انتهينا أمس الأول إلى ما طرحه الكاتب بصحيفة الانتباهة أحد منظري منبر السلام العادل.. ويفترض أنه ذو خلفية عسكرية.. من أن التفكير الاستراتيجي تجاه الجنوب يجب أن يكون قائماً على العداوة المطلقة.. مع إصرار الكاتب وتكراره بين الفينة والأخرى على أن جنوب السودان هو العدو المحتمل... والمطلق.. ووفقا لخبراء الاستراتيجيات الأمنية والعسكرية فإن مسألة.. العدو المحتمل والمطلق هذه لها معايير.. أهمها أن لا سبيل إلى التلاقي أصلاً بين الأمتين.. أو الشعبين.. أو أن مشروعية وجود طرف قائمة على زوال الآخر.. كالعلاقة مثلا بين اليهود والفلسطينيين.. أو أن يكون الصراع على مصلحة لا تحتمل القسمة على اثنين.. أو غياب مصالح مشتركة بين الطرفين بالكامل.. فهل ينطبق ذلك على العلاقة بين دولتى السودان وجنوب السودان..؟ الإجابة بالطبع لا..! وأشرنا كذلك إلى أن الحيثيات التي أوردها الكاتب لاستحالة تحسن العلاقة بين السودان وجنوب السودان كانت قائمة فى حالة العلاقة مع دول أخرى وأمكن تجاوزها وأصبحت العلاقة نموذجاً اليوم.. وتساءلنا.. ما الذي يمنع أن تنطبق حالة التحسن والنموذجية هذه على العلاقة مع جنوب السودان..؟ خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن المصالح المشتركة بين الدولتين أكبر بكثير من أي مصالح تربط السودان مع أي من جيرانه الآخرين..! المؤكد أن الكاتب يعلم كل هذه الحقائق.. ويعلم أكثر من ذلك أن الحدود التي تتجاوز الألفي كيلومتر.. يصعب إن لم يستحيل أن تتوفر لها حماية بالوسائل التقليدية المعروفة من جيوش وعتاد وتموين وتشوين.. بل أن السياسي الحصيف والخبير الاستراتيجي المؤهل بالخبرة والعلم والرؤية الثاقبة.. وقبل ذلك الحريص على المصلحة العليا للوطن.. وهذه نقطة محورية.. ومركزية.. فى تحليلنا.. هو الذي ينبغي أن يشحذ الذهن لاستنباط وسائل تأمين غير تقليدية لحماية هذه الحدود الطويلة والمعقدة.. الكاتب يعلم كذلك.. ولا يغيب عنه.. أن هذه الحدود أيضا في معظم أجزائها مكتظة بالسكان.. وفي أخرى ضاجة بحركة هؤلاء السكان.. والكاتب يعلم.. أو يفترض بحكم الخبرة.. أنه يعلم أن وجود كثافة سكانية على الحدود يمكن توظيفها لتأمين هذه الحدود وليس العكس..! إذن.. لمصلحة من الإصرار على إنهاك الجيش عوضاً عن استنباط الحلول السياسية؟ نحاول الإجابة غداً.