الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر الاقتصادي القومي الأول.. "حشفا وسوء كيل"
نشر في السوداني يوم 03 - 11 - 2020

الموضوع: المؤتمر الاقتصادي القومي الأول : تحت شعار "نحو الإصلاح الشامل والتنمية الاقتصادية المستدامة" ( 26/27/28 سبتمبر 2020): "حشفا وسوء كيل"
حيثيات المؤتمر (من الألف الى الياء)
1. تنظيمياً قام المؤتمر على:
1.1 (16) ورشة قطاعية.
1.2 (10) جلسات عمل.
1.3 (7) أوراق "علمية"
2. قدم المؤتمر (190) توصية:
2.1 (153) توصية قطاعية /متخصصة
2.2 (37) توصية عامة
3. جاءت التوصيات القطاعية /المتخصصة على النحو التالي :
أولاً: بشأن الرؤى والتحديات وأولويات التنمية لحكومة الفترة الانتقالية (42 توصية).
ثانياً : بشأن السياسات المالية والتخطيط الاقتصادي (48 توصية).
ثالثا: بشأن الدعم السلعي وبدائله (20 توصية).
رابعاً : بشأن السياسات النقدية والمصرفية والسياسات الخارجية (32 توصية ) .
خامساً : بشأن الشباب والمسائل الاقتصادية (بالتركيز على مسائل الاستخدام والتدريب (11 توصية).
4. ماذا نحن قائلون عن المؤتمر؟
4.1 نقول – كما قال الكثيرون من المختصصين السودانيين وآخرين – أن المشكل الاقتصادي في بلدنا – الكثير من الدول – وهو "سوء إدارة لكل الموارد المتاحة (بشرية /مالية /مادية)" mismanagement of resources.. يكفيني أن ىستشهد هنا بما قاله الأخ / الاستاذ / فتحي الضو ( في جريدة الديمقراطي / بتاريخ الاثنين 12 أكتوبر 2020):
"إن الأوضاع العامة وبالأخص الاقتصادية صعبة للغاية… إلا اننا على قناعة كاملة أن البلاد ستتجاوزها في القريب العاجل لكن هذا لن يأتي إلا بالمزيد من الشفافية بين الشعب والجالسين على سدة الحكم مع تأكييد كامل أن هذه الأزمات تعود لسوء إدارة الموارد المتاحة حاليا ً ومكائد الفلول، ثانياً ثم لتنكر البعض لثلاثية شعارات الثورة المجيدة".
ونقول إن تدبير/ترشيد/حسن استغلال الموارد المتاحة حالياً يتطلب توفر كوادر بشرية ذات قدرات إدارية مهنية عالية (في جميع مؤسسات القطاع العام والخاص). كذلك يتطلب حُسن تدبير الموارد المتاحة حالياً النهوض بصياغة إستراتيجية اقتصادية /اجتماعية قومية مستدامة (تغطي فترة عشر سنوات) تنبثق منها خُطط متفاوت العمر/المدى الزمني (خمس ثلاث سنوات) برنامج عمل متفاوت المدى الزمني (ثلاث، اثنين سنوات) موازنات.
ان طرحنا هذا والمتمثل في تنوع خطة الإصلاح الشامل والتنمية المستدامة بحسبان أن التخطيط القومي الشامل يتطلب النظر والتعامل مع حال البلد لابعد من الفترة الانتقالية ليس بحسب أن البلد سيظل (بإذن الله) موجوداً رغماً عن اختلاف الجالسين على سدة الحكم كما لان "النظرة الكلية" طويلة المدى الزمني توفر فرص كثيرة للتحوط من تقلبات الزمان هذا بافتراض أن صياغة استراتيجية بمهنية عالية شاملة على رؤى وأهداف يعكسان إجماعاً قومياً يُسهل تبنيها وتنفيذها غض النظر عن من يحكم (هذا هو مانفهمه "بالعقد الاجتماعي").
