رغم محاولات ضبط الأسعار عبر القرارات التي تصدرها الحكومة لكن خبراء اقتصاديين يؤكدون أن سياسة تحرير السوق التي تبنتها الحكومة منذ التسعينيات تتنافى مع محاولة تحديد وضبط الأسعار، بالمقابل تعتبر الحكومة أن هناك زيادة غير مبررة لبعض السلع خصوصًا التي لا ترتبط بسعر الصرف، والمنتجة محلياً، والمعفاة تماماً من الرسوم الجمركية والقيمة المضافة، محملةً مجددًا السماسرة وشبكات التجار، مسؤولية رفع الأسعار للسلع التي تُنتج محلياً أو التي لم يسرِ عليها قرار رفع الدولار الجمركي. إلى جانب ذلك أصدرت وزارة التجارة خلال الأسبوع المنصرم قرارًا قضى بإلزام المصانع والمستوردين بالإفصاح عن أسعار بيع السلع في الأسواق السودانية. وشدد القرار على أن تفصح المصانع والمستوردون عن أسعار بيع السلع في قائمة أسعار يحدد فيها اسم السلعة ومواصفاتها منشأها وسعر البيع لعملائها والاحتفاظ بمستندات التكلفة، كما ألزم القرار محلات البيع المباشر للمستهلك بوضع ديباجات توضح أسعار البيع وبالاحتفاظ بمستندات تبين التكلفة. أيضًا في محاولة أخرى لتنظيم السوق وفقاً لقانون التجارة وحماية المستهلك، شرعت حكومة الولاية في إنشاء شرطة متخصصة لحماية المستهلك ولمراقبة الأسواق وقضايا البيئة والمواصفات وكل ما يحكم حركة الرقابة في السوق وفقاً للقوانين المنظمة لعمل الأسواق فضلاً عن إبعاد السماسرة والوسطاء عن نشاط الأسواق، وأتى ذلك وفق توجيه من مجلس الوزراء ضمن ترتيبات أخرى، لتخفيف أعباء المعيشة والتي بدأت بتحديد أسعار وأوزان الخبز مع شعبة اتحاد المخابز. تفعيل القانون من جانبه أكد مدير إدارة مباحث حماية المستهلك وحماية البيئة العميد نزار عبد الرحمن أن تلك القرارات ستساهم في ضبط فوضى الأسعار في الأسواق مشيرًا في حديثه ل(السوداني) أمس إلى بدء حملات شرطة ضبط الأسعار مسفرةً عن ضبطيات ومخالفات، وأضاف: نعمل بقانون حماية المستهلك ولاية الخرطوم وبه مواد لم نكن نستخدمها لكن بدأنا في استخدامها الآن عقب فوضى عدم استقرار الأسعار في الأسواق والزيادة غير المبررة من قبل التجار، لافتًاً إلى أن فريق العمل مكون من موظفين من شؤون المستهلك ولاية الخرطوم إلى جانب موظفين معنيين بمراجعة الديباجات، فيما يقع على الشرطة الضبط، الإحضار وتوفير المعلومة، التحري وتقديم المخالفين للمحكمة، كاشفًاً عن وجود خطة في حال التزام المنتجين مع شؤون المستهلك ولاية الخرطوم بكتابة السعر على أيّ منتج يتم تصنيعه من المصنع. تحرير أسعار من جانبه أشار رئيس جمعية حماية المستهلك نصر الدين شلقامي إلى أن شرطة حماية المستهلك أو أي جهة أخرى لا تستطيع أن تتدخل فيما يتعلق بالأسعار لأن الدولة تبنت منذ العام 1992م سياسة التحرير الاقتصادي بمعنى أنهُ لا توجد تسعيرة لافتًا إلى أن كل ما تستطيع الشرطة فعله هو ما يتعلق بالخبز من ناحية الوزن فسياسة الدولة أن يبيع التاجر كما يريد، وأضاف شلقامي في حديثه ل(السوداني) إلى المطالبة بضرورة وجود أسعار تأشيرية للمواطن لبعض السلع الأساسية "الفول، العدس، الزيت"، وإلى جانب ما يمكن أن تقوم به شرطة ضبط الأسعار هو عمل ديباجة والتي تتم مقاومتها ولا يتم، العمل بها، واعتبر شلقامي أن وجود شرطة "تحصيل حاصل"، لجهة وجود الشرطة وعدم قدرتها على اتخاذ إجراءات فيما يتعلق بالأسعار إلا في حالة حدوث تعديل ولوائح من وزارة التجارة في بعض السلع الأساسية. بالمقابل أكد العميد نزار أن عملهم لا يتضمن تحديد الأسعار لأن ذلك سيكون ضد سياسة التحرير، وأنهُ قبل ثلاثة أيام تمت محاكمة 29 متهماً شددًا على ضرورة وجود ديباجة بالأسعار على أيّ منتج. ضبط الأسواق من جانبه أشار الباحث والمحلل الاقتصادي هيثم فتحي إلى أن ضبط الأسواق وتحقيق الأمان في كافة المعاملات التجارية يأتي عبر تنظيم العلاقة بين التاجر والمستهلك والتي مازالت تتسم بعدم التوازن من حيث قوة كل طرف لافتًا إلى ضرورة خلق منظومة موسعة تشتمل على دور الحكومة بأجهزتها الرقابية الرسمية المختلفة (نيابة المستهلك. الضرائب. المحليات)، ويشدد هيثم على ضرورة إنشاء وحدة حماية المستهلك بالوحدات الإدارية وبالمحليات مع تطبيق وتفعيل قانون حماية المستهلك خاصة مع وجود فعلي لنيابة متخصصة لحماية المستهلك فذلك سيكون أضمن لانتشارها واستمراريتها وأن تكون مهمتها نشر ورصد الأسعار لجميع المنتجات، داعيًا إلى أن تكون مهمة تلك الوحدة وضع وتطبيق السياسات والإجراءات والأنظمة المتعلقة بحماية المستهلك والتي تضمن حصول المستهلك على أجود السلع والخدمات واستقبال الشكاوى من الجمهور سواء كانت شكاوى عامة كارتفاع الأسعار أو شكاوى خاصة بالمستهلك نفسه تتعلق بعدم رضاه عن سلعة أو خدمة حصل عليها والحرص على حلها في أسرع وقت ممكن تحقيقاً لرضاه، منوهًا في حديثه ل(السوداني) إلى ضرورة وجود تنسيق كامل بينها وبين هيئة المواصفات والمقاييس.