بعد عام على تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي بدأ بائنا أن تقديم المتورطين بالفساد من رموز النظام المباد إلى العدالة دون الطموح ما خلف غبنا لدى الشارع لدرجة جعلت عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد حسن التعايشي في حديث تليفزيوني يجهر صراحة بعجز مؤسسات الحكم الانتقالي في تقديم كل من ارتكب جرمًا للعدالة واسترداد المال المنهوب فضلاً عن تراجع أعمال لجنة تفكيك التمكين وخبوت نجمها بعد تشكيل اللجان بالولايات والأخطاء التي صاحبت العمل خلال فترة سابقة وأدت إلى أضرار على موظفين اعتذر لهم المتحدث الرسمي باسمها وجدي صالح .. في سنة الثورة الأولى ظل المراجع العام متأهباً في انتظار التفاتة الدولة لجهاز يملك من الوسائل ما يسهل مهمة إدانة كل من أفسد ماليًا من رموز النظام البائد ومنسوبيه بيد أن مؤسسات الحكم الانتقالي لم تعر المراجع العام أدنى اهتمام وتركت العاملين فيه يقاتلون وحدهم في سبيل هيكلة جهاز يشبه الثورة التي اندلعت داخله مؤخرًا بإعلان الإضراب في كافة ولايات السودان الذي دخل أسبوعه الثاني ويستمر لحين تحقيق مطالبهم . مدخل الإضراب بدأ الصراع بين المراجعين ووزارة المالية حول الهيكل الراتبي الذي شكل أزمة بين عدد من الجهات الحكومية ووزارة المالية قبل أن يتطور الأمر لخلاف عصف بالعلاقة بين مكونات الديوان لجهة سلبية المراجع العام في التعامل مع حقوق المراجعين ماقاد إلى رفع مطالب في بيان أولي تداعى له كافة المراجعين في الخرطوم والولايات معتبرين أن المطالب تعبر عنهم بالكامل حيث نادى بداية بحسب البيان الذي نشرته (السوداني) في وقت سابق بإعادة النظر في المادة (12/1/ز) من الوثيقة الدستورية والخاصة بتعيين المراجع العام من قبل مجلس الوزراء وهو ما يتنافى مع قانون الديوان لسنة 2015 إضافة إلى تعديل قرار مجلس الوزراء رقم (70) والخاص بإشراف مجلس الوزراء على الديوان فضلاً عن المطالبة بإقالة المراجع العام المستمر في منصبه منذ عشر سنوات ونوابه وتشكيل لجنة تفكيك بالديوان وحسم قضية الهيكل الراتبي في ظل تعنت جهات داخل وزارة المالية. بدون استقلالية نقابة العاملين بالديوان ترى أن ثمة قرارات تقدح في استقلالية الديوان مطلوب التراجع عنها كالقرار القاضي بتبعية الديوان لمجلس الوزراء الذي يعد جهة تنفيذية خاضعة للمراجعة، وتعيين المراجع العام بواسطة مجلس الوزراء بحسب أمين الإعلام بالنقابة محمد أحمد عبد المنان خلال حديثه ل(السوداني) أمس ، مضيفاً :" المجلس العسكري الذي عزل البشير، أعلن حل الحكومات وإنهاء تكليف كل من شغل منصبًا دستوريًا بيد أن المراجع العام ونوابه ما يزالوان يعملون ما يعد مخالفة صريحة، وأوضح أن الإنقاذ ما تزال داخل الديوان، ما يعيق العمل مبيناً أن الاستجابة الوحيدة التي تلقوها كانت من لجنة التفكيك التي شكلت اللجنة داخل الديوان، مشيرًا إلى تقديم 180 تقرير مراجعة لسنة 2018 و 2019 لم تتم مناقشتها من قبل مجلس السيادة الذي لم يخاطبهم حتى الآن لمناقشتها. قاطعاً بمواصلة التصعيد حتى تحقيق المطالب كاملة . مطلوب الإنصات القيادي بتجمع المهنيين والخبير المالي د. وائل فهمي بدوي أكد أن الإنقاذ حاولت خلال سني حكمها إضعاف المراجع العام وفشلت في ذلك بسبب تركيبة المراجعين ومؤهلاتهم الكبيرة التي يصعب مقارعتها أو النيل منها برغم تعديلات القوانين التي سحبت منهم السلطات ورغم الزج بموالين فشلوا في مجاراة مهارة المراجعين، مطالباً حكومة الفترة الانتقالية بالإنصات للمراجعين والانتباه لوقفتهم بحكم أنه جهاز المعلومات الأول في الدولة ومنحهم السلطات والنفوذ الذي يمكن من أداء عملهم دون أي عوائق، مشيرًا خلال حديثه ل(السوداني) أمس إلى أن المراجع العام يعلم دهاليز المؤسسات فاضابيره زاخرة بكل ما تخفيه مؤسسات الدولة التي خلفها الحكم البائد من شركات وأجهزة تابعة لها أنشئت في عهد البشير بهدف التلاعب والتحايل على الدولة والقوانين مضيفاً :" بدون استصحاب المراجع العام لن تتم عمليات التفكيك المنشودة ولن ينصلح حال الاقتصاد وأيضاً لن تستطيع المالية تحقيق أيلولتها على المال العام ولا تمرير أي سياسات مالية في ظل وجود شركات ومؤسسات مخفية بامكان المراجعين كشفها وتصفيتها . تجاهل مطبق خلال عام الثورة الأول لم يشهد المبنى المطل على النيل زيارة لأي من المسؤولين في حكومة الثورة باستثناء زيارة عضو المجلس السيادي والرئيس المناوب للجنة إزالة التمكين محمد الفكي المهتم بالديوان بحسب مراقبين، والذي زار واستمع للمراجعين مشيداً بمهنيتهم وأخلاقهم البائنة في التقارير الصادرة خلال السنوات الماضية في عز قبضة نظام الإنقاذ، في وقت تكابد فيه وزارة المالية وكافة مؤسسات الدولة لتحقيق ولاية وزارة المالية على المال العام دون استصحاب المراجع العام وتقاريره في عملية أيلولة المال العام وهي مهمة تبدو عسيرة لجهة صراع المصالح الكامن داخل مؤسسات الدولة ومقاومة الدولة العميقة لتصفيتها في حرب ما يزال المراجع العام مع وقف التنفيذ فيها في ظل عدم صرف راتب سبتمبر حتى اللحظة وما يشبه التجاهل الذي يجدونه من الدولة رغم مخاطبة المجلس السيادي ورئيس الوزراء منذ سبتمبر .