تصدرت أحداث العنف في واشنطن واقتحام مبنى الكابيتول المقر الرئيسي للسلطة التشريعية الاتحادية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، أولى صفحات الصحف حول العالم، حيث جاء الحديث عن فوضى، واعتداء على الديمقراطية، وصدمة في الشارع الأمريكي، ووصمة عار في تاريخ الولاياتالمتحدة، وانقلاب ووصف مؤيدو ترمب بالغوغاء، وبعد جلسة ماراثونية صدق الكنغرس على فوز الرئيس جو بايدن برئاسة أمريكا صباح أمس، فى وقت تصاعدت فيه الدعوات لعزل ترمب من منصبه قبل العشرين من يناير. صدق الكونغرس الأميكي في جلسة مشتركة لمجلسيه، صباح أمس، على فوز جو بايدن برئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد توقفت الجلسة مساء أمس الأول لساعات؛ بسبب اقتحام أنصار الرئيس دونالد ترمب لها. وأعلن نائب الرئيس الأمريكي موافقة الكونغرس على نتائج أصوات المجمع الانتخابي؛ مما يمهد الطريق لتولي بايدن الرئاسة في 20 يناير. وصوت أغلب أعضاء مجلس النواب الأمريكي ، برفض اعتراض حلفاء الرئيس دونالد ترمب على تأكيد فوز الديمقراطي جو بايدن بولاية بنسلفانيا في انتخابات الرئاسة، في محاولة أخيرة إما لإلغاء فوز بايدن أو تأجيل المصادقة عليه. وأتى رفض مجلس النواب لهذا الإجراء بعد ساعتين من تصويت مجلس الشيوخ برفضه أيضاً. قتلى واعتقالات وقال قائد إدارة شرطة العاصمة الأمريكية، روبرت كونتي، إن 4 أشخاص لقوا حتفهم داخل الكونغرس، يوم الأربعاء، وأنه تم اعتقال 52 شخصاً بعدما اقتحم أنصار الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترمب، مبنى الكونغرس محاولين منع التصديق على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن. تزامن ذلك مع رفض مجلس الشيوخ بأغلبية ساحقة الاعتراض، الذي قدّمه مشرّعون جمهوريون على فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية بولاية أريزونا، في تصويت جرى في وقت متأخر من ليل الأربعاء بعيد ساعات من اقتحام أنصار الرئيس المنصرف مبنى الكابيتول. وبأغلبية 93 مقابل 6 أصوات، صوّت أعضاء المجلس ضدّ الاعتراض، الذي قدّمه برلمانيون جمهوريون، على نتيجة الانتخابات في ولاية أريزونا. وبعد ذلك اجتمع مجلسا الكونغرس في جلسة مشتركة ترأسها مايك بنس، نائب الرئيس، وذلك لإكمال عملية المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية، وبدأ المجتمعون باستعراض نتائج مختلف الولايات للمصادقة عليها، كما استعرضوا بعض الاعتراضات على نتائج ولايات أخرى مثل بنسلفانيا. ورفض مجلس الشيوخ الاعتراض على نتائج الانتخابات في بنسلفانيا ب92 صوتا مقابل 7 أصوات. بنس يندد وفي مجلس الشيوخ استهل بنس الجلسة بالتنديد ب"أعمال العنف"، التي شهدها مقر الكونغرس، والتعبير عن أسفه لهذا "اليوم المظلم". وقال بنس "حتى بعد أعمال العنف والتخريب غير المسبوقين في مبنى الكابيتول هذا، ها هم ممثلو الشعب الأمريكي المنتخبون يجتمعون مرة أخرى في اليوم نفسه للدفاع عن الدستور". وعصر الأربعاء بتوقيت الولاياتالمتحدة، اقتحم متظاهرون مؤيّدون لترمب مبنى الكابيتول، وعطلوا جلسة المصادقة على فوز بايدن بالرئاسة، ودارت بينهم وبين قوات