بدأت بوادر الأزمة بين نواب الاختصاصيين ووزارة الصحة بالجزيرة نهاية الأسبوع الماضي عقب صدور قرار من وزارة الصحة بإيقاف حوافز الأطباء نواب الاختصاصيين بالولاية، ونص القرار الصادر من مدير عام وزارة الصحة بالولاية د. نزار القدال، وتحصلت عليه (السوداني) أمس، بإيقاف جميع حوافز الأطباء نواب الاختصاصيين اعتباراً من يناير 2018م لحين الوصول لاتفاق مع وزارة الصحة الاتحادية ومجلس التخصصات الطبية للإيفاء بالحوافز. بيان للناس وطبقاً لبيان صادر من لجنة نواب اختصاصيي ولاية الجزيرة، وتحصلت عليه (السوداني) أمس، فإن الأزمة افتعلتها وزارة الصحة بالولاية، ما يوضح الخلل الكبير في النظام الصحي، ليتضمن البيان قرار اللجنة برفض قرار مدير عام وزارة الصحة بالجزيرة الذي نص على إيقاف الاستحقاقات المالية.. موقف اللجنة لم يتوقف عند رفض القرار بل وأعلنت أيضاً انسحاب جميع نواب الاختصاصيين بجميع تخصصاتهم من المستشفيات والتوقف عن العمل اعتباراً من صباح أمس الإثنين. وأوضحت اللجنة أن الخطوة التي أقدمت عليها وزارة الصحة تعني أن الوزارة في الأساس لا تهتم بحياة المرضى لأن النواب هم العصب الحي في المستشفيات، وأضافت: "بعد أن حرمت المواطنين من أبسط حقوقهم في العلاج وتقديم الخدمة بتعقيداتها، ها هي تعلن الحرب على الأطباء". وأكدت اللجنة أن القضية ليست قضية النواب وحدهم ولم تكن يوماً قضية حوافز بل هي قضية كرامة. الانسحاب الذي أعلنته اللجنة شمل النواب الاختصاصيين بجميع تخصصات الجراحة، الباطنية، الأطفال، النساء والتوليد، الأنف والأذن والحنجرة، التخدير، العظام، الجلدية المسالك البولية، الجراحة الأطفال، مركز أمراض القلب، جراحة التجميل، جراحة المخ والأعصاب، وطب وجراحة العيون والأورام، وذلك بكل المراكز التدريبية بود مدني، الحصاحيصا، المناقل ورفاعة. ورهنت لجنة نواب الاختصاصيين العودة لتقديم الخدمة بالمستشفيات بإزالة وإلغاء القرار الصادر من مدير عام وزارة الصحة بالولاية القاضي بإيقاف الاستحقاقات المالية لنواب الاختصاصيين، إضافة إلى زيادة نسبة الكشف الموحد للنواب كاملة بأثر رجعي وبصورة كاملة، فضلاً عن زيادة نسبة حافز المستشفيات الثابت وال(نبطشيات) والإعاشة، بما يتوافق مع الوضع الاقتصادي الراهن وغلاء المعيشة، إلى جانب زيادة نسب العمليات بعد ارتفاع رسوم العمليات، وتحديد نسبة ثابتة للنواب وصرفها شهرياً، كما طالب نواب الاختصاصيين في حالة عدم الاستجابة والإيفاء بالمطالب بإعادة استيعاب النواب بمراكز تدريبية أخرى. الصحة ترد: الطرف الآخر ممثلاً في وزارة الصحة ولاية الجزيرة تحدث عنها متخذ قرار إيقاف حوافز الاختصاصيين مدير عام وزارة الصحة د. نزار القدال، ويذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن القرار الذي اتخذه بإيقاف جميع حوافز نواب الاختصاصيين اعتباراً من يناير 2018م يصب في مصلحة النواب واستقرارهم. ويرى نزار أن الغرض من اتخاذ القرار أن يتم دفع المستحقات المالية عبر الصحة الاتحادية ومساواتهم ببقية رصفائهم بالولايات، مؤكداً تقدير الوزارة للدور الكبير للنواب في تقديم الخدمة بالمؤسسات الصحية. وأشار نزار إلى اتخاذ الوزارة لبعض التدابير لمواجهة توقف النواب في بعض المستشفيات. لافتاً