وزير الصحة المكلف ووالي الخرطوم يدشنان الدفعة الرابعة لعربات الإسعاف لتغطية    البرهان يزور جامعة النيلين ويتفقد مركز الامتحانات بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالجامعة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. مواطن سوداني يعبر عن فرحته بالذهاب للعمل في الزراعة مع زوجته وأطفاله بالغناء على أنغام إحدى الأغنيات التراثية    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    صحة الخرطوم تبحث خطة لإعادة إعمار المرافق الصحية بالتعاون مع الهيئة الشبابية    كمين في جنوب السودان    دبابيس ودالشريف    إتحاد الكرة يكمل التحضيرات لمهرجان ختام الموسم الرياضي بالقضارف    كوليبَالِي.. "شَدولو وركب"!!    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    ارتفاع احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي بأكثر من ملياري دولار في يوليو    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم الوطن والوطنية.. في الإسلام
نشر في السوداني يوم 18 - 09 - 2020

الوطن في الإسلام هو قطعة من الأرض تقطنها مجموعة من البشر فتصبح مقراً لمعيشتهم ومستقراً لأهليهم وذريتهم من بعدهم..فيصبح واجبا عليهم جميعاً إعمارها وحمايتها..وقد أعلى الإسلام من شأن الأوطان باعتبارها قيمة مهمة..فالحب والانتماء والولاء للوطن واجب..ومن يتلاعب بتلك المفاهيم يعد خائنا في عرف الشرع والقانون.وقد أعطى الرسول أنموذجا رائعا في حب الوطن.
(ما أطيبك من بلدٍ! وما أحبَّك إليَّ! ولولا أن قومي أخرجوني منك، ماسكنتُ غيرك)كلمات قالها الحبيب-صلى الله عليه وسلم-وهو يودِّع وطنه،إنها تكشف عن حبٍّ عميق،وتعلُّق كبير بالوطن،بمكة المكرمة،بحلِّها وحَرَمها،بجبالها ووديانها،برملها وصخورها،؟!!.
إنها الأرض التي ولد فيها،ونشأ فيها،وتزوج فيها،فيها ذكريات لاتُنسى،فالوطن ذاكرة الإنسان،فيها الأحباب والأصحاب،فيها الآباء والأجداد..أنه يحب وطنه"مكة"ويكره الخروج منها؟!! والرسول عليه السلام ماخرج من وطنه مكة المكرمة،إلا بعد أن لاقى من المشركين أصناف العذاب والأذى،فصبر لعله يلقى من قومه رقةً واستجابة..يريد من بلده أن تحتضن دعوته،ولكن يريد الله-لحكمة عظيمة-أن يخرج،فما كان منه إلا أن خرج استجابة لأمر الله-فدين الله أغلى وأعلى!!ولكن عندما حانت ساعة الرّحيل.. فاض القلب بكلمات الوداع،وسكبت العين دموع الوداع،أُخرجه قومه من وطنه؛كما قال تعالى:(إِلاّ تنصروه فقد نصره الله) وعندما هاجر إلى المدينة،كان يدعو الله أن يرزقه حبَّها،فمكة وطنه، وحبُّها يملك قلبه، وهواها فطرة فطرعليها؛ لذلك لا يمكن أن يكرهها،وإن أصابه فيها ما أصابه..
بلادي وإن جارت علي عزيزة
وأهلي وإن ضنُّوا عليَّ كرامُ.. أما المدينة،فهي بلد جديد استوطنه،وشاء الله أن يكون عاصمة دولة الإسلام الناشئة؛لذلك كان يدعو الله أن يُحببها إليه؛كما في(الصحيحين):(اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد)إنه يدعو الله أن يُحبّبها إليه أكثر من حبه لمكة؛فحُبُّ مكة فطرةٌ؛لأنها وطنه،أما حبُّ المدينة فمنحةٌ وهِبة؛لما لها من الفضل في احتضان الدعوة، ونشر الرسالة.وقد استجاب الله دعاءه، فيحب المدينة حباً عظيماً،يُسرُّ عندما يرى معالمها التي تدلُّ على قرب وصوله إليها؛فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال:(كان رسول الله إذا قدم من سفرٍ فأبصر درجات المدينة، أوضع ناقته)"أسرع بها. والحب للوطن لا يقتصرعلى المشاعر والأحاسيس؛بل يتجلى في الأقوال والأفعال وأجمل ما يتجلى به حبّ الوطن-الدعاء-الدعاء تعبيرصادق عن مكنون الفؤاد،ولا يخالطه نفاق لأنه علاقة مباشرة مع الله،لقد دعا الرسول عليه السلام للمدينة كما في "الصحيحين":"اللهم أجعل بالمدينة ضِعفي ما جعلت بمكة من البركة":"اللهم بارك لنا في تمرنا،وبارك لنا في مدينتا وبارك لنا في صاعنا وفي مُدّنا"وقد دعا "إبراهيم" عليه السلام بما يفيض به قلبه من حب لمستقر عبادته وموطن أهله،ولقد دعا لمكة بالأمن والرزق.(رب اجعل هذا بلداً آمنا وأرزق أهله من الثمرات) وهما أهم عوامل البقاء، وإذا فُقد إحدهما أو كلاهما فُقدت مقومات السعادة فتُهجرالأوطان ولهذا نرى أن الله شدد في عقوبة من يفسد على الديار أمنها؛بل جعل عقوبته أشد عقوبة على الأطلاق؛قال تعالى:(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتلوا أو يصلبوا أو تٌقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ذلك لهم خِزيّ في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)"المائدة:33″ فهل بعد هذه العقوبة من عقوبة؟!!