[email protected] يدور حديث كثير هذه الأيام حول مساهمة الإيرادات الضريبية بالسودان بالموازنة العامة ونسبتها للناتج المحلي الإجمالي ..وهذا من الميزات الكبيرة للأنظمة الديمقراطية التي تتيح طرق كل الشأن الوطني بحرية منيفة وأريحية ملهمة.. وبأضواء هذه الشفافية الخلاقة يذهب الزبد ويبقى ماينفع الناس ويصلح حال الوطن.. ومن المعيب بهذا الوطن العظيم ضعف الوعي الوطني بأهمية الالتزام الضريبي..وضعف الوعي الضريبي نفسه حتى عند النخب ..الأمر الذي يتطلب منصات بث تنوير تطرق على الجوانب المختلفة المتعلقة بالاصلاح الضريبي بالسودان كمحور مهم من محاور الإصلاح الاقتصادي.. والنظام الضريبي بالسودان الذي تجاوز عمره قرونا من الزمان يقف على ركائز أساسية هي التشريع والادارة الضريبية أو الجمركية التي تحوله لعمل فني ضريبي او إجراءات جمركية وتستخدم التقنية جزئيا لهندسة اجراءاته.. والجمارك ورسوم الإنتاج..التي يرتبط تحصيلها بواقعة التخليص الجمركي للسلع المختلفة..تديرها هيئة الجمارك والتي تختلف طبيعتها عن الضرائب التي تدفع كواجب وطني بدون مقابل مادي خاص و التي يديرها ديوان الضرائب وكلاهما يعتبران ايرادات ضريبية عند الحديث عن المالية العامة والسياسات الاقتصادية الكلية . ويحب الارتقاء بمعدلات مساهمتهما بالايرادات العامة لتوفير إيرادات عامة حقيقية تمكن الدولة من القيام بواجبات الإنفاق على التعليم والصحة والأمن ومختلف الخدمات العامة الاتحادية والولائية حتى لا تحتاج لتمويل جانب كبير من الاتفاق العام من إيرادات غير حقيقية مثل الاستدانة من النظام المصرفي والإصدار النقدي الجديد بما يفوق المعدلات الاقتصادية المسموحة..وما يترتب عليه من آثآر تصخمية ضارة بمجمل الاقتصاد وعصب الدولة والمجتمع. بوضعنا الراهن التمويل التضخمي عبر الاصدار،النقدي الجديد الذي تلجأ الحكومة اليه مجبرة ..للوفاء بقفزات زيادة المرتبات وغيرها كواقع ماثل يجب التعامل معه… يماثل صب الزيت على النار ويزيد اشتعال الأسعار، والحنق على الوضع السياسي وتداعيات الاستغلال السيىء لهذا الامر الكارثية واضحة.. – لذا من المخارج المهمة من هذا النفق..الارتقاء بالإيرادات الضريبية التي أقعدتها ممارسات وسياسات النظام البائد وحالت دون تدرج وصولها المعدلات الموازية لحجم الناتج المحلي الإجمالي كمؤشر اقتصادي مقارنة بالدول ذات الاقتصاديات المماثلة.. ومن المعلوم أن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالدولة من العناصر الاساسية التي يجب على الانظمة الضريبية مراعاة انعكاساتها عند وضع تشريعاتها وسياساتها وهياكلها ونظمها الادارية والتقنيةالضريبية .. فالنظام السياسي للدولة له انعكاسه المباشر على مجمل العمل الضريبي فنظام الحكم الفيدرالي السائد بالسودان منذ منتصق تسعينات القرن الماضي الذي منح عبر مراسيم دستورية قبل صدور دستور 1998..سلطات وموارد ضريبية لمستويات الحكم الاتحادي و الولائي. والمحلي..