ان صياغة "إستراتيجية اقتصادية /اجتماعية قومية مستدامة" (توفر – بالضرورة – خُطط /برامج عمل/موازنات) ذات أهداف ومدى زمني اكثر تحديداً تجعل من أمر تنفيذها أكثر سهلاً كما يتطلب وجود هياكل تنظيمية وكوادر بشرية عالية المهنية وحسنة السيرة والسريرة.
إن صياغة مثل تلك الإستراتيجية (وجمع آليات التخطيط المتفرعة منها) يجب – كما نرى وندعو- أن تعتمد/تقوم وبشكل أساسي على الموارد المتاحة، هنا نركز على موارد القطاع الزراعي؛ (بشقية النباتي والحيواني) لمقابلة احتياجات المواطن المعيشية في المدى الزمني القصير (سنة /ثلاث سنوات) ومن ثم التقدم إلى مرحلة التصنيع الزراعي لإضافة قيمة لتلك المنتجات مما يمكن من تصدير الفائض ويحسن من ميزاني التجاري والمدفوعات ويجلب العملات الحرة ويرفع قيمة العملة الوطنية.
نلخص قولنا بأنه وبدون تخطيط علمي مهني لمختلف الخطط والأهداف والأزمنة وبدون الاعتماد على الموارد المتاحة وحسن تدبيرها /إدارتها /ترشيدها فلن ينصلح حال المواطن والوطن (شاهدنا على ذلك ما آل اليه حال المواطن من تكدس وإطالة صفوف في أبجديات الحياة اليومية).
4.2 هذا قولنا، ماذا يقولون (قحت والحكومة) لتحقيق شعار مؤتمرهم (الإصلاح الشامل والتنمية المستدامة)؟
4.2.1 السيد/ رئيس الوزراء قال في الجلسة الختامية للمؤتمر: "المؤتمر أتاح فرصة لمناقشة قضايا مهمة ذات طابع طويل الأجل" إلا أن السيد /رئيس الوزراء أشار الي وجود "قضايا آنية تحتاج الإسراع في وضع الحلول منها المشاكل الآنية التي تخص معاش المواطن".
شهد شاهد من أهلها! رئيس الوزراء لم يشر لحلول او توصيات محددة بل أشار لضرورة وضع حلول المشاكل الآنية التي تخص معاش المواطن.
بمثل هذا القول يكون رئيس الوزراء قد وصف المؤتمر بالمثل المذكور في أعلى هذه الرسالة "حشفاً وسوء كيل"!!!
4.2.2 وزيرة المالية المكلفة قالت في بيان عشية عقد المؤتمر "إن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أبرم اتفاقية بين حكومة السودان والصندوق (الأربعاء الماضي) يمكن أن تمهد لمعالجة صعوبات الاقتصاد السوداني وإصلاح تشوهاته التي خلفها النظام البائد" "وتوقعت الوزيرة أن تؤثر الإصلاحات التي يطالب بها الصندوق فوائد ملموسة للسودان من بينها إعفاء متأخرات الديون (بالاستفادة من مبادرة إعفاء الدول المثقلة بالديون المعروفة اختصاراً ب "هيبكك" والحصول على تمويل للمشاريع التنموية والإنتاجية الكبرى في البلاد وتطوير الثروات والخدمات" !!!
وأوضحت السيدة الوزيرة المكلفة "أن تنفيذ البرامج سيجعل السودان مؤهلاً للحصول على أكثر من 1.5 مليار دولار سنوياً من السلع التنموية المباشرة لتحفيز الاستثمار وإنعاش الاقتصاد لخلق فرص عمل للشباب وزيادة الإيرادات والصادرات".
جاءت تعليقات الوزيرة هذة عقب إعلان وزارتها أن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي أجاز الاتفاقية المبرمة بين حكومة السودان الانتقالية والصندوق وقالت الوزيرة (في بيان الخميس) ان الاتفاقية التي أُجيزت (يوم الأربعاء) ستمهد الطريق لحل الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الشعب السوداني وإصلاح التشوهات الهيكلية التي خلفها النظام البائد وتحقق الاستقرار المطلوب لتحقيق السلام العادل والمستدام في جميع انحاء البللاد.
