أعلن وزير التربية والتعليم عن تأجيل بداية العام الدراسي حتى 22 نوفمبر القادم بسبب عدم تمكن الوزارة من طباعة الكتاب المدرسي، وتوفير الإجلاس (الكراسي والأدراج)، وتأمين الوجبة المدرسية. فيما أعلنت وزيرة المالية في وقت سابق أن شعار مجانية التعليم لا يمكن تحقيقه إلا بعد ثلاثة أعوام. ويلاحظ المراقبون أن وزارة الصحة عجزت عن التعامل مع جائحة كورونا، في حين لم تتمكن وزارة التجارة والصناعة من التأثير على مستويات الأسعار التي تصاعدت بصورة هائلة. الجامع ما بين فشل هذه الوزارات الأربع في أداء هذه المهام الأساسية، هو تغولها على مهام واختصاصات الولايات. فوفقاً لنظام الحكم اللامركزي الذي تعمل به الدولة في السودان، والذي أقرته الوثيقة الدستورية في المادة الأولى منها، وكررته في المادة (1) من الفصل الثالث فيها والتي تقرأ :(جمهورية السودان دولة لا مركزية تكون مستويات الحكم فيها على النحو التالي: (أ) المستوى الاتحادي (ب) المستوى الإقليمي (ج) المستوى المحلي. فيما نصت المادة (3) من نفس الفصل على أن (يستمر العمل بالنظام القائم وتشكل حكومات تنفيذية بالولايات وفق ما يتم اتخاذه من تدابير لاحقة). إن النظام القائم الذي أشارت له الوثيقة الدستورية ينص على أن مهام الوزارات المركزية تتمثل في: السياسات، التدريب، التنسيق، العلاقات الخارجية. أما المهام التنفيذية التفصيلية فتترك للولايات. نأخذ مثالاً على ذلك الصعوبات التي أدت لتأجيل بداية العام الدراسي لحوالي شهرين. لقد أخذت وزارة التربية والتعليم على عاتقها مهام وواجبات ليست من اختصاصها. ليس من مهام هذه الوزارة الاتحادية توفير الكتاب المدرسي، إن مهمتها إقرار وإجازة المنهج. أما طباعة الكتب المدرسية فهذه مهمة وزارات التربية والتعليم في الولايات. كذلك ليس من مهام وزارة التربية والتعليم الاتحادية توفير الإجلاس للطلاب على مستوى القطر، إن مسؤوليتها في هذا المجال وضع المواصفات للأثاثات المدرسية المختلفة، وتحديد عدد الطلاب في الفصل، والمرافق المطلوب توفرها في كل منشأة تعليمية. ويترك التنفيذ للولايات. أما توفير الوجبة المدرسية فهو شأن ولائي خالص، تتكفل به الوزارات المعنية في الولايات، وكل ولاية حسب ظروفها والنمط الغذائي لسكانها. ما كان متبعاً حسب التجارب السابقة أن وزارات التعليم في الولايات كانت تحدد احتياجاتها من الكتاب المدرسي، والإجلاس، والوجبة المدرسية، قبل وقت كاف، وتقوم برفعها لوزارة المالية في الولاية المعنية، وتُضمن في موازنة الولاية. وتقوم وزارة المالية بالولاية بعمل عطاءات للموردين المحليين وتتعاقد معهم. في حالة عجز ميزانية الولاية تقوم وزارة المالية بالولاية بالحصول على تمويل من البنوك لتنفيذ التعاقدات، بضمان وزارة المالية الاتحادية، والتي كانت تقوم بحجز حوالي 5% من الدعم الاتحادي للولايات لهذا الغرض من المنبع، وهو صندوق دعم الولايات. لتستقيم إدارة الدولة من الضروري عدم تغول الوزارات الاتحادية على مهام واختصاصات الولايات. والله الموفق.