** قبل عام ونيف ، ولم يكن موقف الاتحادي الأصل حول المشاركة في السلطة قد تبين للناس والصحف، دعاني زميل إلى لقاء يجمع مولانا الميرغني مع جماهير حزبه، فاعتذرت لظرف خاص..فأراد الزميل تشجيعي على الذهاب معه الى اللقاء قائلا : ( ياخ أرح، مولانا ح يكشف عن موقف الحزب من المشاركة)، فاعتذرت مع تأكيد فحواه : لن يكشف حتى ولو سألته الجماهير فرداً فرداً، وهذا ما يميز مولانا عن الكثيرين، بحيث لا تخرج منه الناس والصحف بأية معلومة - أو رأي قاطع - حول أية قضية ، حتى ولو حاوره على مدار العام بلا انقطاع ..وهذا ما حدث، أي خاب ظن زميلي، إذ عاد بحديث لمولانا يوضح فيه للجماهير حول موقف الحزب من المشاركة بالنص القائل : ( أنا أعلم لماذا جئتم الى هنا، وأنتم تعرفون الموقف تماما، وليس هناك شيء يضاف الى علمكم وفهمكم)..قالها الزميل، ثم سألني ضاحكاً : فهمت شيئا يا ود ساتي ؟..فأجبت ضاحكاً أيضاً : ياخ لو أنا وإنت بنفهم كلام مولانا، كان بقى سيدي وسيدك ؟ ** وحواراً رائعاً أجراه الأخ صديق دلاي ب(المجهر السياسي) مع اللواء عبد الكريم الحسيني، كشفت لي إجاباته بأن (سيدي وسيدك) لم يعد هو مولانا الميرغني فقط، بل صاروا أكثر عدداً، بحيث فهم مواقفهم واستيعاب ما فيها من معلومات وحقائق بحاجة إلى أمخاخ غير التي في جماجمنا..على سبيل المثال، الأخ صديق يذكر اللواء الحسيني بملف طريق الإنقاذ الغربي، باعتباره كان بطلاً من أبطال هذا الملف المغلق بشمعة (خلوها مستورة)، ويطلب منه بأن يحكي ما حدث..فتنهد الحسيني طويلا، حسب توثيق الأخ صديق، ثم قال بالنص : (دي قصة طويلة ومعقدة وتحتاج لمذكرات وكتب للتوضيح)، فيلاحقه الزميل طالباً المختصر المفيد، وليس من الحكمة انتظارمذكراتك وكتبك، فيختصر له الأمر قائلاً (الطريق كان عملاً سياسياً وتوقف لعجز الحكومة عن توفير الدعم)..!! ** وبغض النظر عن مصير أموال السكر الذي لم يتحدث عنها، ذاك الحديث فقط يدين الحسيني وحكومته..فالطريق لم يكن مشروعاً تنموياً مراداً به تنمية السودان بدافور، بل كان محض مشروع سياسي مراد به تحقيق مكاسب سياسية، وتوقف - بحجة عجز الحكومة عن الدعم - ربما بعد أن تتحقق تلك المكاسب السياسية بطريقة اخرى غير هذا الطريق ، أو ربما كشفت دراسة لاحقة عدم جدوى هذا الطريق في تحقيق مكاسب سياسية الملمح بها في حديث الحسيني، وليس هناك أي تفسير آخر..ولأن إجابته تلك - الطريق كان عملاً سياسياً وتوقف بعدم الدعم - لم يقنع الأخ صديق، فقد طالبه بأن يفك شفرة (خلوها مستورة)، فتنهد وقال بالنص : (علي عاوز يقول تقصير الحكومة هو السبب الرئيسي)، هكذا فك الحسيني تلك الشفرة، أو يظن ذلك، وكأن الناس بلاعقول..!! ** عجز الحكومة عن دعم مشروع هذا الطريق – أو أي مشروع آخر - ليس بفضيحة تستوجب الستر، وكثيرة هي المشاريع المجمدة - بالسودان وكل الدول المجاورة - لحين توفر ميزانيتها، ومع ذلك لم يصف أي مسؤول سبب توقف تلك المشاريع بالفضيحة ثم نصح من يسأل عن السبب ب (خلوها مستورة)..للأسف،الحسيني يتجمل بهذا الشرح، أي عاجزعن توضيح حقيقة (خلوها مستورة)، في الوقت الراهن.. فلننتظر التوضيح من كتبه ومذكراته المشار إليها، وكأن المشروع كان تخصيباً لليورانيوم وليس محض (طريق أسفلت).. والمدهش أن الحسيني يختم الحوار بإفادات سياسية حول الديمقراطية وغيرها، منها إفادته بالنص : (المواطن السوداني معجب بالقائد العسكري الشجاع)، وهذا صحيح..ولكنه - المواطن السوداني - أيضاً لا يعجبه القائد العسكري غير الشجاع، والذي - على سبيل المثال طبعاً - يلف ويدور حين يكون الحديث حول (مصير طريق) ..!!