نستهل هذه الحلقة بسؤال.. من اين جاء هذا الاسم الغريب (الجاغريو)؟ أجاب هو على هذا السؤال فذكر في تسجيل وثقه المرحوم الأستاذ النور محمد عثمان النص بمنزل المرحوم عبدالرحمن بخيت انه كان مع مجموعة من أبناء العيلفون والدبيبة يسكنون في منزل بحي (الترس) وهو حي المقرن الحالي وكانت دور العرض في تلك الأيام تعرض فيلم كاوبوي بطله اسمه (جاك راي) فأطلق العزابة هذا الاسم في البداية على المرحوم العم حسن مضوي ثم انتقل الاسم للشاعر.قال انه كان يتضايق عندما ينادونه بهذا الاسم ولكنه أحبه بعد ذلك فأصبح في لحظات (الانتشاء) يصيح بأعلى صوته انا (جاك راي) ثم تحرف الاسم إلى الجاغريو. برع شاعرنا أكثر ما برع في الشعر العاطفي فرفد المكتبة السودانية بعيون من شعر الحقيبة. كانت تربيته الصوفية وأخلاقه العالية تمنعه من أن يصرح بأسماء محبوباته مِن مَن يكتب فيهن الأغاني وقد ذكر لي العم المرحوم عامر ود موسى من اهلنا العيشاب وهو نديم وصديق للشاعر انه كان عندما يسأله احد الجالسين عن اسم الفتاة التي يتغنى بها كان يصمت ثم ينهض مغادرا المكان. كان عفيفا في عاطفته لذلك عندما كانت الأصابع تشير لفتاة معينة لم تكن أسرة الفتاة تتحرج من ذلك لمعرفتهم انه من نوع (الحب بالنظر) ولا يتعدى ذلك أبدا. كانت اغنية (طار قلبي) هي تاج الاغاني العاطفية التي ترنم بها فقد كانت نتيجة تجربة عاطفية قاسية انتهت بالحزن وغدر الحبيب والصديق معا. حكى لي ابن أخيه الأستاذ محمد عبد الرحمن الشيخ أن الجاغريو احب فتاة من أسرة اغريقية معروفة حبا ملك عليه عقله وكان هو صديقا لشقيقها فكان يقضي معهم اوقاتا طويلة حتى قرر الزواج منها. سافر الجاغريو في مهمة خارج العاصمة وعندما رجع وجد أن محبوبته قد تزوجت من اعز أصدقائه فترك ذلك جرحا داميا لم يندمل ابدا فكتب أغنيته الخالدة : طار قلبي وقال ما هو عايد مادام مفارق اللى ارواحنا سايد كانت أغانيه دائما موجهة لشخص واحد ولم يشذ عن ذلك إلا في اغنية (سميري) التي غنى فيها لأكثر من فتاة رأيت اثنين منهما في زواج (نجوى) بنت عمي عثمان الخليفة رحمه الله وبرغم انهما كانتا في خريف العمر إلا أن مسحة الجمال الباهر لم تمحوها السنون والايام أما الثالثة فقد اكتفى بذكر اسم أسرتها وهي أسرة (مناديلي) المعروفة في الخرطومجنوب وكان هذا خروجا عن المألوف ربما لأن هؤلاء الفتيات كن معروفات بالجمال الفاتن والحسن البديع. هنالك اغنية ثار حولها لغط كثيف ولكنني سمعت الرواية مِن مَن أثق في حديثه وهي اغنية (البى العصر مرورو). حدثني من عاصر أحداثها ان البداية كانت من فتاة اسمها قمر تدلعها النسوة باسم (قمير) كانت قمر هذه قد أحضرها أهلها ليرقيها الخليفة بركات وأقامت مع عمتنا جدة الخليفة احمد. كانت قمر تشاهد شابا وسيما فارع الطول يخرج من المنزل المجاور ذاهبا للمدرسة لأداء درس العصر على التلاميذ فقد كان يعمل معلما فأعجبت به إيما اعجاب ثم بدأت ترنم ببداية الأغنية: حبيبي وين البى العصر مرورو التقطها الجاغريو فاضاف إليها أبيات اكملتها فنانة شعبية من بنات العيلفون كانت مشهورة آنذاك فقالت : ابو…..فلان … بريه نقلوا التونج الجنوبية وكان المعلم الوسيم قد نقل للجنوب، وختمتها باسم ذلك الشاب ظاهرا : يتعلى ويزيد وظيفة ال S ود الخليفة وال S هو أول حرف في اسم بطل الأغنية. لعل الكثيرين هنا يعرفون الرواية وبطل الرواية منهم أخونا الطاهر محمد صباحي كما حكى لي ذات مرة وسلامتكم. *القاهرة /العيلفون