احتضنت مدينة العلا السعودية قمة دول مجلس التعاون الخليجي الذي جاء بعد مرور أقل من 24 ساعة على المصالحة بين دولتي قطر والمملكة العربية السعودية واختير لها عنوان قمة (التضامن والاستقرار). مشاركة أمير دولة قطر الأمير تميم بن حمد كانت الحدث الأبرز، وحظي باستقبال دافئ من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي استقبله بالعناق، مزيلاً خلافات بين البلدين لأكثر من ثلاثة أعوام. طي الخلا ووقّع قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، البيان الختامي للقمة الخليجية ال41 المنعقدة في محافظة العلا بالسعودية. وأكد وزير الخارجية السعودي أن ما تم التوقيع عليه فى المعلا يمثل طياً كاملاً للخلاف مع قطر وعودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية. وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان -الذي ترأس القمة- إن قادة الخليج وقّعوا على بيان لتأكيد التضامن والاستقرار، وقدّم الشكر لقادة دول الخليج على الخطوات الشجاعة التي قاموا بها. وفي كلمة الافتتاح، قال ولي العهد السعودي إن جهود الكويتوالولاياتالمتحدة أدت بتعاون الجميع للوصول إلى اتفاق بيان العلا. ودعا ولي العهد السعودي إلى توحيد الجهود لمواجهة التحديات في المنطقة، والتي تمثلها خصوصا برامج إيران النووية والباليستية، والمشاريع الهدامة التي ينفذّها وكلاؤها، ووصف سلوك دولة إيران بالتخريبي الذي يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي وطالب بمواجهته، فيما اشاد أمير الكويت نواف الجابر بدور السعودية في التنظيم والترتيب. وأشار إلى أن الملك سلمان بن عبد العزيز، أوعز بإطلاق اسمَي السلطان قابوس (سلطان عُمان الراحل) والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (أمير الكويت الراحل) رحمهما الله، على القمة. العمل المشترك وأكد أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أن القمة تأتي لدعم العمل الخليجي المشترك وتسعى لتحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة. وثمّن أمير الكويت الجهود الأميركية لرأب الصدع بين دول المنطقة، قبل أن يوقع القادة الخليجيون على البيان الختامي للقمة و"بيان العلا". ويشارك أمير دولة قطر على رأس وفد بلاده في القمة، وقد وصل إلى مدينة العلا حيث كان في استقباله ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي عانقه عند نزوله من الطائرة. وحدة الصف قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس الوزراء نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبي، إن قمة العلا إيجابية وموحدة للصف ومرسخة للأخوة. وأضاف محمد بن راشد قائلا: "إن التحديات المحيطة بنا تتطلب قوة وتماسكاً وتعاوناً خليجياً حقيقياً". وأردف مؤكدا أن المتغيرات المحيطة تتطلب تعاونا خليجيا حقيقيا وعمقا عربيا مستقرا. وقبيل ذلك أعلن وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أن "صفحة جديدة مشرقة تبدأ من العلا". ومن جهته، توجه أمير الكويت الشيخ نَوَّاف الأحمد الجابر المبارك الصباح بالشكر للملك سلمان والسعودية على تنظيم القمة الخليجية، كما أضاف: "نقدر دور القيادة المصرية ودعمها للقضايا التي تهم أمن المنطقة". أمن الخليج أكد بيان القمة ال41 لمجلس التعاون الخليجي في العلا على مكافحة الجهات التي تهدد أمن دول الخليج. وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام مجلس التعاون الخليجي فى ختام القمة: "ترسل هذه القمة رسالة للعالم أجمع أنه مهما بلغت الخلافات في البيت الواحد إلا أن الحكمة قادرة على تجاوز كل ذلك والعبور بالمنطقة إلى بر الأمان". وأضاف أن البيان الختامي دعا إلى تعزيز التعاون في مكافحة الكيانات الإرهابية والتأكيد على وقوف دول مجلس التعاون صفا واحدا. كما دعا البيان لتوطيد العلاقات واحترام مبادئ حسن الجوار. وتابع: "البيان يؤكد تكاتف دول الخليج في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في شؤون أي منها"، مبرزا أن "الدول أكدت عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها". وأوضح الأمير فيصل أن قمة العلا "أفضت إلى طي صفحة الماضي والتطلع إلى مستقبل يسوده التعاون والاحترام بما يحفظ أمن الدول واستقرارها". من جهته أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، أن دول الخليج تتجاوز عادة كل التحديات بقوة وعزم، مشيرا إلى أن بيان العلا أكد على الأهداف السامية لمجلس التعاون الخليجي، وتعزيز أواصر الود والتآخي بين دول المجلس. وتابع الحجرف الذي قرأ بيان العلا قائلا إن تحدي جائحة كورونا يؤكد الحاجة للتعاون والتنسيق، وإن البيان أكد على استكمال تنفيذ المشاريع الاقتصادية المتفق عليها