همس الكلام…حسين الخليفة الحسن باشر الوطن الغالي "السودان" العمل البرلماني وثقافة التشريع legislation منذ مطلع الخمسينات من القرن المنصرم، وكان علما بارزا يشار اليه بالبنان، ولوطني قصب السبق؛ والقدح المعلى في ثقافة العمل البرلماني والتشريع منذ غابر العهود تعزيزا وتقويما من أي دولة عربية أو افريقية. وتقبع بذاكرة تأريخ العمل البرلماني ببلادي نخبة من قامات وأفذاذ الرجال، بهروا العالم يومذاك ببهاء وسحر بيانهم، وطلاقة ألسنتهم، وعذوبة وسلاسة عباراتهم، ونقاء وثاقب فكرهم، وهم يعتلون المنابر الفكرية والبرلمانية بالداخل والخارج. نذكر منهم: محمد أحمد المحجوب، مبارك زروق، حسن الطاهر زروق، الشريف زين العابدين الهندي وأحمد خير. وآخرون كثر. واليوم وبعد ان طوى الوطن صفحات قاتمة من تأريخه الناصع البياض، انبثق فجر ثورة ديسمبر تبشر بسودان جديد مشرق وضئ بمشيئة الله، وولوجه بوابة دهاليز العالم الحر الديمقراطي، بعد أن شطب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب terrorism…… وحتى تكتمل مكونات السلطة الانتقالية علينا أن نسرع الخطى دون تلكؤ أو إبطاء في تسمية أعضاء المجلس التشريعي " ثالوث السلطة" لتقنين القرارات، وبسط الشرعية، وهيبة ووقار الدولة لإسكات الأصوات. وأملي أن يضم المجلس التشريعي كل أطياف المجتمع السوداني من مهنيين ،رجال قانون، علماء المجتمع، الادارة الأهلية، الحركات المسلحة،شباب الثورة، القوات النظامية، برلمانيين سابقين، حكماء الخدمة المدنية.يختار القوي الأمين "فترنا" وكرهنا المخاصصات والمجاملات وذوي القربي "وهي الغتست حجرنا". يتم الاختيار بالسيرة الذاتية والمراجع، وإجادة وإتقان لغة القرآن الكريم قراءة وكتابة. لماذا لا يكون العمل بالمجلس تطوعا لتأزم الموقف الاقتصادي؟ يمكن ان يمنح العضو بدل ترحيل وتقديم وجبة واحدةعند انعقاد كل جلسة. "عاوزين" رجال يملوا العين مايملوا البطون". سر الختم الخليفة ضاق الشعب السوداني ذرعا في أعقاب عام 1964، من قسوة ومرارة الظلم والقهر وكبت الحريات، من الطغمة العسكرية .وتفجر الموقف على الفور باندلاع ثورة 21 اكتوبر العظيمة.لم نكن نعاني يومذاك شظف العيش، المسغبة والعوز فهي ثورة حضارية فكرية أخلاقية تدافع عن قيمنا السمحة والحريات، وكانت البطون متخمة بما لذ وطاب والحال مخالف لحالنا اليوم. ثورة أوقد جذوتها كل أطياف الشعب السوداني من":جبهة الهيئات، الأحزاب، النقابات، القضاة، المحامين، القوات النظامية والمعلمين وآخرين "…اجتمعت هذه الفئات في غرفة واحدة ونثرت كنانتها، ثم عجمت عيدانها عودا عودا، وجاءت كلمتها بالإجماع :باختيار استاذ الأجيال سر الختم الخليفة رئيسا لوزراء حكومة ثورة اكتوبر، وربانا ماهرا للسفينة. لماذا كان اختيار"سر الختم" بالإجماع؟" وتضمنت مذكرات اللواء عوض عبد الرحمن صغير أسباب الاختيار "وهي: اولا: لأن سر الختم كان محايدا، مستقل الفكر، ولا ينتمي لأي حزب. ثانيا: كان واسع الأفق، ودودا، غزير الثقافة، هادئا ومتواضعا، ويتمتع بذكاء متوقد كما عرف بطرفته النادرة، دبلوماسيا فذا، إداريا محنكا،عفيف اليد واللسان، محبوبا يحترمه الجميع وخاصة الأشقاء بالجنوب الحبيب فهو الذي أدخل اليهم اللغة العربية. وطني غيور وعاشق لتراب وطنه. عمل بعد ذلك وزيرا للتربية والتعليم، وسفيرا للسودان بروما ثم لندن وهناك منحته ملكة بريطانيا لقب سير. كل ما طرحه قلمي بهذه المساحة هو ما كان يجيش بصدر كل من عرفوه والتقوا به في شتى المواقع، وهدفي بكل صدق هو أن يتعرف شباب الثورة على إشراقات شوامخ ورموز الوطن الحبيب ليحذوا حذوهم. وليقتدوا بسيرهم المشرقة الوضيئة.. ألا قد بلغت اللهم فاشهد.