[email protected] وفقاً لقيمة العملة السودانية أمام الدولار الأمريكي، فإن شحنة المحروقات الأولى، غير المدعومة، التي سوف تطرح للبيع للمستهلك السوداني، يرجح أن يكون سعر اللتر للبنزين منها في حدود 120 جنيهاً، والجازولين في حدود 85 جنيهاً للتر. أخذ التداول ما بين المستوردين ووزارة البترول ووزارة المالية وقتاً طويلاً للوصول للسعر الملائم، الخلاف لم يكن حول سعر الدولار في السوق الموازي الذي يُحدد على أساسه سعر الاستيراد، ولكن كان الخلاف حول الضريبة على القيمة المضافة، وهي نسبة 17% حسب القانون. على عكس ما يتوقعه البعض، لا نعتقد أنه سوف تحدث ارتفاعات في أسعار النقل والمواصلات نتيجة لتحرير المحروقات، وذلك لسبب بسيط هو أن السائد في السوق اليوم هي أسعار المحروقات بالسوق الأسود، وهي تبلغ ضعف السعر بعد التحرير. عليه سوف تتجه تكاليف النقل والمواصلات نحو الهبوط بفعل توفر المحروقات، وعامل المنافسة. قد تسهم التجارة في المحروقات في حدوث استقرار لقيمة العملة الوطنية أمام العملة الأجنبية، إذا ما اتجه المستوردون لتمويل مستورداتهم من المحروقات من مصادر حقيقية، من عائدات الصادرات أو من تحويلات المغتربين. يوصى أن تتجه البنوك لعمل محافظ بالدولار لاستيراد المحروقات، ويمكن تصفية المحفظة كل ثلاثة أشهر بعائد لا يقل عن 5% للفترة، وهذا عائد مغري جداً سوف يجعل المغتربين ينشطون للاستثمار في المحفظة، وهذا سوف يؤدي لاستقرار سعر الصرف. على الشركات المستوردة، وهي شركات كبيرة ومسؤولة، الامتناع عن شراء الدولار من المضاربين في العملة، وعليها التوجه نحو الشراء من مصدرين حقيقيين، أو من المحافظ البنكية بالطريقة التي شرحناها آنفاً، أو من محفظة السلع الاستراتيجية التي أعلن عنها سابقاً. على الحكومة زيادة المعونة الاجتماعية المقدمة للفقراء أفقياً ورأسياً. أي زيادة عدد المدعومين، وزيادة القيمة المقدمة. على أن يكون الدعم نقدياً لا سلعياً. وعلى الحكومة كذلك الامتناع عن التدخل في عمليات الإنتاج الزراعي، لا بدعم المدخلات، ولا بتحديد سعر للشراء من المنتجين، وعليها ترك كل ذلك لآليات السوق الحر. ولن يتضرر المنتجون بإذن الله تعالى. ربما يقول البعض إن المزارعين سيتركون زراعة القمح ويتجهون لزراعة العدسية، والرد: فليكن، سوف تُصدر العدسية إلى الهند بأسعار جيدة، ومن عوائدها يمكن استيراد القمح. هذا، مع اقتناعي أن زراعة القمح في السودان لها جدوى اقتصادية مرتفعة للغاية. التحرير الاقتصادي، مع الانفتاح المتوقع بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يفتح الباب واسعاً أمام تفجير الطاقات الهائلة الكامنة في الاقتصاد السوداني، شريطة أن يتم ذلك من خلال حزمة واحدة متكاملة، تشمل تحرير الأسعار، وتكاليف الإنتاج، والأجور. وشريطة أن يتم ذلك أيضاً في ظل مناخ ملائم لأداء الأعمال، توفير قوانين ملائمة، ونظام قضائي عادل وشفاف. والله الموفق