الرئيس البشير وجه البنك المركزي بتمكين المودعين من سحب أموالهم من المصارف، مع مراعاة التحكم في السيولة. ووجه اجتماع برئاسة البشير في 12 فبراير المنصرم بالاستمرار في امتصاص السيولة لتحجيم الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي، في أول إقرار رسمي بإجراءات غير معلنة بتحديد سقوفات السحب النقدي بالبنوك، وقال وزير الدولة بالمالية عبد الرحمن ضرار في تصريحات عقب الاجتماع الدوري لضبط سعر الصرف بالقصر الرئاسي أمس الأول (الاثنين) إن "رئيس الجمهورية وجه البنك المركزي بضرورة تمكين المودعين من سحب أموالهم من البنوك مع مراعاة التحكم في السيولة حتى لا ترتفع الأسعار، وأفاد ضرار أن البشير، ووجه وزارة التجارة بالاهتمام بالمصدرين والمستوردين وتسهيل إجراءات الصادر والاستيراد وتبسيطها، وضرورة الاهتمام والتشديد بالالتزام بالأسعار التأشيرية العالمية بالنسبة لسلع الصادر السودانية. تساؤلات مشروعة الخبير المصرفي عثمان التوم يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، في ظل غياب أي قرار لبنك السودان حول منع العملاء من الحصول على أموالهم، فإنه من الواضح أن البنوك كانت تُموَّل من ودائع العملاء وليس من رؤوس أموالها، وأضاف: "معظم أموال المودعين مُنحت للتمويل". تنفيذ التوجيه الرئاسي بدا أمراً محيِّراً للتوم، وأشار إلى أنه مع ارتفاع الدولار فقدت الأموال المودعة قيمتها خاصة وأن كل المودعين اتجهوا لسحب النقود في الأيام الماضية، الأمر الذي ترتب عليه عدم وجود السيولة بالبنوك لجهة أن السحب أكثر من الإيداع. طمأنة المودعين ويرى التوم أنه لابد من توفير الطمأنينة للمودعين بإمكانية سحب الأموال وقت ما يريدون وتشجيعهم على إيداع الأموال في الجهاز المصرفي وتخفيز الآليات الأخرى للسداد خاصة وسائل الدفع التي تحصر (الكاش) في البنك بالتحويل للمتعاملين؛ سواء كان لشراء العربات أو الأراضي أو أي سلعة أخرى. وشدد على أهمية تقييم سياسة امتصاص السيولة وما حققته من نتائج وأضرار، واتباع ذلك بالتحليل اللازم خاصة وأن هناك جهات ستعمل بشكل مخالف حتى تفشل توجيه الرئيس بفك السيولة. خطوة إيجابية من جانبه اعتبر الخبير المصرفي مدير البنك السعودي السوداني السابق د. عبد الرحمن أبوشورة في حديثه ل(السوداني) أمس، أن منع المودعين من السحب يسبب ضرراً رهيباً للجهاز المصرفي بما ينعكس بصورة سلبية على المودعين. وأكد عبد الرحمن أنه حينما تم تبديل العملة في العام 1992م انعكس منع المودعين من السحب لأكثر من 5 آلاف جنيه بشكل سلبي على الجهاز المصرفي ما دفع الكثيرين لاستبدال الإيداع في البنوك بإنشاء الخزن الكبيرة بالمنازل. واعتبر أبو شورة السماح بالسحب خطوة إيجابية، وأضاف: السبب الأساسي لارتفاع الدولار هو التضخم المالي الذي ينتج من تمويل العجز في الموزانة بطباعة النقود والاستدانة من النظام المصرفي، وتابع: "النقود التي طبعت في عامي 2015 و2016 تفوق كل النقود التي طبعت خلال الحقبة الماضية منذ الاستقلال". قاطعاً بأن التعثر في الجهاز المصرفي يمثل أيضاً مصدراً لزيادة السيولة في الاقتصاد باعتبار أنها أموال تمت استدانتها من البنوك ولم تعد إليها. في المقابل وصف الخبير الاقتصادي وزير الدولة بالمالية، الأسبق عز الدين إبراهيم، الإجراءات الحالية لامتصاص السيولة بالناجحة في خفض أسعار الدولار، واستدرك: لكنه زاد بمجرد حدوث استرخاء في السيولة، محذراً من مغبة الاستدانة وسحب السيولة أفضل منها. وأشار إلى انعكاس ذلك على البنوك وإيداع المواطنين أموالهم بالمنازل، وتابع: من الخطأ منع الأشخاص من استخدام وسحب أموالهم بحسب القانون. ودعا عز الدين إلى التشديد على الاستدانة وليس السحب لأن الحكومة لديها مصادر داخلية وخارجية للتحكم في السيولة تتمثل في البنك المركزي، والمصارف وتجارة الذهب. تأجيج المشكلة واعتبر إبراهيم أن التحكم في السيولة وراء تأجج المشكلة، كما أن البعض يعتبر مسألة السيولة (جيدة)، لدى دخولها في دورة الاقتصاد بمقدار، بجانب أنها صارت "الشغل الشاغل" لأنها تحرك معدل التضخم. وشدد على ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني. فيما يرى وكيل أكاديمية السودان للعلوم المالية والمصرفية د. علي خالد الفويل أن السياسات النقدية واحدة من السياسات التي تعالج الهيكل الاقتصادي في أي دولة، بجانب أنها من الآليات لمعالجة التضخم. وأكد في حديثه ل(السوداني) أمس، أنها كسياسة لا مشكلة فيها، إلا أن تطبيقها يختلف من اقتصاد لآخر بحسب نوعه؛ سواء كان سياسياً أم اشتراكياً، ومن ظروف أي دولة لأخرى. وأضاف أن أكبر مشكلات الاقتصاد بالبلاد حالياً وجود الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي، مما أفقد المصارف وظائف التمويل للقطاع الإنتاجي.