(السودان الدولة الوحيدة المشاركة في احتفالات عيد الحرية الديمقراطية في تشاد)؛ بهذه العبارة ابتدر المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية التشادية ومدير قناة النصر الفضائية التشادية أبوبكر محمد عبد الله حديثه ل(السوداني) أمس، قاطعاً بأن الزيارة تأتي بدعوة خاصة من الرئيس الفريق إدريس ديبي للرئيس البشير لحضور الاحتفالات بعيد الحرية والديمقراطية. والدليل على ذلك أنه لا تمثيل إلا للسودان في المشاركة باحتفالات ثورة الإنقاذ التشادي ومرور 27 عاماً على وصول الحركة الوطنية للإنقاذ بزعامة الرئيس ديبي للسلطة، وأضاف: الزيارة تأتي في إطار العلاقات السودانية التشادية. وأكد أبوبكر أن الرئيس البشير والوفد المرافق له الذي يشمل وزير رئاسة الجمهورية فضل عبد الله فضل، مدير جهاز الأمن والمخابرات، الفريق أول محمد عطا المولى، ومدير مكاتب الرئيس حاتم حسن بخيت ووزير الدولة بالخارجية عطا المنان بخيت، وصلوا إلى أنجمينا صباح أمس الجمعة في تمام الساعة (الثامنة وأربعين دقيقة) بتوقيت أنجمينا، وكان في استقباله الرئيس ديبي. وطبقاً لسفير السودان بتشاد عبد العزيز حسن صالح في حديثه ل(السوداني) أمس، فإن الرئيسين البشير وديبي دخلا مباشرة في جلسة مباحثات مغلقة بعد انتقالهما إلى القصر الرئاسي، وأضاف: "لا ندري بالتحديد ما دار بين الرئيسين، ولم يرشح شيء لجهة أنها كانت مغلقة عليهما فقط". برنامج الاحتفال فيما كشف أبوبكر عن أن الرئيسين خلال جلستهما المغلقة تناولا عدداً من القضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك بالإضافة بعض القضايا الإقليمية والدولية - رافضاً الإفصاح عن المزيد من التفاصيل-. نهاية الجلسة المغلقة بين الرئيسين كانت إيذاناً ببدء البرنامج الاحتفالي، فتوجَّه الموكب إلى ميدان الأمة للمشاركة في العرض العسكري والكرنفالات الاحتفالية التي استمرت ساعتين ونصف الساعة بحسب المستشار الإعلامي للرئاسة التشادية. ووصف عبد الله استقبال الرئيس البشير بمقر الاحتفال بالتاريخي ووصفه ب(الرائع جداً) من الجماهير بحضور الجالية السودانية وطاقم السفارة وكل المهتمين بالملف السوداني، وأضاف: "الطريقة الاحتفالية لاستقبال البشير قطعت طريق الشك في احتمالية تعكير صفو الأجواء بين الدولتين، وقطعت الطريق على من يحاولون الاصطياد في الماء العكر بين الرئيسين". أجندة الزيارة من جانبه أكد السفير عبد العزيز أن الزيارة رغم طابعها الاحتفالي، إلا أنها كانت فرصة لاستعراض الكثير من الملفات والقضايا التي تهم العاصمتين، معتبراً أن الأجندة تتلخص في القوات المشتركة وتأمين الحدود من المتفلتين، الحركات السالبة في البلدين، متابعة الجريمة المنظمة، والإرهاب، بالإضافة إلى الحركات المتوقع أن تنشط في مثلث المنطقة السودانية التشادية الليبية، وكذلك الأوضاع في ليبيا وإفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، والنظر في القضايا ذات الاهتمام المشترك. الملف الاقتصادي لم يكن بعيداً عن أجندة الزيارة، وهو ما أكده السفير السوداني بقوله إنه من ضمن برنامج الرئيس البشير خلال يومي الزيارة الالتقاء بالجالية ورجال الأعمال وأعضاء الغرفة التجارية، والفعالين من كبار الاقتصاديين لجهة أن العلاقات الاقتصادية بين الخرطوم وأنجمينا أحد الهموم المشتركة لتطوير العلاقات بين البلدين، وبالتالي فهي من أجندة الرئيس. ملف الحدود بدا المسألة الأبرز التي تهم الخرطوم لجهة ما يلقيه ذلك من ظلال