الأمن مواجهات، وسادت المكان فوضى انتهت بمقتل 4 أشخاص، واضطر البرلمانيون للاحتماء ريثما وصلت تعزيزات أمنية، واستعادت السيطرة على المبنى بعد حوالي 4 ساعات. واقتحم أنصار ترمب المبنى بعدما شاركوا في مظاهرة قرب البيت الأبيض، دعا إليها الرئيس المنصرف احتجاجا على هزيمته في الانتخابات، التي ما زال يصر على أنّها "سرقت" منه. "لا للترهيب" وإثر استئناف مجلس الشيوخ جلسة المصادقة على نتيجة الانتخابات، شدّد زعيم الأكثرية الجمهورية، ميتش ماكونيل، على أن المجلس "لن يتم ترهيبه". وأضاف "لقد حاولوا تعطيل ديمقراطيتنا وفشلوا". من جهته قال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إن ما جرى الأربعاء نتيجة "كلمات وأكاذيب" ترمب، وستترك "وصمة لن تمحى بسهولة". ولم يتوان السيناتور الجمهوري، ميت رومني، عن تحميل ترمب المسؤولية عما جرى. وقال رومني الذي انتقد ترمب مرارا "ما حدث اليوم تمرد بتحريض من رئيس الولاياتالمتحدة". وفي مستهل الجلسة نددت رئيسة المجلس، الديمقراطية نانسي بيلوسي، ب"الاعتداء على الديمقراطية". وأضافت بيلوسي "إلى من حاولوا صرف انتباهنا عن مسؤوليتنا: لقد فشلتم. وإلى من شاركوا في تدنيس معبد ديمقراطيتنا: العدالة ستتحقق". من جهته أشاد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفن مكارثي، بعناصر الشرطة، الذين أعادوا بسط الأمن في المبنى، وقال "لقد حان الوقت لنظهر للأمريكيين أننا قادرون على العمل معا". استقالات بالتزامن مع هذه التطورات، بدأت استقالات بإدارة ترمب احتجاجا على أحداث الكونغرس، حيث أعلنت ستيفاني غريشام (كبيرة موظفي ميلانيا زوجة ترمب) استقالتها. كذلك أعلنت سارة ماثيوز، نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، استقالتها. وقالت ماثيوز في بيان، "الولاياتالمتحدة تستحق انتقالا سلميا للسلطة". يأتي ذلك في وقت أفادت شبكة "سي إن إن" (CNN) الإخبارية المحلية بأن مسؤولين آخرين يبحثون تقديم استقالاتهم، ومنهم مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، ونائبه مات بوتينغر، وكريس ليدل نائب كبير موظفي البيت الأبيض. تجميد حسابات ترمب وجمد موقعا تويتر وفيسبوك، الأربعاء، حسابي ترمب "مؤقتا" في إجراء غير مسبوق من منصتي التواصل الاجتماعي الشهيرتين. وقال "تويتر" في بيان إنه حذف 3 تغريدات لترمب بدعوى "خطر العنف"، وأضاف أنه جمد النشر على حساب ترمب لمدة 12 ساعة، مهددًا بغلق هذا الحساب بصورة دائمة حال استمر الأخير في انتهاك قواعد الاستخدام المتعلقة ب"النزاهة المدنية". على النحو ذاته، قال فيسبوك "لقد قمنا بتقييم انتهاكين لسياستنا إزاء صفحة الرئيس ترمب"، وأضاف في بيان "ستكون النتيجة حجبا لمدة 24 ساعة.. وهذا يعني أنه لن يتمكن من كتابة منشورات في الموقع خلال مدة الحجب". ونشر ترمب مقطع فيديو ناشد فيه أنصاره إثر اقتحامهم مقر الكونغرس "العودة إلى ديارهم"؛ لكنه كرر مزاعمه بأن الانتخابات "سرقت" منه، بدون تقديم دلائل على ذلك. وحذف هذا الفيديو كلا من فيسبوك ويوتيوب. واعتبر ترمب أن اقتحام مبنى الكونغرس من جانب مناصريه جاء نتيجة تجريد من وصفهم ب"الوطنيين العظماء" من