لطالما الأفضل أن نستثمر في الإنسان علينا بالاهتمام بأمورٍ ثلاثة، وهي الأم والمعلم والقدوة الحسنة كمرجعٍ لنا حين نضل الطريق، وإذا ما استثنينا الماء والطعام والهواء فالتعليم فوق كل شيء، بمعنى أنه فوق الجميع، لذلك التعليم تقريباً أهم شيء في هذه الحياة، وهو النشاط الذي يهدف إلى تطوير المعارف والمهارات والقيم الروحية والفهم والإدراك الذي يحتاج إليه الفرد، ولكونه مهماً للقضاء على الأمية وتغذية الفرد بالمعلومات المفيدة، وهو سلاح لكل فرد ويعطي الفرد معلومات في شتى المجالات، كما يُعطي القدرة على الابتكار والتحليل، فالبعض يرى التعليم هو فقط الحصول على الوظيفة، فالتعليم كالماء والهواء وحق لكل إنسان، والدراسة تسمح للإنسان بالنجاح في العمل، ولكن التعليم ليس مختصراً على الحصول فقط على المال، فبالتعليم يمكننا بناء الإنسان وتحمل المسؤولية والتغيير الحقيقي لتصل الأمم إلى القمة، حيث يكتسب النشء المعلومات وتنمية المهارات ومعرفة القيم، وفي المجال الصناعي يمكن الاستفادة من التعليم في مجال التدريب المهني ورفع كفاءة العاملين، كما يمكن الاستفادة من نظريات التعلم في تفسير نشأة الكثير من الاضطرابات السلوكية، والعلم هو أساس التمدن والتطور والرقي بالأمم، فلا شيء كالتعليم أكثر التصاقا بالحياة ولا شيء أكثر من التعليم في قدرته على التأثير والتغيير. ففي بريطانيا وأمريكا وأوربا عامة الطالب يحب مدرسته أكثر من بيته، وذات مرة سألت أحد أولياء أمور الطلاب بأحد المدارس الأجنبية هنا في الدوحة: كم غاب ابنك عن المدرسة في هذه السنة؟ ألتفت إليَ باستغراب وقال لي لا يحصل ذلك إلا إذا كان مريضاً واستمر معرباً في ذات السياق وقال: لو أردتُ معاقبة ابني أحبسه عن مدرسته في البيت فسوف يبكي ويندم طول يومه، واستمر قائلاً العلم عندنا ثقافة مجتمع لا يجرؤ أحدٌ بالتهاون فيه، أما في اليابان فقرأت بالمواقع التعليمية بالشبكة العنكبوتية أنه لا توجد أسوار للمدرسة لأن الطلاب أصلاً لا يهربون عن الصفوف الدراسية حباً للعلم وتقديراً لأهميته في عصر الثورة الرقمية، أما في الهند فيوجد تعليم كمي ونوعي متفرد، وقال فيها العالم أحمد زويل: (عندما قرأتُ وعرفتُ عن الهند تمنيتُ أن أكون هندياً) لاحترام العلم وحب الاكتشاف. وهناك الصين ذات التقدم الصاروخي لم تكن في مصاف الدول المتقدمة إلا بالعلم، إلا أنه في المقابل إذا تناولنا تنشئة الإنسان، فلقد قرأتُ ذات مرة عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان؛ بنوا سور الصين العظيم، واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، ولكن خلال المائة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات، وفى كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية فى حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه، بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب، لقد انشغل الصينيون ببناء السور ونسوا بناء الحارس، فبناء الإنسان يأتي قبل بناء كل شيء وهذا ما يحتاجه طلابنا اليوم، يقول أحد المستشرقين: إذا أردت أن تهدم حضارة أُمة فهناك وسائل ثلاث هي: هدم الأسرة والتعليم وسقوط القدوات والمرجعيات، والأسرة تتمثل في الأم والتعليم يتمثل في المعلم، فإذا اختفت الأم الواعية، واختفى المعلم المخلص وسقطت القدوة، فمن يربي النشء على القيم؟ أخيراً لنقف وقفة في حق دولة قطر في محاربة الأمية وإدخال نظام التعليم الموازي منذ سنوات، فأفسحت المجال لتعليم الكبار، كما اهتمت بإلحاق طلابها بالجامعات داخل وخارج البلاد، بل امتدت يدها إلى مساعدة أطفال العالم للانخراط في العملية التعليمية. خبير المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية الدوحة – قطر [email protected]