معرفة ضرورات التغيير الحزبي تقود لمعرفة أولويات الحزب ومطلوبات وثيقة الإصلاح وتنفيذ المصفوفة المعدة لهذه الوثيقة وفق برنامج زمني محدد، فالوثيقة التي عكفت على إعدادها لجنة الإصلاح منذ يناير من العام 2013 ذكرت بوضوح أن الوطني يمر بحالة ضعف تستوجب زيادة فاعليته على مستويَي العضوية والسياسي العام. قطاعات يمسها التغيير التوقعات والتكهنات والتسريبات وفقاً لمتابعات ورصد (السوداني) أمس، تشير إلى أن الوطني سيُجري تغييرات واسعة وسط ثلاثة قطاعات رئيسية تمثل محور الحراك السياسي والتنظيمي للحزب، ومن المتوقع أن يشهد القطاع السياسي للحزب تغييرات ملحوظة، فالقطاع الذي يرأسه وزير الدولة بمجلس الوزراء جمال محمود وينوب عنه وزير الدولة بالخارجية حامد ممتاز واللواء عبد الله صافي النور، يعتبر بمثابة المكتب السياسي للحزب الذي يعمل على إسناد المكتب القيادي عبر تنفيذ موجهاته أو مده بالرؤى والدراسات. وطبقاً لمعلومات (السوداني)، فإن القطاع السياسي يضم عدة أمانات متخصصة هي الأمانة العدلية التي يرأسها محمد بشارة دوسة وأمانة المنظات والعمل الطوعي التي يشغلها كمال عبد اللطيف، وأمانة العلاقات السياسية التي أُسندت مؤخراً لعبيد الله محمد عبيد الله وأمانة الشؤون البرلمانية د.عبد الرحمن بيطرة، ويحتفظ القطاع بعدد من أعضاء الخبرة، بالإضافة إلى ممثل قطاع ولاية الخرطوم وربما يأتي التغيير مستصحباً بعض من هؤلاء. أما القطاع الثاني المتوقع إجراء تغيير فيه هو قطاع التنظيم، الموصوف من قبل بعض القيادات بأنه الأضعف من بين قطاعات الوطني، لفشله في مواجهة المشكلات التي تعرض لها الحزب طيلة عهد نائب رئيس الوطني السابق إبراهيم محمود، وقطاع الاتصال التنظيمي المسؤول حزبياً عن كل الولايات، وفيه تطبخ عملية القرارات وإعداد قوائم الترشح للمواقع الحزبية أو الولائية بجانب المقاعد النيابية. ويعتبر القوة الضاربة للحزب لإحاطته بالعضوية المنظمة، ويُعتمد تقييمه في تقدير موقف الحزب جماهيرياً وانتخابياً بجانب أنه أحد أجراس الإنذار المبكرة للأزمات. قطاع التنظيم يرأسه د.أزهري التجاني وينوب عنه ثلاثة نواب هم الشريف أحمد عمر بدر وصلاح علي آدم وبلال عثمان بلال، ويتكون من عدة أمانات جغرافية هي أمانة الشمالية ونهر النيل التي يشغلها د.خميس كجو كندة وأمانة الشرق وقطاع الجزيرة الذي استحدث مؤخراً وأُسند لنائب رئيس البرلمان د.أحمد التيجاني، والقطاع الأوسط (النيل الأبيض، سنار، النيل الأزرق) الذي يرأسه يوسف بشير، وأُضيفت لهذا القطاع في وقت سابق أمانة التعبئة التي كانت تتبع للقطاع السياسي وظل يشغلها عمار باشري. وبحسب معلومات (السوداني)، فإنه باستثناء د.أحمد التيجاني، وحسب الله صالح، وعمار باشري. يلاحظ أن القطاع ظل يحتفظ بكوادره منذ عهد د.نافع علي نافع ولم يطلهم التغيير، وهو ما اعتبره البعض أحد معوقات أداء وفاعلية الحزب بعد أن تكلَّست قيادات قطاع التنظيم الذي لم تُضخُّ فيه دماء جديدة. أما القطاع الثالث الذي يتوقع حدوث تغييرات كبيرة بداخله هو القطاع الاقتصادي، بيد أن ما يدفع لإجراء تغييرات في القطاع بحسب معلومات (السوداني) ليس الإجماع الذي بدأ يتبلور مؤخراً من قبل أعضاء الوطني من فشله في رسم سياسات صحيحة لمواجهة التداعي الاقتصادي فحسب، ولكن لتفجر الخلافات بين هذا القطاع مع محافظ البنك المركزي ووزير المالية، وهي خلافات تسربت لوسائل الإعلام ولم يعد بمقدور الطرفين العمل معاً. الإرهاصات مضت أيضاً في احتمال عودة بعض الوجوه التنظيمية التي شغل بعضها