دعكَ من الحرف والكلمة، حتى كاميرات التصوير لن تستطيع نقل روعة المشهد على مستوى التنظيم، حرارة التفاعل عمق الرضا بما تم إنجازه في ولاية شمال كردفان في عهد الوالي الهُمام أحمد هارون. حالة تفاعل جماهيري لن تجد لها مثيلاً في وُلاية أُخرى، باستثناء الجزيرة، واستطاع الوالي مولانا أحمد هارون أن يُفعّل المُجتمع ويُفجِّر طاقاته ويجمع صفَّه، لم يفعل ذلك بالشعارات الجوفاء وبيع الأوهام وتجميل الواقع بالأكاذيب ووعود السراب، ولكن بالعمل والإنجاز. هارون صاحب رؤية سياسية باهرة، وإرادة فولاذية قوية، مُقاوِمةٍ للانكسار والإحباط، قائدٌ حقيقيٌّ قادرٌ على تفعيل المجتمع واستنهاض قواه الخيِّرة ولجْم نوازع شَرِّه، عبر أسلوب ذكيٍّ وحكيم، يُعنى بالتفاصيل التي تُحقِّقُ الأهداف الكلية. أحمد هارون سياسيٌّ تختلط في تجربته الحِكَمُ والموروثات الشعبية بالمعارف الحضرية وخبرات العمل التنظيمي في قطاعات الطلاب، واستقامة أهل القضاء مع قليلٍ من دهاء الأمنيين وجسارة (الدَّياشة). تلك الخلطة المُدهشة المُتعدِّدة المصادر والمتنوعة الخبرات، صَنَعَتْ من الرجل سياسياً بمواصفات فريدة، قادراً على التعامل مع تحديات المواقع التي يتقلَّدها بكُلِّ كفاءة واقتدار. احتشد استاد قلعة شيكان بجمهور الولاية من كُلِّ الأعمار، رجالاً ونساءً وشباباً وأطفالاً، وازدان المكان بلوحات جمالية بديعة المظهر عميقة الدلالة تحث على العمل والإنتاج وتقديم الخدمات. اللافتات كُتِبَتْ شعاراتها بدقة وذكاء ولا تخلو من طرافة النظم ولطافة الجرس. (كُنَّا وين وبقينا وين، ولسه الونش شغال، كتر خيرك واصل مسيرك). الرئيس البشير وعد بمواصلة مسيرة التنمية في الولاية، تحت قيادة أحمد هارون. لم يكن مُستغرَباً في ظل الضائقة الاقتصادية، أن يكون أول برنامج في زيارة الرئيس لشمال كردفان، هو تدشين حصاد القمح بمشروع (نادك الزراعي) الذي تمتلكه شركة سعودية وتبلغ مساحة المشروع 60 ألف فدان ويقع بمحلية جبرة الشيخ بشمال كردفان. أهمية المشروع، تكمن في أنه يُعَدُّ التجربة الأولى بالنسبة لزراعة القمح في ولاية شمال كردفان، التي اشتُهرت طوال عمرها العتيق بمحاصيل أخرى غير القمح. وكم كان مُبشِّراً حينما أعلن المسؤولون عن أن متوسط إنتاج الفدان بلغ نحو 30 جوالاً للفدان، ليس هذا وحسب، بل إن القمح المُنتج من الأنواع الجيدة. وقال مفوض عام الاستثمار والصناعة بولاية شمال كردفان، المهندس النور عوض الكريم، إن تلك النتائج مُتميِّزة جداً وستُسهم في دعم وتحقيق الأمن الغذائي. وأضاف: "المشروع يمتلك 50 جهاز ريٍّ محوريٍّ أسهمت في انسياب الريِّ للمشروع بسهولة ويسر". المُفاجأة كانت في أن المشروع لم يقف عند حدود زراعة القمح، بل تُزرع فيه محاصيل البطاطس وفول الصويا والأعلاف والنخيل والبرسيم. وأوضح المهندس النور، أن المشروع يتميَّز بأجهزة وتقنيات حديثة تُعطي قراءات عن نسبة الرطوبة في التربة، فضلاً عن تقنيات مُتقدِّمة في مجال الري. في ثاني محطات الزيارة كان للطريق نصيب من برنامج الرئيس، الذي افتتح القطاع الرابع لطريق الصادرات أم درمان - بارا، والذي يبلغ طوله 32 كلم. ثم افتتح بعده، طريق رهيد النوبة - جبرة الشيخ، بطول 100 كلم، والذي يُمثِّل القطاع الثاني من طريق الصادرات القومي بارا جبرة الشيخ أم درمان. وقال الرئيس البشير لدى مخاطبته لجماهير منطقة رهيد النوبة، إن طريق