سابقا، وتعزيز التكامل العسكري بين دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة التحديات. ايران والتحديات يقول محمد مهدي المقبول الكاتب والباحث في شؤون النزاع والتفاوض، إن انعقاد قمة العلا الخليجية محطة اولى في سبيل انهاء النزاع الخليجي الذي استمر لاكثر من ثلاث سنوات. وقال ل (السوداني) إن الازمة الخليجية بين قطر من جهة والسعودية والامارات والبحرين ومصر من جهة اخرى شكلت علامة فارقة في مسيرة مجلس التعاون الخليجي لما شكلته من تداعيات وتعديلات امنية ومجتمعية تضررت منه دول الخليج وتأثر بها نسيجها الاجتماعي والاسري المترابط، وما سببته كذلك من عدم توافق واتفاق في ظل التهديدات التي تمر بها منطقة الخليج. وقال إن رأب الصدع الذى تم خطوة اولى تحتاج لمزيد من الاتفاقات وتكامل الرؤى ووجهات النظر بما يعزز الاستقرار الخليجي. وأشار إلى ضرورة أن يصطف السودان الى جانب منظومة دول مجلس التعاون ويسعى لتعزيز التعاون والتكامل معها خاصة في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، موجهاً رسالته لرئيس مجلس السيادة بضرورة تصميم استراتيجية شاملة للتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة القادمة بما يحقق تطلعات السودانيين. ودعا المقبول إلى ضرورة أن تتوفر الارادة السياسية اللازمة لقادة مجلس التعاون الخليجي لانهاء الحرب في اليمن والاتفاق على رؤية سياسية موحدة في التعاون مع ايران والاتفاق معها رؤية تجنب المنطقة الحرب وعدم الاستقرار حسب وصفه. جهود امريكا اعادة العلاقات بين قطر والسعودية لعبت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية دوراً كبيراً وتحديداً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويقول سفير السودان السابق بالدوحة ياسر خضر إن ما حدث يأتي نتيجة لجهود دونالد ترامب في تسوية ملف الشرق الأوسط قبل مغادرته وأشار في حديثه ل (السوداني) إلى أن مستشار ترامب كوشنر لعب دوراً كبيراً في ملف التسوية وقال إن قادة الدولتين تعالوا فوق الخلافات والمشاكل دون مناقشة أسباب الخلاف وقبلوا بالمصالحة واضاف أنها كانت مصالحة حقيقية كشفت عنها زيارة ومشاركة تميم في قمة العلا، وشدد على أن واشنطن هي صاحبة الدور الأكبر في عملية المصالحة. الخرطوم ترحب وزارة الخارجية السودانية عبرت عن إرتياحها للتطورات الخليجية الجارية وما تحقق من إنفراج في العلاقات البينية لدول مجلس التعاون الخليجي، بدءاً بقرار المملكة العربية السعودية فتح أجوائها وحدودها البرية والبحرية مع قطر. وقالت الخرجية في بيان لها: "إن الحكمة الخليجية مطلوبة في هذه المرحلة وهي مؤتمنة على مصالح دول المجلس وتطلعات مواطنيه، وهي مؤهلة ومستعدة لإيصال العلاقات بين هذه الدول إلى أرفع مستوياتها، وهو ما ترجو الوزارة أن تعكسه نتائج أعمال القمة". وتقدمت الوزارة بالشكر لدولة الكويت ولأميرها الراحل ولصاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح على المثابرة في العمل من أجل إعمار العلاقات الخليجية وتجاوز التعقيدات التي طرأت عليها. وظلت الخرطوم تقف على الحياد طوال سنوات الخصومة بين البلدان الخليجية ولم تقم الخرطوم بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع أي دولة من المحاور المتصارعة. يقول السفير ياسر خضر إن السودان يجب أن يقف على مسافة واحدة من الجميع وان كل ملفات الشرق الأوسط سيتم تسويتها بالتالي يتطلب أن يقف السودان موقفاً متسقاً وايجابياً. دعم السودان أكد قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في بيانهم الختامي لقمة العُلا بالسعودية، على مواقفهم الثابتة تجاه جمهورية السودان الشقيقة ودعمهم المتواصل لكل ما يسهم في تعزيز أمنها واستقرارها وتحقيق طموحات الشعب السوداني الشقيق وآماله المشروعة في الاستقرار والتنمية والازدهار، انطلاقاً من العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط دول المجلس بجمهورية السودان الشقيقة. و أعرب المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون عن تهنئته لقيادة وشعب السودان بمناسبة التوصل إلى اتفاق جوبا للسلام، مؤكداً حرص دول المجلس على الاستمرار في دعم الجهود الرامية إلى محافظة السودان على سيادته ووحدته الوطنية وسلامته الإقليمية وحمايته من التدخل الخارجي، وعلى مكانته عربياً وإسلامياً، وثقته في قدرة الأشقاء في السودان على المضي قدماً في طريق السلام وتجاوز تبعات الماضي وصناعة مستقبل مشرق. و رحب المجلس الأعلى برفع اسم السودان من قائمة الولاياتالمتحدةالأمريكية للدول الراعية للإرهاب، متطلعاً لانتقالها إلى مرحلة جديدة من التنمية والتقدم والازدهار، وممارسة دورها الفاعل والبناء في المجتمع الدولي.