وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني أكثر وزراء الحكومة الانتقالية الذين تعرضوا للهجوم، ظل الرجل مداوماً في منصات التواصل الاجتماعي يتلقى الانتقادات الحادة أحياناً، ونسب أحاديث غير صحيحة وأخرى مبتورة، لكنه قليلاً ما يظهر ليدافع عما يكتب أو يقال عنه، فظل يقول على الدوام إن هذه الأمور وغيرها ضريبة العمل العام. مدني خرج الأسابيع الماضية بتصريح مختلف، وقال إن ما يتعرض له سببه عدم الرد وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية لأولئك الذين يريدون تهييج الرأي العام ضده، وقال "علمنا هذا الشعب فأحسن تأديبنا فلم ولن ترد منا عبارة تتجاوز ذلك" تأكيداً منه على أنه يحترم السودان ومواطنيه. هجوم مستمر الهجوم على وزير التجارة والصناعة انتقل من منصات التواصل الاجتماعي إلى قاعة الصداقة، فأمس الأول خلال المؤتمر الاقتصادي وجه الأستاذ الجامعي المتقاعد الفاضل عباس انتقادات لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك للابقاء على وزير الصناعة والتجارة في موقعه رغم أن صفوف الخبز والوقوف ما تزال موجودة، وقال الفاضل إن عمره زاد 10 سنوات بسبب وقوفه في تلك الصفوف، وأضاف: لا أعرف سر وجوده في منصبه حتى الآن هو سبب الكارثة التي نعيشها. مدني عباس رد في تصريحات إعلامية على تلك المداخلة بأنه من حق أي شخص أن يُطالب بإقالة مسؤول، معتبراً ذلك من وسائل الديمقراطية، مستدركاً: ماعندنا مشكلة إذا الحديث صحيح أم خطأ. يوليو الماضي قبل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك استقالة 6 وزراء، فيما أقال وزير الصحة بعد أن رفض تقديم استقالته، لكن تفاجأ البعض بأن حمدوك قبل استقالة وزراء عرفوا بقربهم منه ورضاء الشارع لحد معقول عن أدائهم، والتساؤل الكبير الذي تم طرحه بعد ذلك وهو لماذا لم تتم إقالة وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني؟ وذهب البعض بأن وزير التجارة تجمعه علاقة متميزة مع رئيس الوزراء لذلك لم يقله من منصبه، وقالوا "ديل شلة المزرعة"، لكن مدني قال ل(السوداني)، إن رئيس الوزراء لا يرى سبباً لاقالته، مؤكداً أنه لا علاقة له بحمدوك، مشيراً إلى أن وزير المالية السابق إبراهيم البدوي كانت تجمعه علاقة بعبدالله حمدوك وتمت إقالته من منصبه. سبتمبر العام الماضي خرج محتجون بعدد من المناطق رافضين ترشيح مدني عباس وزيرً للتجارة، وأغلق المحتجون بعض الطرق، وحرقوا الإطارات، لكن رغم ذلك تم تعيينه في ذات المنصب، وقتها رشحت معلومات بأن مجلس السيادة رفض قبوله للمنصب، وأكد أهمية تعيين أصحاب الكفاءة في المنصب، وظل الرجل يتلقى هجوماً اعتبره أنصاره جزءاً من مؤامرة ضده يشعلها أعداؤه في مواقع التواصل الاجتماعي، فمدني يعتبره البعض من أوائل الوجوه التي ظهرت في وسائل الإعلام العالمية تدافع عن الثورة، وهو مستهدف من معارضي ثورة ديسمبر، وأغلب الهجوم ليس موجه له شخصياً، لكن هناك نقد مستحق وآخر ليس له فيه يد. حافز دولاري بعد فترة قصيرة من توليه المنصب أرجع وزير التجارة حافزاً دولاري تم منحه إياه باعتباره رئيس مجلس إدارة شركة كنانة، لكن البعض فسر الخطوة بأنها عبارة من (ضجة إعلامية) أراد مدني أن يحسن صورته أمام الرأي العام، واختار الإعلام طريقاً ليعلن عبره رفضه للحافز المالي الكبير، وكان عليه أن يرجعه إلى خزينة الدولة (سراً) طالما أنه مؤمن أنه لا يستحقه، لكن مدني أكد في حوار سابق مع (السوداني) أن إرجاع الحافز لا يرتبط ب(الشو الإعلامي)، مشيراً إلى أنه أعلن بعد يومين من تسلمه المنصب الوزاري بأنه لن ينال سوى مخصصاته كوزير من قبل حكومة السودان، وأكد أنها مخصصات منحت له كرئيس مجلس إدارة وفق لوائح الشركة، معتبراً أن إعادتها لكنانة تعني تبرعه بها لصالح الشركة، وتساءل هل الأوفق إرجاعها للشركة أم لحكومة السودان التي نلت الحافز بسبب تمثيلها؟ الكاتب الصحفي محمد عبدالسيد يذهب في حديثه ل(السوداني) إلى أن الهجوم على وزير التجارة والصناعة فيه 3 اتجاهات الأول يقوده عدد من الناس باعتبار مدني من قادة ثورة التغيير ومهما فعل سيتعرض للهجوم، أما الثاني فهناك إخفاقات متعلقة بأدائه قابلة للتعديل سببها الاساسي الأداء في الخدمة المدنية غير الأداء في منظمات المجتمع المدني، وأخيراً أن وزارة التجارة متخصصة في معاش الناس وطبيعي أن تتعرض للهجوم . مشيرا الى انها في عهد النظام البائد كانت وزارة ترضيات. عبدالسيد اشار الى ان المطلوب من مدني الآن ان يبدأ من الصفر في ولاية الوزارة على السلع الاستراتيجية. وانتقد الوزير لانه شغل نفسه بقضايا من مسؤوليات ولاة الولايات مثل متابعة الدقيق واغلاق المخابز، وارجع الامر لعدم توفر الخبرة الكافية للوزير بأن هذا الامر تغول على امكانات الولاية وعدم معرفته بالقوانين. لقمة العيش بعيدا عن نظرية المؤامره التي يفترض البعض انها تحاك ضد مدني، فشريحة البسطاء صرخت في وجه مدني واتهمته بالتقصير في اداء واجبه تجاه المواطن واعتبرت ان ازمة الخبز اكبر دليل على فشله، عضو اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير كمال كرار اكد في حديثه ل(السوداني) ان وزارة التجارة والصناعة تحتاج الى تعديل في التشريعات والقوانين، مشيرا الى ان النظام البائد جعلها عبارة عن مكتب فني ونزع منها جميع الصلاحيات. كرار اعتبر ان وزارة التجارة من اهم الوزارات ويجب ان تخضع لاصلاحات عاجلة، مشيرا إلى ان جزءا من الهجوم الذي ظل يتعرض له مدني عباس سببه عدم الشفافية في العمل، وقال لا بد ان يطرح الحقائق على الرأي العام، مستدركا: بعض المواطنين يعتبرون ان وزارة التجارة مقصرة في عملها، لكن هناك تقاطعات غير مرئية ويعمل وزير التجارة مع الجهات ذات الصلة لحلها.