إلى إصرار وزارة الصحة بالولاية بأن يتم تحفيز النواب عبر الصحة الاتحادية خصماً من ال2% التي يتم خصمها عبر المفوضية القومية لمراقبة تخصيص الإيرادات التي يدفع منها للنواب في جميع ولايات السودان، عدا ولايتي الخرطوم والجزيرة. المركز في المشهد: وتوقع القدال وصول وفد من المركز اليوم –الثلاثاء- إلى ودمدني، يضم وكيل وزارة الصحة الاتحادية، ورئيس مجلس التخصصات الطبية لمناقشة المشكلة بعقد اجتماع بين الوفد ووالي ولاية الجزيرة، لبحث المشكلة ومعالجتها جذرياً. وتأسف القدال على حديث النواب في بيانهم، ووصفهم بيئة العمل بغير المهيأة، موضحاً أن والي الجزيرة قدم دعماً سخياً لقطاع الصحة في العام الماضي، بتأهيل وصيانة جميع المستشفيات بحاضرة الولاية بتكلفة نحو 170 مليون جنيه، وتوفير جهاز للرنين المغنطيسي بنحو 40 مليون جنيه، فضلاً عن توفير أجهزة ومعدات بجميع المستشفيات لتحسين بيئة العمل إضافة إلى صيانة ميز الأطباء. مشاهد ومآسي وشكا عدد من المرضى خلال جولة (السوداني) أمس، بمستشفيات ودمدني التعليمي، الطوارئ، النساء والتوليد، والأطفال من تفاقم الوضع الصحي نتيجة لعدم وجود الأطباء بشكل مستمر بالمرور الصباحي والعيادات، وأكد المرافق عبد الله محمد عثمان في حديثه ل(السوداني) أمس، أنه لا يمكن أن يعامل المرضى بهذه الطريقة اللا إنسانية -على حد وصفه- موضحاً أنه أتى مرافقاً لوالدته إلى مستشفى ود مدني بسبب ألم في البطن، ولكن عدم وجود الأطباء فاقم معاناتها أكثر، مشيراً إلى عدم وجود نفقات علاجية لمتابعة والدته بالعيادات الخاصة، وناشد عبد الله وزارة الصحة ووالي ولاية الجزيرة بالاهتمام بتحسين الخدمات العلاجية بإلزام الأطباء بالوجود بالمستشفى لاكتشاف آلام المرضى ومعالجتها. أما في مستشفى النساء والتوليد لم تختلف الشكاوى كثيراً، باستثناء أن حالات الحوامل والعمليات تحتاج إلى رعاية ووجود مستمر للأطباء، واعتبرت المرافقة فاطمة في حديثها ل(السوداني) أن توقف بعض الأطباء عن العمل أمس، فيه عدم جدية من حكومة ولاية الجزيرة بمعالجة القضية قبل الوصول لهذه المرحلة التي يتضرر منها المريض والمواطن البسيط، وأضافت: "على الرغم من متابعة الاختصاصيين للحالات، إلا أنهم في حالة ضغط نتيجة للتردد العالي، لأن عدد المرضى كبير وكذلك المنتظرين لإجراء العمليات". أحد الاختصاصيين -فضل حجب اسمه- في حديثه ل(السوداني) أمس، قال إن لنواب الاختصاصيين قضية عادلة يجب معالجتها، وأشار إلى أن انسحابهم والتوقف عن تقديم الخدمة بالمستشفيات سيؤدي إلى نتائج كارثية، وأضاف: "نحن الأختصاصيون نواجه ضغوطاً كبيرة بمتابعة بعض الحالات والمرور، إضافة إلى الضغط في العيادات الخاصة نتيجة لهروب بعض المرضى من المستشفى". عموماً لا يبدو أن الأزمة ستمر بسلام لجهة أن التصعيد ما أن بلغ اليوم الثاني لانسحاب نواب الاختصاصيين، حتى تقدم مجموعة من الاختصاصيين في الجراحة العامة بمذكرة إلى مدير مستشفى ود مدني يخلون عبرها مسؤوليتهم من حدوث أي مضاعفات أو فقدان أرواح نتيجة للضغط الكبير في ظل عدم إحضار أطباء لتغطية الحالات.. كما تقدمت مجموعة أخرى من الأطباء بالمركز القومي لجراحة الأطفال بمذكرة أعلنوا خلالها عدم تمكنهم من تغطية الحوادث في اليومين الماضيين.