مواقع تنفيذية بالحكومة الاتحادية أو الولائية لواجهة العمل الحزبي، كما أن التوقعات تشير إلى أن التغيير قد يشمل بعض أمانات القطاع الفئوي ممثلة في الطلاب والشباب والمرأة. صلة القرابة والأولويات وثيقة الوطني، تلك طبقاً للكثيرين، مرتبطة بوثيقة أخرى لإصلاح الدولة، لذا فإنها كانت أكثر تحديداً في الكيفية التي سيتم بموجبها اختيار القيادة لشاغلي المواقع الحزبية، ونصت على أن يكون الاختيار على أساس الكفاءة والموهبة والنزاهة والقدرة على بلورة أفكار جديدة. صلة القرابة بين الوثيقتين دفعت مقربين من نائب رئيس الحزب د.فيصل حسن ابراهيم إلى الاعتقاد في حديثهم ل(السوداني) أمس، بأن دواعي التغيير الحزبي في الوطني تفرضه أولويات المرحلة المقبلة ممثلة في تنفيذ وثيقة مخرجات الحوار الوطني وإعداد الدستور الدائم ومراجعة قانون ومفوضية الانتخابات ومراجعة قانون الأحزاب السياسية؛ بالإضافة إلى ترتيب أوضاع الحزب وهو ما يتطلب كوادر تنظيمية لديها القدرة على تنشيط قواعد الحزب. وطبقاً لمصادر لصيقة بمساعد الرئيس فإن معيار اختيار كوادر جديدة أو الاحتفاظ ببعض الكوادر القديمة، رهين بمدى الكفاءة بجانب أنه سيعمل على تعزيز الثقة في الحزب كمؤسسة سياسية بعيداً عن العزف المنفرد للافراد. إعادة انضباط عمل كثيف ينتظر المؤتمر الوطني في مقبل الأيام قبل الوصول إلى العام 2020م تاريخ انعقاد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، من بينها العمل مع شركاء العملية السياسية ممثلين في الأحزاب والقوى الاجتماعية الأخرى للدفع بما تبقى من توصيات الحوار الوطني، وتقييم تجربة حكومة الوفاق التي تمخضت عن حوار الوثبة، وتحديد التحالفات السياسية لمرحلة ما قبل وبعد الانتخابات الرئاسية، وهي قضايا يعتبرها القيادي بالمؤتمر الوطني عبد السخي عباس بأنها مطلوبات تجعل من التغيير داخل الوطني ضرورياً. ويذهب عبد السخي في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن اختيار د.فيصل لمنصب نائب رئيس الحزب اختيار مناسب في توقيت مناسب لإنفاذ مخرجات الحوار، خاصة أن فيصل كان رئيسا للجنة الحزبية لمتابعة عملية الحوار الوطني. عباس يشير إلى أن التغييرات المقبلة من شأنها إعادة الهيبة والانضباط للوطني كونه حزباً مركزياً في ظل نظام لا مركزي، بعد أن شهد الحزب صراعات في ولايات مهمة بالنسبة له مثل الجزيرة وجنوب دارفور بجانب حسم ترشيح رئيس الحزب عمر البشير لولاية جديدة وهي قضية طبقا لعباس (تَلَجْلَجَ) فيها المؤتمر الوطني كثيراً وتباطأ فيها مجلس الشورى القومي، ويضيف: "د.فيصل سيحسم هذه الناحية وسيجعل من الوطني رأس الرمح والموجه لعملية إعادة ترشيح الرئيس البشير لأن البشير هو المؤتمن على استكمال مسيرة الحوار والوفاق الوطني". تغييرات بلا أثر المراقبون اعتبروا أن التغييرات التي ظل يجريها المؤتمر الوطني مع كل اختيار لنائب جديد لرئيس الحزب، استمرت تتم بلا أثر في ظل تضارب السياسات الخاصة بالحزب، وتعطيل اللوائح المنظمة لعملية الاختيار. ورغم أن الوطني أجرى منذ عام 2013م تغييرات قيادية كبيرة، بما فيها فتحت الباب أمام صعود كوادر شبابية في المواقع الحزبية المختلفة، إلا أن أولئك المراقبين يرون أن عملية اختيار الكوادر الجديدة لا تشكل وفق اللوائح والمقدرات ويرون أن الفئات الشبابية التي تسنمت مواقع الحزب في الفترة القليلة الماضية، دفعت بها مجموعات، ويؤكدون في ذات الوقت أن تدارك ذلك في التغييرات المقبلة رهين بالابتعاد عن المحاور والاختيار وفق الكفاءة والمقدرة.