والتي وزعت الايرادات الضريبية على موازنة اتحادية وموازنات ولائية.. كما ان انعكاس الآثار السياسية لانظمة الحكم الشمولية على العمل الضريبي من خلال تدخلها وفق حسابات يغلب عليها جانب التمكين السياسي على المصلحة العامة بكل شيء حتى بممارسة الاعمال الاقتصادية والتجارية وتوفير سبل الحماية والتمييز لها عبر اذرع إخطبوطية يؤثر على العدالة والحصيلة الضريبية..والتأثيرات السالبة بهذا الشأن لا تحصى ولا تعد ويكفي انها ملاحظة ومعلومة للكافة ولا تحتاج لكثير توضيح وشرح..وكانت من أهم أسباب الضعف الراهن.. والآثار الاقتصادية على النظام الضريبي مرتبطة كالدورة الدموية بالجسم أثرا وتأثرا على السياسات والإجراءات بأوقات التضخم والانكماش واثرها على كل القطاعات حتى بحساب المؤشرات.. فمثلا عند الحديث عن نسبة الإيرادات الضريبية للناتج المحلي الإجمالي يجب الوضع بالاعتبار الأسعارالضريبة على القطاع.. و نسبة مساهمة القطاع بالناتج المحلي الإجمالي.. ويكفي توضيحا للآثار الاقتصادية على النظام الضريبي بالسودان ماهو حادث الآن من سعر الدولار المحدد لحساب القيمة الجمركية للواردات بسعر ثمانية عشر جنيها في حين ان سعر الدولار الحر تجاوز المائتي جنيه.بفارق بين السعرين يتجاوز العشرة أضعاف .وهذا تشوه اقتصادي ومحاسبي يؤدي لمحاسبة جمركية و ضريبية لا تتوافق مع التكلفة الحقيقية للاستيراد التي يجب ان تتم على أساسها المحاسبة الضريبية التي حددها القانون ومثل هذه الجزئيات وغيرها كثير هي التي تؤدي لقلة نسبة مساهمة الإيرادات الضريبية مقارنة بالدول النظيرة. واذا علمنا أن الإيرادات الضريبية ظلت تشكل أكثر من ثلثي ايرادات الموازنة الاتحادية واكثر من نصف ايرادات الموازنات الولائية خلال العقد الاخير .فهي الشريان الرئيسي الذي يضخ موارد تمويل الإنفاق بالموا زنة الاتحادية وثماني عشرة موازنة ولائية بالسودان وهذا يوضح أثرها الإقتصادي الكبير مع امتدادته الاجتماعية والأمنية.. وتأثر حصيلتها بهياكل وانتاجية القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية يوضح عمق الارتباط ومدى تشابك الأثر،والتأثر. واكبر الآثار الإجتماعية السالبة على النظام الضريبي بالسودان عدم نبذ العرف والحس الوطني لعيب التهرب.. وهذا من التيارات المنيعة بالدول المتقدمة التي ساهمت بكبر الحصيلة الضريبية و انعكاسها الكبير على التنمية والرفاه العام بتلك الدول مع المساهمة الفاعلة في مساعدة اداء أنظمتها الضريبية لرسالة العدالة الاجتماعية المرتبطة بإعادة توزيع الثروة عبر مساهمتها. بتحقيق متانة البنية التحتية وتميز الخدمات الحكومية المقدمة لجميع شرائح المجتمع بالدولة. الإضاءات أعلاه تشكل مدخل مطلوب لولوج دهاليز الإصلاح الضريبي بالسودان الذي يجب أن يستند الى ضرورة إستصحاب خصوصية حال الوطن السياسي والاقتصادي والاجتماعي بلبنات بناء الإصلاح الضريبي عبر محاور التشريع والسياسات ونماذجها الإجرائية التقنية المناسبة لكل الأوعية الضريبية الحالية والمطلوب إضافتها. وارتباط الأمر بإصلاح الهياكل التنظيمية للادارة الضريبىة وتمتين مؤسسية وتناسق اداء عمل أجهزة الدولة لإنجاز السياسات الكلية واستنهاض قيم المجتمع وحسه الوطني لتغذية مظهر ومضمون الامتثال الضريبي الطوعي الذي هو صنو فلاح العطاء، وصدق الانتماء.