اليقظة. يسدل اليوم الستار علي النافذة المثيرة للجدل حول الفصلين في المجتمع السياسي. وتطفأ جذوة الصراع الفكري intellectual conflict. ..وتنقشع سحائب الشك والريبة والهوس الجهوي المصطنع، ويصمت كل صوت جائر، حاقد وحاسد."وأسكت "عمر" قول كل خطيب"…لأننا عرفنا فيك " ياعمر" دماثة الخلق، والكاريزما الجاذبة المشرقة، النجابة العلمية والمهنية، سعة الأفق ، الصدق والنزاهة والوطنية الصارخة. فلا غرابة فقد تم اختيارك مساعدا للامين العام للأمم المتحدة الأسبق، ورئيسا للبعثة الأممية بالصحراء الغربية سابقا، وعملت سفيرا للسودان بدول رئيسة.معذرة فقد قصمت ظهرك اخي الصديق العزيز. أخي حمدوك : الكرة في ملعبك، وباللوحة الذهبية لاعب أممي بارع ماهر، رسول سلام وكنز ثمين لا يضاهيه أخر. وفقك الله "ياحمدوك" ورمضان كريم وربنا يرفع البلاء عن وطني وسائر بلاد العالم… والله مجيب الدعوات. عاشق للوطن