نرى فيما اقتبسناه من قول وتصريحات الوزيرة المكلفة شاهد على عدم الشفافية بين الحكومة التنفيذية وحاضنتها مما يدعو للتساؤل؟!!!
4.2.3 اما الحاضنة السياسية (قحت) فقد رفضت توصية الحكومة الانتقالية برفع الدعم عن المحروقات التي أعلنتها ضمن فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر ،علماً كانت الحكومة الانتقالية قد أجازت الشهر الماضي موازنة معدلة للعام الجاري تشمل رفعاً تدريجياً عن المحروقات وتحريرا جزئيا لسعر الصرف وزيادة الدولار الجمركي.
هذا مثال آخر لانعدام الشفافية (كما في المثل الشهير الزوج آخر من يعلم!) وتأكيداً لما ذهبنا اليه أن المؤتمر ماهو إلا تظاهرة سياسية إعلامية أبعد مايكون عن المؤتمرات المهنية العلمية المراد منها / بها حسن صياغة وتنفيذ شعارات المؤتمر: لإصلاح اقتصادي وتنمية مستدامة.
جعلت الوزيرة من المؤتمر (الذي انعقد بعد يومين من إبرام الصندوق والحكومة الانتقالية ) "أضحوكة" "تحصيل حاصل " . وأثبتت – من حيث تدري أو لا تدري – صدق قول الأستاذ /فتحي الضو لضرورة "المزيد من الشفافية بين الشعب والجالسين على سدة الحكم".
أما ما قاله الأستاذ / كمال أحمد/عمر (عضو قحت /عضو اللجنة الاقتصادية /عضو اللجنة الثالثة الخاصة بالدعم السلعي) فيطعن في مصداقية وشفافية ومهنية المؤتمر وفي وزارة المالية الاتحادية نوجز هنا بعض ماقاله:
أ‌. "ان لجنة الدعم السلعي لم توص برفع الدعم . ووزارة المالية الاتحادية ارادت ان يتبنى المؤتمر توصية برفع الدعم السلعي وبذلك أرادت الوزارة تمرير التوصية عبر جلسات المؤتمر دون إجازتها من اللجنة المعنية . وعليه وصف التوصية بأنها غير صحيحة /مزيفة /مضروبة".
ب‌. ويستمر الاستاذ كمال بالقول "ان ما يحدث في السودان لهو أكبر من موضوع الدعم (رفعه أو الإبقاء عليه) ان ما يحدث في السودان في المجال الاقتصادي هو وجود نظرتين :
المدرسة الأولى: تري أن دور الدولة في الاقتصاد هو السير في طريق النظام السياسي السابق المهتدي بسياسات / روشتة المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي) التي تترك الاقتصاد للرأسمالية الطفيلية و….و…….الخ.
المدرسة الثانية: ترى للدولة دوراً كبيراً في الاقتصاد، الصحة والتعليم والخدمات العامة).
خلص الاستاذ/كمال حديثه للذين يتبعون المدرسة الاولى ويعملون على رجوعها ( للتحكم فوق رقابنا) بالقول لهؤلاء "دونكم الباب : عليكم يسهل وعلينا يمهل .. امشوا يجونا ناس تانيين".
قبل ان نعلق على المؤتمر بتركيز اكبر نقول ان ما رمى له الأستاذ /كمال أحمد بالنظريتين، هي نظريتان للمدرستين اللتين تتحكمان في شأن الاقتصاد الكلي/ القومي المدرسة الرأسمالية (مدرسة السوق الحر القائمة على فكرة اليد الخفية The Invisible Hand لصاحبها Adam Smith التي تقول ان الحالة الاقتصادية تعالج نفسها بنفسها تلقائياً بواسطة قانون العرض والطلب).
