لا حديث هذه الأيام ومنذ زمان الا الحديث عن رفع الدعم ومما يُرفع ومباشرة أو متدرجا ام لا وما هي البدائل وما هي الآثار للرفع أو عدم الرفع أو زيادته حتى وتوسيعه..من قبل الموازنة الملغاة أو المجاهزة وبعدها… الذين ينادون برفع وتعويم الجنيه وفتح الأبواب على مصارعه لرأس المال الاجنبى بلا قيد أو شرط ينادون بتطبيق وصفة تقليدية معروفة ومنشورة ومتاحة للكافة بلا اي عناء يتنفسها كل من عمل مع الصندوق أو البنك الدوليين أو اي من المؤسسات والمنظمات المالية والاقتصادية أو الاستشارية في الرئاسة أو الفروع والواجهات المنتشرة بمختلف المسميات ومن أولئك من هو على قناعة حقا وصدقا أن تلك الوصفة هي الوصفة التي لا مندوحة عنها ومنهم من هم دون ذلك ومنهم من يريد أن يحافظ على وضعيته في تلك المؤسسات واشباهها ويسعى للترقى فيها ويسوَِّق لها ولو عكس قناعاته.. وعلى كل فلهم الآن صوت جهور ونفوذ عندنا وعند الآخرين وكأنهم مرسلون من تلك المؤسسات حتى تصحح أوراقهم ويفوزوا ومنهم من ينحنى للعاصفة اذا واجهته جموع الناس بعكس ما يرغب ويرغب أولئك.و قد ابتدرت الحكومة موازنة قائمة على تلك الوصفة "السحرية" لجلب وتوطين وتمكين ذلك ولكن لم ينالوا بغيتهم. وعموما ونحن نبحث أن افضل السياسات التي تقودونا للوصول للنتائج المتفق عليها والتي نسعى جميعا لتحقيقها وخاصة في أجندة التنمية المستدامة فليس هنالك ما يمنع ابتداء أن نستمع لكل ذي رأي ولكل مدرسة من المدارس المختلفة سواء أكانت المدرسة النقدية الكلاسيكية المحدثة التي يتبناها صندوق النقد الدولي والبنك الدوليان واضرابهما أو المدرسة الاشتراكية أو مدارس الديمقراطية الاجتماعية السائدة في أوروبا ولكن بشرط أن نطرح اجندتنا نحن في كل طاولة مفاوضات وأن نأخذ ونعطي ونتقبل ونرفض بحسب ما يخدم اجندتنا الوطنية وليس قبول وصفات معلبة جاهزة بل نأخذ ونتعاطى مع الكل بعقل مفتوح وعين بصيرة فاحصة. بعض الدول وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب والمملكة المتحدة في عهد رئيس الوزراء بوريس جونسون أعلنوا بصراحة ووضوح وحزم أن الذى يهمهم اولا واخيرا هو الأجندة الوطنية وليس آلعالمية مثل منظمة التجارة العالمية واتفاقية باريس للمناخ وعضوية الاتحاد الاوروبى. بعض الدول. مثل جمهورية مصر العربية.. التي تجاوبت جزئيا مع برامج إعادة التكيف الهيكلي التي اقترحها الصندوق والبنك الدوليان تلقت ابتداء دعما مباشرا منه في قروض باثني عشر مليار من الدولارات غير المنح والدعومات الخليجية فهل مبذول لنا مثل ذلك؟ .. ولكن: بدل أن ندور حول رفع الدعم وسوالبه وايجابيات فلماذا لا نتجه لرفَع الآتي بدلا عن رفع الدعم: رفع إنسانية الإنسان السوداني وتكريمه كما كرمه خالقه المولى عز وجل عند ما خلقه وكرمه على سائر المخلوقات. فجعل دمه حراما وعرضه حراما وماله حرام وحرمته ميتا كحرمته حيا. ويجب أن يكون هدفنا الاساسى هو ذلك الإنسان ورفعه مكانا عليا وجعله آمِناً في كل مكان وعلى كل حال وفى كل آن . وان يكون القانون العادل القائم على العمومية. Universality والموضوعية الكاملة Objectivity البعيدة عن الأهواء حتى يطمئن الجميع فيكون ذلك هو الفيصل في كل الخصومات اي أن يقطع مكان ما يقطع باليقين الذي لا يخالطه الشك. لنرفع القيمة التبادلية للجنيه السوداني مقابل العملات الاخرى القابلة للتداول الحر وان نرفع القوة الشرائية للجنيه السوداني. هذا يجعل المواطن والدولة كلما ذهبوا إلى السوق لشراء سلع أو خدمات يجد أن ما أنفقه امس لشراء نفس السلع والخدمات حصل عليه بقيمة نقدية اقل من الأمس وبذا يطمئن ويتفاءل أن ما يمكن أن يشتريه غدا من نفس كمية السلع والخدمات سيكون بمبلغ اقل من الأمس. ولذا تصبح العملة السودانية مخزنا مطمئِنا للقيمة التى ترتفع بمرور الزمن. وهذا يقتضي تدابير لوقف تآكل قيمة العملة وتثبيتها ورفعها مقابل السلع والخدمات والعملات الاخرى وأرى أن هذا يجب أن يكون هو الهم الاساسي لنا جميعا مواطنين ومنتجين ومصدرين وحكومة وبنكا مركزيا اولا وأصدقاء وأشقاء إن كان ثمة. و هو امر ممكن متاح فقط يحتاج لإرادة وسياسات مصوبة نحو الهدفة بدقة وإدارة علمية حازمة شفافة بعيدة كل البعد عن عشوائية ومحاباة لأي كان يُلزم بها الجميع ويلتزم بها الجميع. وفيما يلى بعض السياسات والإجراءات المتاحة الممكنة التى يتفق حولها الجميع بدءاً من السيد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك وقد دعا إليها قبل وبعد أن تبوأ موقعه التنفيذى الاول في الحكومة ويتفق معه كل طاقمه والآخرون ايضا وذلك ليس إلا لأنها من البدهيات ولأنها تعالج الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الكلي ولا نمل من تكرارها لانه لا مندوحة عنها. اولها إيقاف صادر الموارد والتي نطلق عليها صادر الخامات وهو وصف قاصر. فمعروف… لدى الجميع من غير اصحاب المصالح التجارية الخاصة قصيرة النظر… أن اقتصاديات صادر الخامات هي وصفة كلاسيكية لاستدامة التخلف والضعف والفقر. وإجمالا إن إيقاف صادر الموارد والاقتصار على الصادرات الجاهزة للاستهلاك النهائي باستخراج سلاسل القيم المضافة الممكنة من منتجاتنا… وهي منتجات لا تحتاج لتصنيع بل تجهيز فقط يقوم به الناس منذ أقدم الازمنة في منازلهم وعصاراتهم ومغازلهم.. تلك المنتجات الجاهزة تحقق في فترة لا تزيد على ستة الى اثنى عشر شهرا ما لا يقل عن أربع عشرة مرة مثل قيم الصادر الحالية ويزيد عرض السلع المصاحبة التي لا يتم تصديرها في السوق المحلى. كل ذلك ولكن بشرط أن تفتح خطابات الاعتماد للبنك المركزي مباشرة لمصلحة المصدر بعد أن يتم التأكد من السعر العادل للمصادر والتأكد أنها قد دخلت شرايين الاقتصاد السودانى اولا ولا يتم تجنيبها بالخارج وتداولها بالسوق الاسود.كما هو الحال في الجارة القريبة اثيوبيا.. هذا يرفع من الاحتياطي الاجنبي بالبنك المركزي، الأمر الذي يؤدي بالضرورة لتثبيت القيمة التداولية للعملة الوطنية ويرفع قيمتها. مقابل العملات الاخرى.. و نواصل إن شاء الله إن لزم