وقد عُنى الإسلام بزراعة الأرض ايّما عناية؛لأنها مصدر قُوت الإنسان،وهي ضمان لاستقلاله وقوَّته، وأيما أمة لا تَزرع أرضَها، ولا تَملك قُوتَها،أمةٌ لا تملك قرارها ولا حرِّيتها، ولا سيادتها؛لذلك نظَّم الإسلام امتلاك الأرض،ووضع أحكاماً تُعنى بالحفاظ على هذا المقوِّم،وأكتفي بهذه الإشارة التي تُفهم من هذا الحديث؛عن أنس بن مالك قال:قال رسول الله عليه وسلم:(إن قامت الساعة وَبِيَدِ أحدِكُم فسِيلة،فإن استطاع ألاَّ يقُومَ حتَّى يغرسها فليفعل)وحب الوطن الذي لا يعارض الشرع يعني الإتقان،في كل الأعمال،في التعليم،وفي الزراعة،وفي الصناعة،وفي أمر الدنيا والآخرة، فكل منتج في بلاد المسلمين يجب أن يحمل علامة الجودة الفائقة.وحب الوطن يعني؛الحفاظ على الحق العام،وقد بيَّن النبي-عليه السلام.أن الناس شركاءُ في أمورٍ،لا يجوزلأحد الاستثئارُ بها،أو الاعتداء عليها..وتقوية الرابطة بين أبناء الوطن الواحد،وقيامه بحقوق وطنه المشروعة في الإسلام ووفاءه بها.وحب الوطن لا يعني العصبية، التي يُراد بها تقسيم الأمة إلى طوائف متناحرة متباغضة يكيد بعضها لبعض وفي الحديث(من قتل تحت راية عِمَّيَّة، يدعو للعصبية أو ينصرعصبية فقتله جاهلية) حب الوطن لا يعني أتباع القوم أنَّى ساروا،ونصرهم على كل حال؛بل يعني العدل والإنصاف،وحب الوطن في الإسلام لا يعني الانفصال عن جسد الأمة الإسلامية أو نسيان مبدأ الإنسانية فلا ننصر مظلوماً ولا نغيث ملهوفاً ولا نعين مكروباً ما دام أنه ليس في حدود الوطن والنبي عليه السلام يقول:(مثلُ المؤمنين في تراحمهم وتوادَّهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وأن حدود الوطن التي تلزم التضحية في سبيل حريته وخيره لا تقتصر على حدود قطعة الأرض التي ولد عليها المرء..بل إن الوطن يشمل القطر الخاص أولاً ثم يمتد للأقطار الإسلامية الأخرى. أما الوطنية.. فهي مصدر صناعي من"الوطن"وهي تقوم على تمجيد النسبة الى وطن من الأوطان والعمل على الدفاع عنه وحمايته ورفعته وهي فكرة يراد منها أن يلتقي عليها أبناء بلد واحد وقد تسربت إلينا من الغرب وقامت عليها حياتنا السياسية في عدد من بلاد المسلمين..إن الغرب المستعمر عمل على القضاء على دولة الخلافة وعلى استبعاد الإسلام كرابطة يجتمع عليها أبناء الأمة ويؤسفني أن أقرر أنه نجح في ذلك ثم قسم هذا الكيان الواحد الى كيانات متعددة قائم على الوطنية وسادت هذه الفكرة في الصحافة والأدب إن حب الإنسان لبلده أمر فُطرت عليه النفس البشرية ولا ينكره الإسلام لأنه لا يعارض الفطرة وهذا نهجه في كل ما تميل إليه الفطرة كالتملك والغريزة الجنسية وحب الانتقام ويربط حب الوطن بالعقيدة وبذلك سما بهذه الفطرة لتتفق وتكريم الله للإنسان إن دفاع المرء عن بلده أمر يُدعو إليه الإسلام فقد جعل الجهاد فرض عين على أهل البلد من الرجال والنساء من القادرين قال تعالى:(وما لنا لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا) وهي ليست مجرد كلمة تُكتب،بل هي شعور يتدفق تجاه الوطن بالحبّ والولاء والانتماء، والحبّ.. يعني أن يقدم الإنسان ويبذل ما بوسعه من جهد تجاه وطنه..وهذا لا يأتي إلا من المواطن الصالح الذي يحفظ معروف الوطن وجميله..فالمواطن الصالح هو الذي ينادي بضررة تعزيز العلاقات التشاركيّة وعدم التفكك،كما أنه يهون عليه الخروج من وطنه،ومن هنا يبرز معنى الانتماء والولاء تجاه الوطن ليتكون مفهوم الوطنية بشكل عام.. فالوطنية لابد أن تكون معتبرة وإلزامية بشرط ألا تكون على حساب العقيدة الإسلامية..وليست مجرد مواد تُدرّس باسم"التربية الوطنية"بل هي عقيدة فكريّة وتربية نفسية لابُدّ من غرسها في نفوس الأبناء..ومفهوم الوطنية في الإسلام هو الطاعة والولاء وأداء الحق وعدم الخروج على الجماعة وغيرها من الأفعال التي لابُدّ أن يلتزم بها المواطن الصالح..ويكون بالاجتماع لا الافتراق..والوحدة لا التّشتت، والوطن والوطنية تعني بناء المجتمع الإسلامي المتآخي المتكامل البعيد كل البعد عن الشحناء والبغضاء والتدابر.. والذي يستشعر كل فرد فيه أنه جزء من الوطن الإسلامي الكبيرالذي يجمعه قاسم الدين والتاريخ والحضارة المشتركة. أضحى الإسلام لنا دينا وجميع الكون لنا وطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.