المتابع للحراك المناهض للحكومة الانتقالية .. يلاحظ تركيز شديدا على تحريض المكون العسكري على المكون المدني .. بل في الواقع على الثورة كلها .. لا حكومتها .. فهؤلاء يطلقون الجزء ويريدون الكل .. فالمعركة ليست مع حمدوك ولا مع مجلس الوزراء .. بل هي معركة في مواجهة التغيير .. في محاولة لتعطيل عجلة التاريخ .. إن لم يكن إعادته الى الوراء .. في ضوء ذلك .. ومع سير المفاوضات في جوبا .. كانت تلك مناسبة لترديد الأسطوانة المشروخة .. إن الخطة (ب) هي إضعاف القوات المسلحة وتفكيكها .. تمهيدا للانقضاض على السودان كله .. علما بأن أحدا لم يحدثنا عن الخطة (أ) ولماذا لم تنفذ .. بدلا من الخطة (ب) .. ثم روايات تروى عن التآمر بين الحركات المسلحة و .. الشيوعيين .. للانقضاض على السودان عبر المفاوضات .. مع ملاحظة أن الشيوعيين لم يكونوا سعيدين بما حدث فى جوبا .. بدليل أنهم توجهوا شرقا في نهاية المطاف .. ! إذن .. لندلف مباشرة الى النصوص .. لنرى على ماذا وقعت حركات الكفاح المسلح .. فيما يتعلق بتفكيك القوات المسلحة كما يزعم المروجون بالفتنة ..في فصل مستقل اسمه ..اصلاح و تطوير وتحديث المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية الأخرى .. وقع المفاوضون في جوبا على البند التالي نصه ..(يقوم مجلس الأمن والدفاع بوضع و إجازة الخطة العامة المتعلقة بالإصلاح والتطوير والتحديث للمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية ومتابعة تنفيذها ) .. ولن تجد في كل بنود الاتفاقيات الموقعة في جوبا بندا يتحدث عن تكوين مجلس للأمن والدفاع .. غير ذلك المجلس الذي نشأ بموجب الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الإنتقالية بتوافق المكونين المدني والعسكري .. وقد نصت الوثيقة الدستورية في أمر مجلس الأمن والدفاع على ما يلي .. ( يتكون مجلس الأمن والدفاع من مجلس السيادة و رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الخارجية ووزير العدل ووزير المالية والقائد العام للقوات المسلحة والنائب العام وأخيرا مدير المخابرات العامة ) ..! أي أن مخرجات جوبا قد اعتمدت ما جاء في الوثيقة الدستورية .. نصا وروحا .. في شأن مراجعة أوضاع القوات النظامية ..! ولكن .. وعلى ذكر الالتزام بالوثيقة الدستورية .. فيبدو أن المفاوضين في جوبا .. ولسبب ما قرروا تجاوز الوثيقة الدستورية .. في شأن سيعتبره البعض جوهريا وخرقا خطيرا .. فيما سيرى فيه البعض الآخر معالجة حكيمة وتجاوزا لأزمة مكتومة .. ظل يشكو منها حتى بعض كبار المسئولين .. والحديث هنا عن جهاز المخابرات العامة .. ففي شأن هذا الجهاز فقد نصت الوثيقة الدستورية على ما يلي ولم تزد .. ( جهاز المخابرات العامة جهاز نظامي يختص بالأمن الوطني و تقتصر مهامه على جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها للجهات المختصة و يحدد القانون واجباته ومهامه ويخضع للسلطتين السيادية والتنفيذية وفق القانون ) .. فماذا قالت مخرجات جوبا في شأن مهام هذا الجهاز المثير للجدل .. قالت فيه نصا .. ( حفظ أمن السودان القومي وحماية دستوره ونسيجه الاجتماعي وسلامة مواطنيه من أي خطر بالتنسيق مع الأجهزة النظامية الأخرى ) .. ثم أضافت المخرجات بندا آخر يقول ..( البحث والتحري اللازمين للكشف عن اي اوضاع او وقائع او مناشط او عناصر يكون من شأنها المساس بأمن السودان القومي و سلامته وفقا لأحكام القانون ) ..! غني عن القول إن هذه الترتيبات قد جاءت باختصاصات لجهاز المخابرات .. كانت قد نزعت عنه في الوثيقة الدستورية .. فهل ينجح الموقعون في تسويق هذه التعديل .. وإقناع من سيثورون ضده .. أم ينجح الرافضون في إعادة فتح التفاوض .. ؟ هذا سؤال الأيام القادمات ..!