الواحدة والنصف منتصف نهار (أمس)، كان الهدوء سيد الموقف بالمحكمة. حاجب المحكمة الشرطي عماد عبد الرحمن قصد حراسة المحكمة، وأحضر المدان نائب حركة هاشم ديدان في القضية، الذي كان قد صعد السلم، حتى وصل إلى قاعة محاكمته، ومن ثم أدخل إلى قفص الاتهام وأغلق عليه بإحكام. (السوداني) رصدت جلوس المتهم داخل القفص دون حراك، بالإضافة إلى أن القاعة كانت خالية من الحضور سوى شخص واحد من ذويه ولفيف من مندوبي الصحف. في المقابل، كان ممثل الاتهام وكيل نيابة أمن الدولة معتصم عبد الله، حاضراً بجانب ممثل الدفاع عن المتهم مندوب العون القانوني بوزارة العدل مناهل. لم تمر دقائق حتى اعتلى قاضي المحكمة عابدين حمد ضاحي، منصة المحكمة وتلا حيثيات الحكم. ارتكاب حادثتين قاضي المحكمة ابتدر في تلاوة قراره، بأن المدان يواجه تهماً في بلاغين منفصلين دُوِّنَا في مواجهته بغرب كردفان، إلا أنه تم ضم البلاغين ليكونا واحداً بأوامر من المدعي العام لجمهورية السودان وإحالته لنيابة أمن الدولة لأغراض التحري فيه. وأفاد أن البلاغ الأول حُرِّرَ بقسم شرطة الدبيب في مواجهة المدان، ويفيد بأنه وبتاريخ الثامن من أبريل للعام 2014م، هاجمت مجموعة مُدجَّجة بالسلاح كانت على عربة لاندكروزر حقل بترول كنار بمنطقة دفرة بولاية غرب كردفان، وتغلبت على الحرس وقتلت ثلاثة من أفراد جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ونهبت متعلقات تتبع للجهاز عبارة عن سيارة على متنها سلاح دوشكا. ونوهت المحكمة إلى أن المدان والمجموعة المسلحة معه اقتادوا أشخاصاً أجانب بجنسيات جزائرية وصينية أسْرى، وطالبوا مقابل إطلاق سراحهم بفدية مالية. في المقابل، كشفت المحكمة في قرارها عن البلاغ الثاني المدون في مواجهة المدان نائب حركة هاشم ديدان المسلحة بتاريخ 18 /4/2014م بقسم شرطة هجليج يفيد بأنه وآخرين قطعوا طريق عربة تابعة لشركة النيل للبترول عقب حادثتهم في الحقل، وأطلقوا أعيرة نارية على إطارها وأوقفوها، وأجبروا سائقها العامل بالحقل وعدداً من النظاميين على الجلوس أرضاً، واستولوا على أسلحتهم ومقتنياتهم الشخصية من هواتف محمولة وغيرها، بجانب استيلائهم على العربة. وكشفت المحكمة أن المتهم وعقب القبض عليه واقتياده لقسم الشرطة وباكتمال التحريات في مواجهته، أُحيل للمحكمة وسجل اعترافاً قضائياً بالواقعة، وأقر بمشاركته بالهجوم المسلح. "الدعم السريع" تحسم الموقف وعقب وقوع الحادثتين، تمكنت قوات الدعم السريع من القبض على المدان نائب حركة هاشم ديدان بأحد المعسكرات التابعة للحركة بمنطقة غرب الدمبلوية، بالإضافة إلى تمكن الدعم السريع من العثور على (3) سيارات تتبع للجهاز. مناقشة عناصر الاتهام لمناقشة عناصر الاتهام طرحت المحكمة سؤالاً يتعلق بمشاركة المدان ضمن مجموعة مُسلَّحة في الهجوم على حقل كنار وقتل حراس تابعين للأمن ونهب أموال العاملين بالحقل وأسْر آخرين. وبالإجابة عن سؤال المحكمة، نبهت إلى أنه في وقت سابق ليوم الحادثة وعند السابعة صباحاً، هجمت مجموعة مسلحة على متن عربة لاندكروزر دون لوحات بها أفراد عددهم بين (40) و(50) شخصاً فتحوا النيران على أفراد الأمن، وتبادل الطرفان إطلاق النار وأصيب أفرادٌ من الأمن، فيما تطابقت أقوال شاهد الاتهام الأول في ذات الوقت مع أقوال المبلغ، وأضاف أن المجموعة