الأستاذ أيمن خالد والي ولاية الخرطوم أعلن عن حملة لنظافة الولاية، التي تدنت فيها مستويات النظافة بصورة كبيرة جداً، لدرجة يتخوف معها من انتشار الأمراض والأوبئة. استنفر الوالي كل إمكانات الولاية، ودعا الحكومة الاتحادية والقوات المسلحة وقوات الدعم السريع وقوات الشرطة وجهاز المخابرات العامة للمشاركة كل حسب إمكاناته. بالدعم السياسي من الوالي، وبمشاركة هذه الجهات المقتدرة سوف تنجح الحملة بإذن الله تعالى. لكن يبرز السؤال، كيف يمكن الاستدامة والاستمرار، لأن النفايات إفراز يومي لا يتوقف. حل الاستمرارية يكون بتحويل النفايات نفسها لمورد اقتصادي Trash is Cash ذلك لأنه بواسطة تقنيات ومعدات بسيطة يتم تحويل وتدوير النفايات المنزلية إلى سماد عضوي لتغذية التربة، أو إلى بيوغاز لتوليد الكهرباء، أوإلى منتجات بلاستيكية، أو أوراق وكرتون. هذا عمل أصبح معروفاً وممارساً في المدن العالمية الكبرى، لدرجة أن بعض الدول أصبحت تستورد النفايات المنزلية من دول أخرى لتغطية احتياجاتها من التوليد الكهربائي أو احتياجاتها من المنتجات المدورة الأخرى. خلال الفترة ما قبل الثورة ظل الطمع في العائد من النفايات هو سبب الخلل، الوزارة أو المجلس المسؤول عن البيئة يقول إن النفايات حقته، وهو المسؤول عن جمعها وتدويرها والاستثمار فيها، تنازعه المحليات في هذا وتقول إن النفايات مسؤوليتها، وهي وحدها من يحق لها التعاقد مع شركات النظافة. وبين هذا وذاك يعاني المواطن المغلوب على أمره. يدفع الرسوم والنفايات تحيط به من كل جانب. على الأخ الوالي تثبيت أن النفايات ليست حقاً لمجلس البيئة ولا للمحلية، هي حق المواطن، هي إفرازه في منزله أو محله التجاري أو مصنعه، وبالتالي من حقه هو وحده الاستفادة من عائدها. يمكن من خلال جمعيات تعاونية في مواقع السكن استجلاب عدد من التكاتك لجمع النفايات مصنفة من المساكن، واستجلاب مصانع صغيرة لتقطيع البلاستيك ولتدوير الأوراق والكرتون ولتخمير المواد العضوية، على أن تسوقها الجمعيات التعاونية بالأحياء التي تكونها وتشرف عليها لجان التغيير والخدمات، ويستفاد من عائدها في خدمات الحي من إضاءة وتشجير ورصف للطرق الداخلية. شركة المثال للتمويل الأصغر صممت مشروعاً لتدوير النفايات ضمن منظومة متكاملة سمتها (الجوار السعيد)، وهي على استعداد لتمويل الجمعيات التعاونية بالأحياء لشراء المعدات اللازمة لجمع وتدوير النفايات، وحسب علمي فإن جمعية تعاونية نشطة في منطقة الدروشاب بمحلية بحري وأخرى بالمعمورة بمحلية الخرطوم، تقودان مع الشركة مبادرة في هذا الشأن. نقترح على الأخ أيمن خالد والي ولاية الخرطوم رعاية مشروع الجوار السعيد، على أن تخصص وزارة المالية بالولاية ميزانية لشراء كمية من التكاتك للجمعيات التعاونية التي تتحمس لتبني المشروع. وأعتقد أن هذا يمثل حلاً ملائماً ومناسباً لمشكلة النفايات بالولاية. على أن تستمر مجهودات وعمل المجلس الأعلى للبيئة والمحليات في المكبات الرئيسية والفرعية ونظافة الأسواق وغيرها. والله الموفق.