اما المدرسة الثانية فتقوم ان الوضع/ على أن الدولة تلعب دوراً كبيراً وفاعلاً في الاقتصاد الكلي ….لتحجيم غلواء آليات السوق الحر وان تقوم بتقديم عدد من الخدمات لا يتصدى لها القطاع الخاص (إما لفخامة التمويل او لصغر العائد) كقطاعات الصحة والتعليم والبنية التحتية …الخ.
واقع الحال يقول ان الولايات المتحدة (اللاعب الأكبر للمدرسة الاولى ) تعتبر حكومتها الفيدرالية اكبر مخدم اذ تقوم ببعض تلك الخدمات التي ذكرناها أعلاه بشكل جزئي او كلي .
5. لأسباب يعلمها الاستاذ /كمال أحمد حصر نفسه في نظرتين علماً انه (بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ونيل كثير من المستعمرات استقلالها) ظهرت مدرسة اقتصادية دمجت افكار وتطبيقات المدرستين ( الاولى والثانية) في مدرسة واحدة مدرسة الاقتصاد المختلط الذي اوكلت للقطاع العام مجالات الخدمات الصحية والتعليمية والأمنية …الخ (راجع ما ذكرناه أعلاه ان الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة هي أكبر مخدم فيها).
نقول ان زعماء العالم الثالث الذي ابتدعوا فكر/منهج الاقتصاد المختلط انطلقوا من واقعهم المعاش وايمانهم ان لمواطنيهم حقوقا مستحقة في الصحة والتعليم والبنية التحتية لا يرغب القطاع الخاص القيام (للاسباب التي اوردناها أعلاه) فأصبح واجبا ملزما على الحكومة القيام بتلك الخدمات وما شعارات "مجانية التعليم" و "الصحة للجميع" الخ إلا شواهد على الالتزام يتلك الحقوق.
وكذلك وفر نهج الاقتصاد المختلط الفرص للقطاع الخاص دوراً مقدراً ليلعبه تحكمه قوانين ونظم ولوائح ومسؤوليات اجتماعية تضمن حسن سيرته.
ان فكرة التخطيط المختلط تتبلور وتتفعل في شكل خطط مختلفة الانواع والأهداف والأزمنة (إستراتيجية /خطط/برامج عمل /موازنات) (كنا قد فصلنا هذا الأمر في رسالة سابقة). قد درجت الكثير من دول العالم الثالث في بداية عصر التخطيط ان تحصر نفسها في خطط خمسية المدى الزمني (السودان من بينها) مع تطور علوم الرياضيات/ الاحصاء/بحوث العمليات تمددت الخطط الخمسية المدى الزمني الى استراتيجيات عشرية المدى الزمني (السودان من بينها).
نقول انه ومنذ خمسينات القرن الماضي ادارت الحكومات السودانية المتعاقبة الشأن الاقتصادي بواسطة خطط خمسية وعشرية المدى الزمني وبرامج عمل ثلاثية المدى الزمني وموازنات مكنت تلك الحكومات من التعامل مع الشأن الاقتصادي بآلية التخطيط المركزي المهني موزعاً الادوار بين القطاعين العام والخاص وبدرجات متفاوتة من النجاح الى ان جاءت سنوات الانقاد وانحرف كفة ميزان الأدوار نحو القطاع الخاص/ اقتصاديات السوق /سياسة التحرير. وظهرت الشركات الرأسمالية الاحتكارية ( شركات /الاتصالات / المطاحن/ التأمين/ الأدوية/السكر/الخ) التي برطعت وخربت وأفسدت الذمم وشوهت الاقتصاد القومي.
6. لكل ما تقدم عن المدارس الثلاث التي تدبر / تدير الشأن الاقتصادي يتضح لماذا لم يول المؤتمر الاقتصادي اهتماماً لامر التخطيط المركزي وبالتالي لم يكلمونا ولم نعرف اين وكيف ستنفذ توصيات المؤتمر (190)؟!