الفوز بالانتخابات. وقال ترمب، عبر تويتر "هذه الأحداث تقع عندما يجرد الوطنيون العظماء، الذين عوملوا بطريقة سيئة وغير عادلة لوقت طويل، من فوز ساحق ومقدس بطريقة وحشية وغير قانونية". وتابع مخاطبا مناصريه "اذهبوا إلى منازلكم بحب وسلام، وتذكروا هذا اليوم إلى الأبد". موقف الأممالمتحدة ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، القادة السياسيين في واشنطن إلى "احترام العملية الديمقراطية وسيادة القانون"، فيما أعرب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن قلقه العميق إزاء الهجوم على الديمقراطية بالولاياتالمتحدة. وقال غوتيريش في بيان "أشعر بالحزن جراء الأحداث، التي وقعت في مبنى "الكابيتول" (الكونغرس) في واشنطن". من جانبه، قال ترودو، في تغريدة، إن "الكنديين يشعرون بقلق وحزن عميقين من الهجوم على الديمقراطية بالولاياتالمتحدة". وشدد على أن "العنف لن ينجح في إلغاء إرادة الشعب". ردود أفعال الصحافة سيطرت المشاهد غير العادية والعنيفة التي اجتاحت مبنى الكابيتول الأمريكي يوم الأربعاء على التغطية الإخبارية في جميع أنحاء العالم، حيث قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في مقالها بعنوان "الفوضى مع اقتحام الغوغاء الموالين لترمب مبنى الكابيتول الأمريكي"، وجاء المقال مصحوبا بمشهد من مبنى الكابيتول المستدير، المليء بحشود مؤيدة لترمب يلوحون بعلم زعيمهم، فيما سلط الضوء على اقتباس من تعليق الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، الذي قال فيه: "ديمقراطيتنا تتعرض للهجوم، على عكس أي شيء رأيناه في العصر الحديث". الإرث السياسي: على صفحتها الأولى، حملت صحيفة نيويورك تايمز العنوان الصريح "ترمب يحرض الغوغاء" مع صور لمثيري الشغب وهم يتسلقون جدران مبنى الكابيتول. وتشير الصحيفة في عنوان فرعي إلى أن الاضطرابات ستكون "جزءًا من إرثه" في اشارة الى ترمب، وفقًا لأحد الجمهوريين. ويقول الكاتب الصحفي البارز نيك كريستوف في مقال له: "هذا يوم مرعب ومخزي في التاريخ الأمريكي. حرض رئيس مثيري الشغب على مهاجمة مبنى الكابيتول الأمريكي وعرقلة العملية الدستورية لاختيار رئيس جديد ". من جانبها قالت صحيفة "واشنطن بوست" في مقالها بعنوان "غوغاء ترمب يقتحمون الكابيتول" مصحوبا بصورة ضخمة للمنزل المحصن. مشيرة الى أن العنف لن يحجب حقيقة فوز الديمقراطيين في جورجيا. فيما يقول كبير المراسلين دان بالز إن الديمقراطية الأمريكية قد تدهورت، منبها الى أنه "بدلاً من الاحتفال بانتخابات حرة ونزيهة في أعظم ديمقراطية في العالم، سيُذكر يوم الأربعاء على أنه يوم أتى بتتويج مخيف ومتوقع لشهرين من الأكاذيب من قبل الرئيس. وتصدرت صحيفة نيويورك ديلي نيوز بكلمة واحدة – الحصار – ووصفت الأربعاء بأنه "يوم سيظل وصمة عار" في تاريخ الولاياتالمتحدة. ومضت صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية في ذات الاتجاه حيث وصفت أعمال الشغب في مقالها بعنوان "ديمقراطية تحت الحصار" وقالت عن الهجوم الفاشل على مبنى الكابيتول "هذا هو الفصل الأخير في إرث ترمب السام لأمريكا". وحمل المقال صورة