تتحدث بعض المنشورات والأصوات والمقالات هذه الأيام عن مجموعة تفترض فيها إدارة الدولة وترمز لها باسم (شلة المزرعة ) وفي قياداتها السيد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك والمستشار بمجلس الوزراء السيد الشيخ خضر والدكتور صلاح عوض وهو صاحب المزرعة التي قيل إنها محل اجتماع مجموعة إدارة الدولة وهو ايضا عراب المشروع وصاحب كتاب (الدولة التنموية الديمقراطية)الذي تستند إليه التجربة. بعيدا عن التصورات الشخصية والتي قد لا تكون كلها صحيحة وبعيدا عن مصطلحات (الشلة) و(المزرعة) والتي قد تكون ذات غرض سياسي من خصوم المجموعة من كل اليمنيين وبعض اليساريين على حد سواء فإن الفكرة نفسها جديرة بالانتباه وبالنقاش. ان فكرة الدولة التنموية لاقت في العقود الأخيرة نجاحا باهرا في عدد من الدول خاصة اليابان والصين وكوريا الجنوبية وبقية النمور الآسيوية وعلى الطريق في أفريقيا دولتا رواندا وأثيوبيا وشخصيا أعتقد أن فكرة الدولة التنموية أكثر ما يناسب الحال والواقع السوداني لو أنها وجدت الطريق الصحيح للتطبيق. الفكرة باختصار وتبسيط ارجو ألا يكون مخلا هي مخالطة ما بين الرأسمالية المتوحشة والاشتراكية الجافة وذلك بأخذ حسنات اي من النظريتين ودمجهما معا وهي تعني بذلك عدم خروج الدولة بالكامل من مجال الاقتصاد وإدارة الخدمات وعدم فرض سيطرتها الكاملة في ذات الوقت على هذي المجالات وبمعنى أكثر مباشرة ان تضطلع الحكومة بوضع خطة اقتصادية حاكمة توجه من خلالها الاستثمار والخدمات مع حرية كافية لحركة الأموال داخل هذه الدائرة الواسعة من السياسة والتي تحققها الخطة وبما يضمن تحقيق دولة التنمية وحماية الشرائح الضعيفة وحفظ حقوقها المادية فيها. لن تنجح شلة المزرعة ولا حكومة حمدوك ولا السودان كله في تحقيق تجربة الدولة التنموية ما لم تضع أشراطها المسبقة واللازمة وفي مقدمتها إحلال السلام وإجراء المصالحة الوطنية التي لا تستثني أي مجموعة من هذا المشروع الوطني الكبير. ان الحرب والتفلتات الأمنية وظاهرة الكراهية التي بدأت تنتشر في المجتمع السوداني وحالات الاستقطاب السياسي الحاد حتى داخل المجموعة الحاكمة والحاضنة للحكومة إضافة إلى ممارسات الحكومة نفسها والتي تبشر بمشروع الدولة التنموية وتسعى لتطبيق سياسات البنك الدولي كلها معوقات حقيقية ستهزم الفكرة والتي ما زالت مجرد فكرة ! تعرف حكومة الدكتور عبدالله حمدوك و(شلة المزرعة)ان وجدت على أرض الواقع ما يجب عليها فعله اليوم وقبل غد ان أرادت تنزيل فكرة الدولة التنموية على الواقع وإلا بقيت مجرد أحلام ولا أوهام في ظل الواقع المرير والمستقبل القاتم.