بعد ما تأكد زيادة أسعار الوقود والذي يمكن اعتباره أولى البدايات للفشل في الاقتصاد السوداني والذي هو أصلا" في بداياته، ذلك الارتفاع الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بصورة جنونية وارتفاع معدلات التضخم بنسب عالية والتي يمكن تحليلها كما يلي: (أولا") : ارتفاع أسعار السلع والخدمات لتجارة الجملة والتجزئة ، وذلك لارتفاع تكاليف المواد الأولية التي تدخل في الإنتاج، و المواد التامة الصنع، وارتفاع مصروفات التوزيع والمبيعات وذلك لارتفاع تكاليف النقل والمناولة وتعتبر نتيجتها النهائية و المتمثلة في الارتفاع لأسعار السلع والخدمات للمستهلك ،ويكون ارتفاع الأسعار أكبر لدى تجارة التجزئة والتي تمثل المرحلة الأخيرة حيث توزع للمستهلك مباشرة ، و تترفع الأسعار لدى تجارة التجزئة لمستويات عالية متعللة بزيادة أسعار الوقود أضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، ويكون هنالك تفاوت واضح في ارتفاع الأسعار بين محلات التجزئة المختلفة . (ثانيا) : دخول موردي الوقود من الشركات الخاصة في المضاربات لشراء الدولار من السوق السوداء لتوفير الدولار لشركاتهم لاستيراد الوقود بصورة يومية، ويرتفع بذلك الطلب على الدولار ويقل العرض ، ويرتفع سعر الدولار بصورة جنونية أمام الجنيه السوداني والذي سوف يفقد قيمته وقد يتخطى الدولار أكثر من 1000 جنيه على المدى القصير، وبذلك ترتفع الأسعار بصورة جنونية وترتفع معدلات التضخم بنسب عالية ، ويكون تأثير ارتفاع سعر الصرف على الاقتصاد أكبر من تأثير زيارة الوقود في (البند الأول) :وذلك لارتباط الدولار باقتصاديات الأسواق العالمية ، و بالنسبة لارتفاع سعر صرف الدولار فأثره يكون واضحا" على الاقتصاد الكلي ، أما بالنسبة لارتفاع أسعار الوقود فيكون التأثير بصورة واضحة على الاقتصاد الجزئي ( الشركة والمستهلك ) في الأمد القصير ويبدأ هذا التأثير باهتا" في الأمد الطويل ومع مرور الوقت في الأمد الطويل يكون الأثر أكثر وضوحا" ، وفي ظل الشد والجذب ما بين ارتفاع سعر الوقود وسعر صرف الدولار وارتفاع نسب التضخم كل هذا يحدث تحت متوسط للأجور الآن في السودان ما يعادل تقريبا" ال30 دولارا" فقط في الشهر ، ومع ارتفاع معدلات نسب التضخم يمكن أن ينخفض متوسط الأجور الى ان يصل ال 7 دولارات في الشهر ، فبذلك تقل قيمة المبيعات الفعلية بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية للجمهور لانخفاض دخل الفرد ، وأيضا" تؤثر النسب العالية للتصخم على المبيعات المتوقعة بحيث تكون أعلى من المبيعات الفعلية وهذا هو ما يسمى بالفشل الاقتصادي، والذي يعرفه الاقتصاديون بان إيرادات الشركة أقل من تكاليفها ولا تغطيها، وأيضا" يعرف بأن العائد على الاستثمار أقل من تكلفة رأس المال، ويعرف أيضا" بأن عوائد الشركة الفعلية أقل من المتوقعة. وفي ظل تدني متوسط الأجور إلى أدنى مستوياتها وعدم المقدرة على الشراء يؤدي ذلك لما يعرف بالفشل المالي ، وخصوصا" في الأجور ، ولذلك يعرف الماليون الفشل المالي بأنه عدم استطاعة الشركة بسداد التزاماتها عند استحقاقها ويسمى عسرا ماليا أو يمكن تعريفه بأن إجمالي التزامات الشركة يزيد عن قيمة أصولها ويسمى إفلاسا" ، وهذا ما يمكن تطبيقه على متوسط الأجور في السودان فيكون المواطن دائما" متعسر ومديون أو يكون مفلسا"،…. وطبعا هذه الخطوة والتي قامت الحكومة باتخاذها برفع الدعم عن الوقود تعتبر من ضمن شروط صندوق النقد الدولي في البدء بتحرير الاقتصاد السوداني ، وحتى يتمكن السودان من إعفاء ديونه لابد من عمل إصلاحات في الاقتصاد السوداني حسب توجيهات صندوق النقد الدولي ، ومن ضمن هذه الإصلاحات هو ما يحدث الآن برفع الدعم عن الوقود … وأصبحت الحكومة الآن مابين فشل اقتصادي محتمل ، وبين إصلاحات اقتصادية قد يبدأ بتنفيذها ولكن لا ترضي طموحات صندوق النقد الدولي .