لماذا نجحد بعواطفنا على الآخرين إن كانوا والدين أو أبناء أو أقرباء أو حتى المارة بالطريق... ولماذا لغة الجمود هي لغتنا فماذا تضير بسمة ترحيب أو سلام أو كلمة صادقة تعبر عن ما في دواخلنا دون أن نحملها أكثر من معناها... لماذا نحمل دائماً الآخرون وزر الآخرين... وكأن الكلمة الطيبة أو الرقيقة هي مصدر ضعف أو عيب أو خطأ يجب أن نعاقب به أنفسنا قبل الأقربين. نحن لسنا في "المدينة الفاضلة الحالمة" حتى نطلب أن توزع العواطف كما توزع الصحف... فقط ما نطلبه أن نراعي أننا بشر إذن بالتاكيد نحتاج للمشاعر الطيبة... فجحودها على الأقربين نابع منا... فمجرد التفكير فيها عند قاموس الكثيرين "عواره" وهروب من أراض الواقع هو ما قد يدفعنا لنبحث عنها ولكن للأسف دائماً عند "الأغربين" وليس "الأقربين". فما يضير بمزحة طيبة مع الأبناء أو التعبير عن الشوق إليهم وحبهم حتى وإن كانوا تحت أعيننا... فأين نذهب لنفرق تلك العاطفة التي حبانا الله بها... وأين سيذهبون هم للبحث عنها ولا نستثني "الأزواج"... تحدثنا مراراً وتكراراً عن الإشباع الروحي بكل أشكاله التي تعبر عنه ومدى حاجتنا له كبشر من "لحم ودم" فلما ننكره ونتعالى عليه كأن فيه ضعف لأنفسنا قبل الآخرين... ولما نترك "حجراً" في مكانها معلنين أنها منطقة جمود وخطر ممنوع الاقتراب منها لا "تكسر" ولا "تذوب" مهما تغيرت الظروف من حولها... دعونا لا نشحذ العواطف الصادقة فهي لا يتسول بها و"لو من أجل المال" ولا تشترى به... ولنتصارح مع أنفسنا أولاً ونفرق بينها والكرامة أو "العقاب" ولنتذكر دائماً أن تجاهلها يجعلنا دائماً والأقربين نبحث عنها في تربة خصبة للأخطاء إن دخلناها غصنا... فهي كالرمال المتحركة لا تبتلع الروح فقط بل الجسد أيضاً معها... ولنغذي الروح فغذاؤها لا يحتاج إلى المال أو العرق أو التعب فقط وببساطة شديدة مشاعر طيبة "صادقة" وكلمة حلوة حبانا الله بها... نحن لا نتحدث عن الرومانسية والإفراط في المشاعر تجاه الغير فقط ما نطلبه هو عدم الجحود بها والتوازن في بثها على موجة يفهمها ويحتاج إليها البشر... وهي ليست عيباً أو حراماً... وذكرنا للعيب قبل الحرام لأننا في مجتمع تربينا فيه على أن العيب أكبر و"أخطر" من الحرام حتى وإن دفعنا هذا العيب للحرام "وهو مفهوم مغلوط ومرفوض بالطبع" ولكنه للأسف واقع الحال... فلا ندع أنفسنا والغير نشتريها بمردود قذر... ليس إلا لأننا نبحث عنها في المكان الخطأ تحت أي مسمى كان لأننا في حوجة لن ينفعنا النكران إليها... فالعيب يلازمنا في الدنيا فقط أما الحرام فهو مدخلنا للآخرة.... فلنترك هذا الجحود ونروي أهلنا ومجتمعنا من ما حبانا الله به من كلمة طيبة صادقة حلوة تخفف علينا تعب الحياة وتكسر رتمها الصعيب... فهي لن تصلح ما دمنا جحوداً نشحذ الكلمة الحلوة الصادقة.