منتصف نهار أمس (الاربعاء ) كانت الخرطوم تستقبل وزير الخزانة الامريكي ستيفن موتشين، الرجل الذي سيغادر موقعه في الحكومة الامريكية غضون الاسبوعين القادمين.. الرجل حضر للخرطوم وفي حقيبته ملفات دبلوماسية وليست ملفات اقتصادية تعد من صميم اعماله، والانظار والتكهنات كانت تترقب دعماً اقتصادياً للسودان في مرحلة ما بعد الازالة من لائحة الارهاب، المفاجأة التي حملها الزائر الامريكي كانت تتمثل في توقيع الخرطوم بمقر السفارة الأمريكية بضاحية سوبا على اتفاقية ابراهام المثيرة للجدل التي ترعاها واشنطون للتطبيع مع إسرائيل. ماهي الاتفاقية ؟ وحتى منتصف العام 2020م لم يكون اسم أتفاقية ابراهام موجوداً في خارطة السياسة الدولية وحينما حان منتصف اغسطس من ذات العام صدر بيان لاتفاقية السلام الموقعة بين إسرائيل وعدد من الدول االعربية وبرعاية الولاياتالمتحدةالامريكية ، ابرز الدول التي وقعت على اتفاقية ابراهام مع اسرائيل هي الامارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، وسُميت الأتفاقية بابراهام او إبراهيم في إشارة للنبي إبراهيم عليه السلام وهو نبي محل احترام وتقدير كبيرين في الإسلام واليهودية، ومنذاك الحين بدأ تداول أتفاقية إبراهام في أوساط النخب الدبلوماسية الشرق أوسطية وهي الاتفاقية المعروفة أصطلاحاً بإتفاقية السلام مع إسرائيل . توقيع سوداني بصورة مباغتة أخرج مجلس الوزراء بياناً تفصيلاً أشار فيه إلى توقيع الحكومة السودانية على اتفاقية إبراهام بحضور وزير الخزانة الأمريكي ستيفن موتشين ومن الجانب السوداني وقع وزير العدل نصرالدين عبدالباري،وقال مجلس الوزراء في بيانه الصحفي الذي تلقته (السوداني) ان الاتفاقية تنص عل ضرورة ترسيخ معاني التسامح والحوار والتعايش بين مختلف الشعوب والادبان في منطقة الشرق الأوسط وقال البيان إن أفضل الطرق للوصول الى السلام المستدام بالمنطقة تكون من خلال التعاون المشترك والحوار بين الدول لتطوير جودة المعيشة وأن ينعم مواطنو المنطقة بحياة تتسم بالأمل والكرامة . دبلوماسية الابتزاز ثمة من يرى بأن الاتفاقية التي وقعت بالخرطوم تعتبر ابتزازاً دبلوماسياً تمارسه واشنطون على الخرطوم وتحديداً الرئيس الامريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب هذا الراي ذهب اليه السفير جمال محمد إبراهيم واصفاً ما حدث بالفضيحة وقال إن الولاياتالمتحدةالامريكية تمارس مع السودان دبلوماسية الابتزاز مبيناً ان ترامب يعتبر عراب دبلوماسية الابتزاز وقال ل(السوداني) ترامب يجيد الابتزاز وعمل على ابتزاز الحكومة السودانية من أجل اجبارها للتوقيع مع اسرائيل واضاف كان يجب ان يكون الاتفاق بين السودان واسرائيل وان لا تكون امريكا طرفاً به، حول توقيع الاتفاقية دون عرضها على الجهاز التشريعي قال السفير جمال إبراهيم : رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وعد بأن يكون التطبيع مع إسرائيل عبر استفتاء المجلس التشريعي ولكن لم يوف بحديثه ووقعت الاتفاقية مضيفاً أنه ربما اجيزت من مجلس شركاء الحكم ولكن ما حدث لا يمثل ثورة ديسمبر ، قائلاً إن المكون العسكري بقيادة الفريق اول عبدالفتاح البرهان هو من هندس الاتفاقية وان المكون المدني لم يكن صاحب دور مشيراً الى وجود لوبي حكومي لديه ارتباطات مع أمريكا ساعد على توقيع الاتفاقية، فيما يقول السفير خالد موسى دفع الله ان توقيع السودان يعتبر