استقبل السودان الموجة الثانية من جائحة كورونا في ظل وضع صحي متردٍّ وامكانات شحيحه، وطالبت وزارة الصحة المواطنين بضرورة الالتزام بالاحترازات الصحية، تزداد الإصابات كل يوم، لكن هناك ولايات سجلت حالات قليلة منذ شهور، ابرزها ولاية وسط دارفور التي سجلت منذ بداية الجائحة وحتى الأمس (6) حالات فقط وحتى امس، اضافة إلى ولاية أخرى لم تتجاوز فيها الإصابات بضعا وعشرين حالة وما تزال ولايتا الخرطوم والجزيرة تتصدران حالات الإصابة بالوباء. مارس الماضي اغلق السودان حدوده البرية والبحرية والجوية منعاً لدخول الفايروس، لكن كثيرين رأوا أن الخطوة جاءت متأخرة، وكان يمكن أن تنجح اذا تم اتخاذها منذ بداية مارس . وزارة الصحة اعلنت الشهر الماضي انه لا اتجاه لاغلاق البلاد مرة اخرى، وطالبت بتطبيق الاحترازات الصحية، لكن كثيرين يوجهون اللوم للحكومة لأنها غير متشددة في تطبيق الاحترازات الصحية، وماتزال الاحتفالات والندوات والعزاءات يخاطبها المسؤولون الحكوميون وبالتالي هم اول من خالف منع التجمعات . في بداية الموجة الثانية لجائحة كورونا بالسودان منذ منتصف اكتوبر وحتى امس تم تسجيل اكثر من (6) آلاف حالة إصابة و(465) حالة وفاة، فيما كان عدد الإصابات في الشهر الاول من الجائحة (533) إصابة و(35) حالة وفاة . مع ملاحظة أن عدد الإصابات منذ بداية الجائحة وحتى 13 اكتوبر بلغ (13.691) إصابة، منها (836) وفاة، لكن بدأ وارتفع عدد حالات التعافي منذ مارس وحتى منتصف اكتوبر (6.764) حالة إلى (4.420) حالة ليصل العدد الكلي إلى (11184) حالة شفاء، لكن في سبتمبر الذي سبقه كان هناك انخفاض في عدد الوفيات والاصابات إذ تم تسجيل (261) إصابة . ويشير اطباء إلى أن عدد الإصابة بكورونا اكبر من العدد المعلن، لان كثيرا من السودانيين يستخدمون العلاج (البلدي) ولا يذهبون إلى الطبيب، كما أن محدودية مراكز الفحص وازدحامها تجعلان بعض المرضى يفضلون تناول عسل النحل، واستخدام القرض والنيم وغيرها . بالرجوع إلى الموجة الاولى لكورونا في السودان يلاحظ أن اعلى الإصابات كانت في شهر ابريل حيث بلغت (4640) حالة و(568) حالة وفاة، لكن شهر يونيو سجلت انخفاضا ملحوظا في حالات الإصابات والوفيات وبلغ عدد الإصابات (4490) إصابة بانخفاض (150) حالة عن الشهر الذي سبقه، و(306) حالة وفاة، فيما سجل شهر يوليو (2075) إصابة و(148) وفاة، وبلغ عدد الإصابات في اغسطس (1966) حالة، فيما بلغ عدد الوفيات (80) حالة . احصائيات الولايات : ولايات دارفور ظلت الاقل إصابة بفايروس كورونا فمثلا ولاية وسط دارفور سجلت (6) حالات من بداية الجائحة، تليها شرق دارفور التي سجلت (21) إصابة، وسجلت جنوب كردفان (22) حالة ثم النيل الازرق حيث سجلت منذ بداية الجائحة (35) إصابة، غرب دارفور (39) حالة، جنوب دارفور (51) إصابة، ثم ولاية غرب كردفان التي سجلت (77)، و(153) بولاية شمال دارفور، وسجلت ولاية النيل الابيض (209) حالة، وولاية شمال كردفان (231) حالة، وبلغ عدد الإصابات بولاية كسلا (250) حالة، سنار (294) حالة، القضارف (317) حالة، الشمالية (414) حالة، نهر النيل (527) حالة، البحر الاحمر (546) حالة، الجزيرة (1484) حالة، واعلى إصابات بالخرطوم حيث سجلت (15058) حالة . مدير الوبائيات بوزارة الصحة ولاية الخرطوم د. محمد التجاني اكد ل(السوداني) أن الإصابات في بعض ولايات دارفور وكردفان قليلة منذ بداية الجائحة، وقال لا استطيع القول إن عمل التقصي المرضي غير مركز على الكورونا، او ربما الجانب التوعوي ضعيف وكثيرون لا يعرفون الامراض، مشيرا إلى أن اخذ عينات عشوائية لفحصها يمكن أن يوضح هل توجد إصابات بكورونا ام لا . احترازات صحية : اول إصابة بكورونا في السودان كانت في 13 مارس الماضي لأحد مواطني ولاية الخرطوم، بعض المواطنين لم يتبعوا الاحترازات الصحية معتبرين أن طقس السودان الحار لا يسمح بوجود فايروس كورونا، كما أن اعتراف وزير الصحة السابق د.