المسلحة التي هجمت عليهم كان يرتدي أفرادها أزياءً عسكرية مبرقعة وأقنعة على وجوههم تسمى (الكدمول)، بالإضافة إلى نهبهم أجهزة ثريا وإتلاف زجاج مكاتبهم بالحقل، بجانب أخذ المجموعة المُسلَّحة سيارة تابعة للجهاز بها سلاح دوشكا، وأُصيب مهندس جزائري بعيار ناري بقدمه وأخذوا اثنين من الجزائريين وصينيين أسْرى ورفض إطلاق سراحهم، إلا بفدية مالية. وكشف شاهد الاتهام أنه تم أخْذه أسيراً، ولم يُطلق سراحه إلا بدفع فدية قدرها (65) ألف جنيه. ونوهت المحكمة في حيثيات قرارها إلى أن شاهد الاتهام الأول أشار إلى تعذيب المدان فرداً تابعاً لحقل كنار، وكان يضربه بمؤخرة سلاح كلاشنكوف (دبشك) حتى لقي حتفه متأثراً بالتعذيب، ومن ثم تم رمى جثته، ولم تُدفن. وكذلك أشارت المحكمة في قرارها إلى أقوال شاهد الاتهام الثاني الذي كشف أسره ما يقارب خمسة أشهر بمعسكر الحركة بغابة مشار أكول ناحية الجنوب، وكشف أن المدان كان الرجل الثاني في المعسكر، ولم يُطلق سراحه إلا بدفع والده الفدية، واتضح أن المدان ضابط بالحركة برتبة ملازم أول وهو القائد الثاني للحركة ويقوم بأعمال الهجوم مع آخرين والقبض على الأسْرى وتعذيبهم بمؤخرة سلاح كلاشنكوف، وركلهم ب(البوت) الذي يرتديه. وعقب مناقشة المحكمة للحيثيات توصلت إلى أن المدان وبتنفيذه وآخرين هجوماً مسلحاً، خارجٌ على القانون، بالإضافة إلى تخريب ممتلكات الدولة، وقصدوا بذلك فعلاً جنائياً بالقتل والتخريب وترويع العاملين بالحقل. في السياق، توصلت المحكمة في حيثيات قرارها، وثبت لديها أن المدان وأفراداً من المجموعة المسلحة، قطعوا طريق عربة تابعة لشركة النيل للبترول عقب حادثتهم في الحقل، وأطلقوا أعيرة نارية على إطارها وأوقفوها، وأجبروا سائقها العامل بالحقل وعدداً من النظاميين على الجلوس أرضاً، واستولوا على أسلحتهم ومقتنياتهم الشخصية من هواتف محمولة وغيرها، بجانب استيلائهم على العربة. "أمن الدولة" تترافع ممثل الاتهام وكيل أول نيابة أمن الدولة معتصم عبد الله محمود، وعقب إدانة المدان بالاشتراك الجنائي وإثارة الحرب ضد الدولة والحرب والقتل والنهب، من القانون الجنائي وأدانته بالمواد (5/6) من قانون الإرهاب، وطالب المحكمة بتوقيع أشد العقوبة على المدان لأنه يتبع لحركة مسلحة هددت أمن المواطنين واستقرارهم ونهبت ممتلكاتهم، مشيراً إلى أن المجموعة المسلحة أتلفت ونهبت أموال الدولة وقتلت (4) من أفراد جهاز الأمن والمخابرات الوطني أثناء تأدية مهامهم الرسمية بأمانة وشرف، منوهاً إلى أن المدان وآخرين معه وبارتكابهم للجريمة تجردوا من الإنسانية بتعذيبهم شخصاً - يلقّب بأدروب - تابعاً للحقل حتى لفظ أنفاسه تحت وطأة التعذيب، وبرر أيضاً الاتهام مطالبته بتوقيع أشد العقوبة في مواجهة المدان لأسْر أجانب مهندسين بالحقل وآخرين سودانيين وطلب فدية، منوهاً إلى أن ذلك يضر بوضع البلاد على المستوى العالمي والمحلي. الجديد بالذكر، أن محكمة الاستئناف في وقت سابق ألغت عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت مع الصلب في مواجهة نائب حركة هاشم ديدان، ووجه قضاة الدائرة الجنائية قاضي محكمة الإرهاب بمراجعة الإدانة وإعادة الإجراءات لأن الإدانة والعقوبة جاءت مجتمعة، ولم تنظر محكمة الموضوع في أن التهمة في مواجهة المتهم لم تكن منفردة وشددت العقوبة.