مواجهة لمسؤولين أمنيين بأسلحة مسحوبة تحصن مدخل غرفة بالمبني. في ذات الوقت أطلقت صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية اليومية ذات السياسة التحريرية المحافظة على ذلك اسم "الفوضى في الولاياتالمتحدة"، حيث كتبت أن الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترمب، "فتح الأبواب أمام العنف والقتل". فيما تتصدر صحيفة "التايمز" اللندنية صفحتها الأولى أيضًا صورة درامية للشرطة وهي تدافع عن المبني، بالإضافة إلى صورة أصغر للحشود في الخارج. وجاء العنوان الرئيسي "كابيتول الولاياتالمتحدة تحت الحصار". من جانبها حملت صحيفة المال البريطانية "فاينانشيال تايمز" صورة لأعمال الشغب خارج المبنى وسلطت الضوء على رفض نائب الرئيس، مايك بنس، مساعدة ترمب على قلب إرادة الناخبين الأمريكيين. وجاء مقالها تحت العنوان الرئيسي "المشاغبون يقتحمون الكونجرس بعد أن تحدى بنس ترمب في الانتخابات". وقالت مترو وهي الصحيفة المطبوعة الأكثر تداولاً في المملكة المتحدة، تحت عنوان "فوضى سياسية بالولاياتالمتحدة"، وعرضت نفس المشهد من زاوية مختلفة. حيث أفادت بأنه تم العثور على قنبلة في أراضي مبنى الكابيتول وأن امرأة أطلقت عليها النار وفارقت الحياة. من جانبها مضت جريدة الصباح الوطنية البريطانية التي تنشرها ديلي ميل وجنرال تراست في لندن أيضا في ذات الاتجاه حيث ركزت على جانب الفوضى في عنوانها وسلطت الضوء على الفوز المزدوج للديمقراطيين في جولات الإعادة في مجلس الشيوخ في جورجيا أيضا. فيما خصصت صحيفة ديلي ميل صورة فقط للاضطرابات، مع العنوان الرئيسي: "غوغاء الكراهية من ترمب يقتحمون مبنى الكابيتول". كما تم تداول غلاف مجلة "دير شبيغل" الألمانية، أكبر مجلة أسبوعية في أوروبا وكانت قد اختارت الرئيس الأمريكي المُنتهية ولايته دونالد ترمب "فاشل العام" في تقرير مطول شمل انتقادات لاذعة له، ووصفت ترمب بأنه "شيطان النار" في يونيو المضي، وذكرت أن "رئيسًا يشعل النار في بلاده". ووصفت صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية اليوم بأنه "يوم الانقلاب" في أمريكا. دعاوي عزل ترمب قال عدد متزايد من المشرعين الجمهوريين ومسؤولين بالإدارة الامريكية ل"سي إن إن" إنه يجب عزل الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، قبل يوم التنصيب في 20 يناير بأعقاب حادث اقتحام مبنى الكونغرس. وقال مسؤول رفيع سابق بالإدارة الأمريكية إن أفعال الرئيس مشينة بما فيه الكفاية لعزله حتى مع ما تبقي أيام قليلة على ولايته الرئاسية، قائلا: "اعتقد أن هذا (اقتحام الكونغرس) صدمة كبيرة للنظام.. فكيف نبقيه اسبوعين آخرين بعد ذلك؟" يذكر أن استخدام التعديل رقم 25 (بالدستور الأمريكي حول عزل الرئيس) يتطلب تأييد نائب الرئيس، مايك بنس وأغلبية أعضاء الحكومة لعزل ترمب استنادا على عدم أهليته للقيام بالمهام المنوطة به في المنصب. وكشفت مصادر مطلعة على ما يجري في البيت الأبيض أن الحرس الرئاسي يكثف وجوده بصورة كبيرة ويأتي بالمزيد من عناصره في المناطق المحيطة عقب عملية اقتحام مبنى الكونغرس من قبل مؤيدين للرئيس الأمريكي، دونالد ترمب.