اكرم التوم بوجود خطأ في التشخيص لحالة المصاب الاول بكورونا وتعهده بمحاسبة المتسببين فيه جعلهم يرددون (مافي كورونا ما تغشونا). ونتيجة لعدم الالتزام بالاجراءات الصحية ارتفع عدد الإصابات بكورونا في يونيو إلى (4640) حالة في ابريل و(568) حالة وفاة، وامتلأت مراكز العزل، وكثيرون اصبحوا يتلقون العلاج في منازلهم، واعلن وزير الصحة في مؤتمر صحفي وقتها انه لا توجد امكانات لمجابهة المرض، وقال يتم اعطاء المصابين "بنادول ولو اختنق سنعطيه اوكسجين ولو ضاقت عليه سيموت "، بعد ذلك لزم اغلب المواطنين منازلهم وعرفوا أن النظام الصحي المنهار لن يجدي معه الاستهتار وعدم اتباع الاجراءات الاحترازية . ولاية الخرطوم : ولاية الخرطوم سجلت أعلى إصابات بكورونا حيث بلغ (15.058) حالة، من جملة (19747 ) حالة، وسجلت هذه الاحصائية رغم أن اغلب الجامعات مغلقة وحتى المدارس تم تأجيلها اكثر من مرة، وحسب احصاءات سابقة فإن مواطني ولاية الخرطوم يبلغ عددهم نحو 10 ملايين مواطن، متمركزين في وسطها، وتوجد تخوفات لدى كثيرين بأن تصل الإصابات إلى ارقام مخيفة في ظل عدم توفر الامكانات لمجابهة المرض، ومع بداية الموجه الثانية لكورونا توقع كثيرون أن يتم اغلاق ولاية الخرطوم كما حدث في ابريل الماضي لمحاصرة المرض، لكن لم يحدث، وارجع مهتمون الامر إلى أن الاوضاع الاقتصادية للاسر لا تسمح بذلك . والي ولاية الخرطوم ايمن نمر اصدر قرارا الشهر الماضي يتعلق بالتدابير الاحترازية للحد من انتشار كورونا، وتم اصداره بعد التقرير الذي قدمة المدير العام لوزارة الصحة بالخرطوم في اجتماع لجنة الطوارئ الصحية المشتركة، وطالب القرار بالالتزام بجميع الاشتراطات الصحية الصادرة من اللجنة العليا للطوارئ الصحية واللجنة المشتركة بالولاية، والزم المؤسسات الحكومية والخاصة بالولاية بالعمل ب50% من القوى العاملة باستثناء القطاعات الحيوية، وطالب القرار بإيقاف اقامة الحفلات والمناسبات بصالات الافراح والاندية، وايقاف نشاط الصالات الرياضية ومحلات الشيشة، ونص القرار على حظر التجمعات الجماهيرية ويشمل ذلك الحفلات العامة وحفلات التخريج، وضررة ارتداء الكمامة والالتزام بالتباعد وتعقيم الاسطح والايدي بمنافذ تقديم الخدمة، وبحسب القرار فإن من يخالف القرار يعرض نفسه للمساءلة القانونية . مدير الوبائيات بوزارة الصحة ولاية الخرطوم د.محمد التجاني اشار في حديثه ل(السوداني) إلى أن ارتفاع الإصابة بكورونا بولاية الخرطوم لان عدد السكان فيها كبير، مشيرا إلى أن الالتزام بالتباعد الاجتماعي والاحترازات الصحية ضعيف، وقال "يوجد بعض المصابين بكورونا لكن لا تظهر عليهم الاعراض، واعتبرهم يمثلون اكبر خطر ومهدد لحياة المواطنين"، وتابع "هؤلاء يعملون على نشر الفايروس وسط المواطنين، وينقلون الكورونا إلى كبار السن، داعيا إلى الالتزام بالاحترازات الصحية" . التجاني قال "ربما يكون عدد الإصابة بالكورونا في الخرطوم اكثر من (15.058) حالة"، واضاف : نحن نصل اي مريض اتصل بنا"، مشيرا إلى وجود 3 فِرق في كل محلية يعملون من بداية الجائحة وحتى الآن، لافتا إلى وجود 8 مراكز عزال اغلب الموجودين فيها كبار سن، لانهم مصابون بأمراض اخرى مثل القلب والازمة وغيرها بالتالي مناعتهم تكون ضعيفة .