الصادرات يتم تمويله من مال الشعب السوداني "وهذا مفخرة يجب أن يفتخر بها الجميع"، واعتبر الطريق شرياناً للاقتصاد الوطني، مُتعهّداً بتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين وبسط التنمية في كل ربوع البلاد، وأن تحسين معاش الناس في سلم أولويات الحكومة، مع إعطاء الأولوية القصوى لخدمات الصحة والتعليم والكهرباء والمياه النظيفة حتى ينعم المواطنون بالاستقرار والتنمية. ووعد البشير بإكمال طريق الصادرات القومي في يونيو القادم ليصل الأبيض على أن يُربط بطريق السودان وتشاد. وثمن الرئيس البشير جهود والي ولاية شمال كردفان مولانا أحمد محمد هارون في بسط التنمية والخدمات، مُشيراً إلى المشروعات التي نفذها في إطار نفير نهضة الولاية. والي ولاية شمال كردفان مولانا أحمد محمد هارون، شكر رئيس الجمهورية على الزيارة التي قال إنها تُعطي دفعة معنوية عالية لمواطني شمال الولاية لشحذ الهمم وتفجير الطاقات من أجل إرساء دعائم التنمية والانخراط في مسيرة البناء والإعمار. زيارة مسيد وكذلك سجَّل الرئيس البشير، زيارة لمسيد الشيخ إبراهيم الحبر الكباشي بمحلية جبرة الشيخ، وهناك افتتح داخليات مُخصَّصة لطلاب الخلاوى قبل أن يُمطر الطرق الصوفية جمعاء بالإشادات خلال مخاطبته منطقة الكباشي، وذكر أن الصوفية نشروا علوم القرآن وتعاليم الدين الإسلامي، مُخصِّصاً إشادة بمسيد الشيخ إبراهيم الكباشي الذي أكد أنه يستحق التكريم لدوره في نشر المعرفة والوعي والتبصير بالعلوم الشرعية، مُثمِّناً جهد الخليفة عبد الوهاب الكباشي خليفة المسيد في إرساء منارات التوعية بالعلوم الشرعية ونشر القيم الإسلامية في هذه المنطقة. وأُعلن في المسيد دعم ومساندة مشائخ الطرق الصوفية لترشيح المشير عمر البشير في انتخابات 2020، وقُدِّمت وثيقة عهد وميثاق لرئيس الجمهورية تتعلق بدعم السلام والاستقرار وتعضيد أواصر النسيج الاجتماعي ونشر المعرفة ومحو الأمية. وأوضح الشيخ عبد الوهاب الكباشي أن المسيد بصدد إعلان ضربة البداية لمشروع محو الأمية بالمنطقة، مبيناً أن المشروع يستهدف محو أمية 100 من الرجال و100 من النساء. بارا النضال في مدينة بارا خاطب الرئيس البشير جموعاً غفيرة خرجت لاستقباله، إذ أكد أنه لمس إنجازات حقيقية لمبادرة نفير نهضة شمال كردفان التي أعلنها والي الولاية قبل سنوات، مُشيداً بالمستوى المتقدم للمشروعات التي نفذها النفير في مجال التنمية والخدمات. وأعاد الرئيس للأذهان مواقف وطنية لأهل بارا الذين ناضلوا ضد المُستعمِر ومقاومتهم لحملة الدفتردار، وقال إن بارا شهدت قيام أول دولة إسلامية في عام 1258م، وأضاف: "تاريخ بارا مُشرِّف ويدعو للمفخرة"، قائلاً: "جئنا لنرد دَيْن بارا علينا". وقال البشير إن مدينة بارا حباها الله بمياه جوفية وأراضٍ خصبة تؤهلها لأن تكون بستان السودان في إطار المشروع القومي للإنتاج البستاني والحيواني. من جانبه قال مولانا أحمد محمد هارون والي شمال كردفان، إن افتتاح رئيس الجمهورية لعدد من قطاعات طريق الصادرات القومي بارا - جبرة الشيخ - أم درمان، يمثل انطلاقة جديدة لمشروعات نهضة شمال كردفان التي انتظمت جميع أرجاء الولاية، مُشيداً باستجابة مواطني بارا لقرارات تخطيط المدينة مما ساهم في انسياب وترقية الخدمات، مُؤكِّداً وقوف ودعم مواطني شمال كردفان للمشروعات التنموية ومشاريع البنى التحتية في الولاية.