6.1 أما عن التوصيات فحالها عجب ، ان لم نقل عنها انها عموميات فضفاضة غير محددة تحديداً يمكن تحقيقها والتحقق منها .. بمعنى " كلام والسلام" !!! "حشفاً وسوء كيل".
6.2 وكما قال السيد /رئيس الوزارة في الجلسة الختامية واصفا المؤتمر هكذا :
6.2.1 " المؤتمر أتاح فرصة لمناقشة قضايا مهمة ذات طابع طويل الأجل " .. إلا ان سيادته "اشار الى وجود قضايا آنية تحتاج الاسراع في وضع الحلول منها المشاكل الآنية التي تخص معاش المواطن".
6.2.2 وصف سيادته انعقاد المؤتمر بأنه "تمرين على الديمقراطية وادارة الخلافات لمصلحة الوطن "!
هكذا حكم رئيس الوزراء على المؤتمر المرتجى بأنه " تمرين على الديمقراطية وكأني به ردد قولة اللورد كينز(Keynes) ( عالم الاقتصاد الاشهر) داعماً لتوجه نظريته ذات التناول قصير المدى وساخراً ممن يتحدثون عن التناول طويل المدى:
" "As for the long run , we are all dead
وانتهى العزاء في المؤتمر الاقتصادي بما قاله رئيس الوزراء في الجلسة الختامية !! ولكل أجل كتاب! .
7. اما عن شخصي الضعيف فأقول "عسى ان تكرهوا شيئاً وهو خير لكم". وعليه واجب علي أن اشكر اللجنة المنظمة للمؤتمر ان لم تجد لي مكاناً في ورشه القطاعية المتخصصة ولا في رئاسة احدى جلساته والأنكى ولا حتى في حسن مخاطبتي بأي لقب على الظرف (الأبيض) المحتوي على دعوتي لحضور الجلسة الافتتاحية!!!.
خاب فألكم.
ملحوظة:
نٌلفت نظر السادة/ القراء الذين يريدون الوقوف ومعرفة أكثر وأعمق عن البنك الدولي الذي أفاضت الوزيرة في مدحه (مع توأمه صندوق النقد الدولي) إلى:
ماورد في جريدة الصحافة الالكترونية (رقم 2-6 مارس 2020) عن بروفيسور /بيني جولدبيرج التي عملت كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي لمدة 15 شهرا أشرفت خلال تلك الفترة على بحث موله البنك الدولي توصل لنتائج رفض البنك قبولها وأدت لاستقالة بروفيسور/ جولدبيرج .
من النتائج المثيرة للبحث أنه وجد علاقة بائنة بين توقيت تسلم القروض والمساعدات من البنك الدولي وزيادة التحويلات إلى الحسابات المصرفية في الملاذات الآمنة للنخبة وكبار المسئولين في خارج البلاد Offshore Bank Accounts in Safe Havens. (الملاذات الآمنة هي الدول التي تفرض سرية تامة على حساباتها المصرفية مثل سويسرا ولوكسمبورج). البحث وجد أن نسبة التحويلات لتلك الحسابات الخارجية تزداد ثلاثة أضعاف بعد وصول تحويلات البنك الدولي!!
باختصار فإن البحث يثبت بشكل علمي وعملي موثق ما يقوله ويعتقده كثير من الناس هو أن القروض والمساعدات القادمة من البنك الدولي إلى الدول النامية – والتي يصحبها عادة إجراءات تقشف اقتصادي صعبة من رفع الدعم وزيادة الأسعار وتعويم العملة- تستفيد بها النخبة من الطبقة الحاكمة والمقربين منها، ويتم تحويل جزء منها الى حساباتهم المصرفية خارج البلاد!!! ... بينما يتركون عوام الناس ترزح تحت وطأة الفقر وفوائد القروض تراكمية لسنوات طويلة!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.