المشهد الأخير في المسرح السياسي الاقليمي والدولي قبل أنتهاء فترة ترمب الرئاسية وإتمام عملية التطبيع قبل أن يتسلم بايدن رئاسة البيت الابيض وقال خالد موسى (للسوداني ) بهذا التوقيع يتحول السودان لبيدق في رقعة الشطرنج التي تديرها واشنطون وتل أبيب مع مكتسبات رمزية ونجاح تكتيكي على المستوى القريب وخسران استراتيجي على المدى البعيد برهن الارادة الوطنية للاجندة الخارجية . ربح وخسارة هنالك من يرى ان السودان لم يستفد من عملية التطبيع مع اسرائيل التي بدأت مراحلها مبكراً وانتهت بالتوقيع النهائي امس (الاربعاء) ويرى البعض ان الاستفادة الوحيدة تتمثل في رفع اسم السودان من لائحة الارهاب ويقول السفير خالد موسى ان الاستفادة من التطبيع رمزية تتمثل في إزالة السودان من لائحة الارهاب مشيراً إلى أن خطوة التطبيع لن تحل أزمة السودان الاقتصادية لأنها أزمة في بنية الاقتصاد وهيكله خاصة وأن انفاذ سياسة رفع الدعم تطبيقاً لروشته صندوق النقد الدولي التي تحتاج احتياطيا قدره 6 مليارات دولار لذا فإن القرض الخاص بالديون الخارجية لن يحل الازمة ، ومضى موسى بالقول من يظن أن مشاكل السودان قد انتهت لمجرد التطبيع أو تقديم الدعم الامريكي المشروط فهو واهم وختم بالقول قدمنا تنازلات في رهن الإرادة الوطنية للخارج دون رؤية استراتيجية سوى نجاح القوى الليبرالية الحاكمة في كسب ود واشنطون وتل أبيب وعواصم المال العربي .
توقيع إجباري يقول السفير معاوية عثمان خالد إن السودان ضُم قسراً لهذا الاتفاق ويخدم بالأساس مصلحة الادارة الامريكية المنصرفة، والتي ستغادر البيت الأبيض يوم الحادي والعشرين من ينايرالجاري، وذلك بوفاء الرئيس دونالد ترامب ومعاونوه وعلى رأسهم صهره جارد كوشنير ووزير خزانته استفين منوشب دعم اسرائيل المطلق وبصورة غير محدودة، بما في ذلك إلزام عدد من الدول العربية والافريقية بتوقيع اتفاقات مع اسرائيل، وقال" رأينا ذلك سابقاً في إغراء عدد من الدول الافريقية ودول امريكا اللاتينية لنقل سفاراتها الى القدس الشرقية بعد نقل ترامب للسفارة الامريكية اليها، وللحق فإن قليلا جداً من الدول فعلت ذلك"، اما في حالة الاتفاق الإبراهيمي أشار إلى أن السودان حمل حملاً للتوقيع عليه مع واشنطن وليس تل ابيب لانه يحقق مصلحة لامريكا ويحقق مصلحة السودان في جانب قائمة الارهاب، مع العلم بأن التفاوض الذي جرى لسنوات بين الخرطوموواشنطن من أجل حذف اسم السودان من قائمة الارهاب لم يتضمن في أية مرحلة من مراحله بنداً يتصل بالتطبيع مع اسرائيل، الا بعد منتصف العام 2020 حيث ضاق الامرعلى الحكومة الحالية ولم يعد أمامها من مخرج للاستمرار في الحكم سوى الخروج من قائمة الارهاب على امل ان يمثل ذلك شريان حياة لها، وبالتالي قبلت فكرة التوقيع على الاتفاق الابراهيمي ، ومن جهتها لايبدو ان اسرائيل تكترث كثيراً لشأن السودان، وإنما تريد من خلال الاتفاق معها أن تنقص عدد الدول المحسوبة كدول معادية، هذا من جانب ولكن في جانب آخرفإن كسبها المعنوي سيكون لابأس به من ناحية الوصف التاريخي للسودان بأنه بلد اللاءات الثلاثة التي تحولت بهذا الاتفاق الى نعم. وقال "عموماً ان توقيع الاتفاق الابراهيمي امس في السفارة الامريكيةبالخرطوم، بمايحويه مكان التوقيع من استخفاف بشان حكومة السودان وسيادتها هو في واقع الحال استكمال للاتفاقيات السودانية الامريكية اكثرمنه اتفاقاً مع اسرائيل".