الرجل لم يكن الوحيد الذي غادر ذات المقعد بعد (قصر) بقاء، وسبقه في ذات الخطوة نائب المراجع العام الأسبق محمد الحافظ نصر الذي كانت فترة بقائه محدودة بحسابات الأيام.. في كلا الحالتين ظلت الأسباب غامضة تشوبها الضبابية، أو ربما لحساسية المنصب أو سرية الديوان ظلت الأسباب طي الخصوصية. نثريات وسفر: من داخل ديوان المراجع العام كان المشهد يبدو أكثر غموضاً الكل تبرز في عينيه المعلومات، ويمسك بلسانه خوف البوح من أن يطيح به حديثه، الجميع طبق القاعدة(لسانك حصانك) فظل المبرر مجهولاً.. بيد أن مصدر رفيع بالمراجع العام اشترط حجب هويته في حديثه ل(السوداني) أمس، كشف عن الدوافع الحقيقية التي تسببت في تقديم سيف الدين لاستقالته، تتلخص في الأسباب المادية، وأضاف: على الرغم من أن المرتب الممنوح لنائب المراجع العام محترم ومناسب، كما أن المخصصات عادية مقارنة بالمناصب الأخرى وترتقي للحد المعقول، إلا أن سيف يشعر بعدم العدالة فيما يُمارس داخل الديوان من توزيع فرص السفريات الخارجية ذات العائد المادي الكبير. وقطع المصدر بأن موقف سيف الدين لم يكن بسبب الحاجة للعائد ولكن من حيث المبدأ لجهة أنه يرى التصرف غير عادل، وأضاف المصدر أن عدم العدالة في توزيع فرص السفريات يتمثل في تفضيل وتزكية المساعدين على بعضهم وأحياناً يتم إقصاؤهم أو إبعادهم لدوافع قد تكون شخصية، حسب ما يقول المصدر. سياسة التهميش: المصدر المطلع لم يقف عند حدود السبب المادي كدافع في استقالة سيف الدين السماني، موضحاً بأن هناك العديد من الأسباب التي تجعل نائب المراجع العام ينفر من كرسيه، أهمها التحجيم الذي يمارس عليه داخل الديوان على يد نافذين، رافضاً الإفصاح عمن هم النافذون الذين يقصدهم، وكشف عن وضع عراقيل في طريق مهامهم وأعمالهم. وضرب المصدر مثلاً بالضغوط التي تمارس على نواب المراجع العام لتمرير قضية ما أو لقتل بعض القضايا وإخمادها، خصوصاً قضايا الفساد، وأضاف: الدوافع سياسية في المقام الأول كما تمارس عليهم أساليب التهميش بل وتطبيق سياسة التخطي وتوكيل مهام النائب لمساعدين وفقاًً لسياسة التفضيل الأمر الذي يشعر نائب المراجع بعدم أهميته مما يقوده للدفع بأوراق استقالته على الفور. ثلاثة نواب: المراجع العام السابق أبو بكر عبد الله مارن يذهب في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أن للمراجع العام ثلاثة نواب أو مساعدين، مؤكداً أن محمد الحافظ نصر لم يقدم استقالته من منصبه حتى الآن، وأنه ما يزال مزاولاًً للمهنة حتى تاريخ اليوم، قاطعاً بأن المساعد الآخر صلاح حمد عثمان هو الآخر باقٍ في منصبه، وبهذا يكون فقط مقعد واحد خالٍ وهو مقعد عبد الله الذي قدم استقالته لأسباب شخصية تتعلق بأسرته وأبنائه خارج البلاد. شروط التعيين: وطبقا لموقع المراجع العام على الشبكة العنكبوتية، وطالعته (السوداني) أمس، فإن ثمة شروطاً يجب توافرها في الشخص المرشح لمنصب نائب المراجع في مقدمتها أن يكون النائب سوداني الجنسية لا يقل عمره عن خمس وثلاثين عاماً، محمود السيرة وحسن المعاملة على كافة المستويات، كذلك لا بد أن يكون الشخص المرشح للمنصب حاصلاًً على درجة عالية في العلوم أو التجارة من جامعة او معهد عالٍ معترف به داخل السودان، كما يشترط أن تكون لديه خِبرة عملية متصلة بالديوان (ديوان المراجع العام) لا تقل عن عشرين عاماً، وفضل المصدر السابق أن يكون المرشح للمنصب من داخل الديوان، إضافة إلى ضرورة عدم صدور أي قرار أو حكم محكمة أو مجلس محاسبة ضد الشخص المرشح في أي قضية مخلة بالشرف أو الأمانة. وطبقاً للوقائع فإن طريقة تعيين نائب المراجع القومي تأتي بإختيار رئيس الجمهورية للشخص المرشح ومن ثم يتم ترشيحه للبرلمان الذي يصوت عليه، وأضاف: غالباً يتم الاختيار بالإجماع. بيد أن طريقة عزل النائب تتم بناء على توصية المراجع العام نفسه لرئيس الجمهورية الذي يصدر قراراً فيما بعد بعزله مع الأخذ في الاعتبار موافقة البرلمان الذي أجاز تعيينه.