أنا تلعب دور مسئول الانتخابات في التمرين وللمفارقة فإنها تنحدر من بلد عانى الأمرين بفعل العنف الانتخابي قبل سنوات، فيما تطل اشباح ذات العنف مع كل انتخابات كينية، لذلك ربما تدرك أهمية أن تكون هناك قوات اقليمية محترفة ومدربة قادرة على تعزيز السلم وفض العنف في حال اندلاعه في اي بقعة من الإقليم والقارة، فكما يقول المثل الإفريقي "عندما يندلع حريق في منزل جارك لابد أن تسارع لإطفائه قبل أن يمتد اليك". اختبار جاهزية أنشئت قوات (ايساف) بقرار من الاتحاد الإفريقي في 2004م بأديس أبابا، وتعمل تحت مظلته وتتكون من ثلاثة مكونات (عسكري وشرطي والمدني)، وهي جزء من قوات إفريقيا الاحتياطية، وقد بدأ تشكيلها في العام 2015م من قوات تتبع لبلدان الإقليم الشرقي لأفريقيا المعروفة بدول شرق ووسط أفريقيا (السودان، إثيوبيا، جيبوتي، الصومال، كينيا، يوغندا، رواندا، بورندي، جزر القمر، سيشل)، وتم تكوينها وفقا لنص بروتوكول مجلس السلم والأمن الإفريقي، وهي ضمن خمس قوى عسكرية تمثل أقاليم جغرافية أفريقية، تعمل منفردة أو ضمن قوة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، للانتشار متى ما طلب منهم ذلك، والتدخل والتعامل مع الأحداث لحفظ ودعم عملية السلام في الإقليم، ومنذ العام 2014 أعلنت (ايساف) جاهزيتها للتدخل لفض النزاعات وإرساء السلام، واضعة إمكانياتها تحت تصرف الاتحاد الإفريقي. وليس بعيدا عما سبق يقول نائب رئيس هيئة الأركان السودانية الفريق أول يحيى محمد خير أن السودان حريص على نجاح التمرين. مضيفا:"رؤيتنا تعزيز السلم ودرء النزاعات وإدارة الأزمات عبر التعاون الإقليمي الذي يحفظ للمنطقة استقلاليتها". في السياق يقول مدير التمرين اللواء عز الدين عثمان إن الهدف من التمرين إيصال قوات شرق إفريقيا للجاهزية القصوى لتعزيز الأمن والسلم في الإقليم والقارة عبر مواجهة مختلف السيناريوهات لقوات تقدر بأكثر من ألف شخص من 10 دول. في ذات السياق، يقول قائد قوات (ايساف) العميد علاء الدين ميرغني إن هناك حالات تستلزم التدخل لوضع حد للنزاع المسلح داخل الدول أو فيما بينها، خاصة عندما تطلب تلك الدول من الاتحاد الإفريقي التدخل لحل الأزمة وفقا لمبادئ الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، ويضيف ميرغني:"أحيانا يكون التدخل ضروريا وليس مشروطا بطلب حينما تستفحل حالة التدهور الأمني وتتسبب في كوارث إنسانية مثل جرائم الحرب والإبادة الجماعية وهو ما يعرف بالسيناريو السادس". ينظر مراقبون إلى تدريب (سلام الشرق 2) الذي يستضيفه السودان بأنه الأهم في تاريخ الإقليم بالنظر لعدد ونوعية المشاركين ومعداتهم، فضلا عن عدد الخبراء والمستشارين العسكريين والمدنيين الأوربيين الذي يراهنون على هذه المنظمة وغيرها في وضع حد للنزاعات في قارة ما زالت تعاني من ويلات العنف والاضطرابات وهو ما يعني قدرة دول الإقليم على حسم النزاعات دون الحاجة لتدخلات خارجية. يقول قائد قوات (إيساف) العميد الركن علاء الدين ميرغني إن التمرين يمثل أهمية كبرى لدول الإقليم لاعتبارات تتعلق باختبار قدرة المنظمة بمكوناتها الثلاثة على بلوغ مرحلة الجاهزية الكاملة (Full Operational Capability) وهو ما قد يمثل البروفة الختامية لتكليف المنظمة بأدوار ومهام داخل الإقليم وخارجه وفقا لمعايير الكفاءة ومقاييس الجاهزية للكادر البشري والمعدات. من جانبه يلفت المدير التنفيذي ل(إيساف) عبد الله بو إلى أن التمرين يبرز مدى تفهم العناصر المشاركة لطبيعة العمل وكذلك يُظهر حالة التناغم والانسجام بين مكونات البعثة الثلاثة والتعاون بين الخلايا التخطيطية. كما يساهم في تنمية القدرة على التحليل والمتابعة والرصد واتخاذ القرارات الحكيمة وتطبيق مبادئ وقواعد وفنون عمليات السلام وفقاً لعقيدة موحدة تتعلق بنشر ثقافة السلام". على كل يمكن القول إن استضافة السودان للتمرين الثالث لقوات شرق افريقيا يعتبر حدثا بكل المقاييس لاسيما وأن هذه التمارين تجرى كل أربع سنوات، وإن كانت الأهمية بالنسبة ل(إيساف) واضحة وتأكيد لجاهزيتها أمام الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي لحل النزاعات وإرساء الاستقرار، فإن السودان يراهن على العديد من الأهداف الخاصة أبرزها التأكيد على مكانته الإقليمية كلاعب رئيس في المنطقة لا يمكن تجاوزه في حالة العمل على تسوية النزاعات وإحلال السلام، فضلا عن قدراته التنظيمية والتخطيطية في تنظيم مثل هذه الفعاليات واستضافة اكثر من ألف شخص، كما يمكن أن يكون التمرين فرصة للترويج للكثير من الفرص والإمكانيات التي تتوفر به وعلى رأسها السياحة.