على رفض الكثيرين تسليم سلاحهم في دارفور خوفاً من الاعتداءات الحدودية، وهو أمر قلل منه أبوبكر، معتبراً أن الاشتباكات الأمنية التي تحدث في الحدود من حين إلى حين، كثيرون يسعون إلى تضخيمها عبر توصيفات غير حقيقية ويحاولون إبرازها على أنها بين البلدين أو بين قبائل، وهذا أمر غير حقيقي، وأضاف: "هذه الاشتباكات تحدث بين متفلتين لذا كان الرئيس ديبي حريصاً على إصدار قرارات صارمة لفرض هيبة الدولة عبر توجيه القوات المشتركة في الحدود بأن يتم حسم هذه التفلتات فوراً"، قاطعاً بأنه لا مشكلات بين تشاد والسودان إطلاقاً، لأن القوات المشتركة ضابطة للأمن في الحدود. ما بين البشير وديبي تفاصيل (معزة) خاصة بين الرجلين كشف عنها المستشار الإعلامي للرئاسة التشادية، لخصها في عبارة (البشير ضيف عزيز) جاء للمشاركة، كاشفاً عن أن الرئيس دبي أقام مأدبة عشاء كبيرة على شرف البشير والوفد المرافق له تخللتها الأغنيات والرقصات التشادية. ووصف أبوبكر العلاقة بين الرئيسين بالمميزة والخاصة جداً، لجهة أن الرئيس البشير كان من أكبر الداعمين لوصول الرئيس إدريس ديبي للسلطة في تشاد حين كان الأخير في حركة معارضة تشادية في السودان، وأضاف: "العلاقة الخاصة بينهما وصلت حد تسمية الرئيس ديبي لابنه بعمر البشير"، مؤكداً على العلاقة الأخوية بينهما بالإضافة إلى أنهما من أبناء المدرسة العسكرية. كاشفاً عن أن الفريد في قمم وزيارات البشير إلى أنجمينا هو أن البشير لا يقيم في قصر ضيافة أو غيره وإنما هناك مقر وبيت دائم باسم (بيت البشير)، يتم ترتيب إقامته فيه دائماً خصصه له الرئيس ديبي منذ وقت مبكر، ولا يقيم فيه معه أي رئيس. من جانبه اعتبر سفير السودان عبد العزيز حسن، أن ما يُضاعف من مكانة ديبي أدواره المشهودة والمقدرة في التوسط مع حملة السلاح ومحاولات إقناعهم بالمشاركة في الحوار الوطني ونشاطه الدائم في ملف سلام السودان في دارفور بالإضافة إلى مشاركته في جمعية الحوار الوطني. الملف الحساس تكهنات وتحليلات تزامنت وزيارة الرئيس البشير إلى أنجمينا، وذهبت إلى أن من ضمن أجندة الزيارة مناقشة ملف موسى هلال، بحكم أن الأخير يرتبط بصلة قرابة ما بالرئيس ديبي، عبرت عنها زوجة هلال نجاة حسين ونقلتها تقارير إعلامية سابقة، وقالت فيها إن ثمة علاقات رحم وصلة قرابة بين ديبي وهلال لجهة أن جدة موسى هلال من البديات ووالدته من القرعان والبديات، كاشفة عن أن علاقة الرجلين متينة وممتازة بحكم أن موسى هلال استطاع خلال السنوات الماضية إقناع العديد من قيادات المعارضة التشادية بالمصالحة مع ديبي من أجل صناعة السلام والاستقرار في كل المنطقة. بيد أن أبوبكر محمد عبد الله سارع إلى استبعاد استعراض أو مناقشة ذلك، وأضاف: "ما يحدث في حملة جمع السلاح يعد شأناً يخص السودان ويرتبط بفرض هيبة الدولة، أي أنه شأن داخلي، فالعلاقات السودانية التشادية متينة حتى الآن"، قاطعاً بأنه مهما كلف الأمر فلن تمضي العلاقات في الخط الذي يتوقعه المتشائمون. فيما يرى عبد العزيز أن ما يُكسِب الزيارة أهمية قصوى خصوصاً في هذا التوقيت التحولات الماثلة في الإقليم والسودان بالأخص موضوع جمع السلاح والتطورات التي حدثت مؤخراً في الأسبوع الماضي، وأضاف: "لا نستطيع القطع بأن الرئيسين سيتطرقان لموسى بقدر ما أن الأوضاع في السودان ستكون في الأجندة حاضرة خصوصاً أن هناك أشياء تهم الخرطوم وأخرى تهم أنجمينا فأي شيء يسهم في تأمين الحدود ويخلق الاستقرار والسلام ستتم مناقشته".