الأمن إحساس وشعور داخلي يكتنف النفس الإنسانية وهو نقيض الخوف (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، فالنفس تخاف من أي ضرر قد يقع عليها، فيكون هنالك الحذر الذي يلتزم به الإنسان فيتخذ من الوسائل ما يجنبه الوقوع في الضرر، ويقابل كلمة الأمن في اللغة الإنجليزية كلمة (secure) وهي مشتقة من كلمة لاتينية الأصل مكونة من شقين (se) وتعني بدون و(cura) وتعني قلق فالكلمة تعني بدون قلق، والقلق شعور نفسي وإحساس ينتاب النفس الإنسانية عندما يحدث لها خوف من أي ضرر . فالأمن كلمة تعبر عن وضعية نفسية تكون لها إشارات مادية تتمثل في السلوك الإنساني في المجتمع والتعاملات المختلفة بين أفراده، وهذه التعاملات الإنسانية ومدى إلتزامها الأخلاقي والقانوني تكون مؤشراً للحالة الأمنية في المجتمع . والإنفلات الأمني عبارة تشير إلى الحالة النفسية والمادية للأمن فهي تعبر عن حالة الشعور بالقلق والخوف الناتج عن الأفعال والسلوك العدواني والإجرامي لغالب أفراد المجتمع، فعندما نصف مجتمعاً أو دولة بأن هناك إنفلاتاً أمنياً بها، يجب أن يكون الحديث علمياً مستنداً على أدلة دامغة وذلك لما يترتب عليه من أضرار قد تلحق بالدولة والمجتمع . هناك شروط محددة يجب أن تتوفر مجتمعة حتى نطلق صفة الانفلات الأمني على أي دولة أو مجتمع، من أهمها أن يكون الإحساس بعدم الأمن شائعاً بحيث يكون هذا شعور طبيعياً لكل أفراد المجتمع، ثم أنه لا تكون هنالك سلطة قائمة قادرة على فرض القوانين، وأن تعجز السلطات المنوط بها حفظ الأمن والنظام العام عن القيام بواجباتها، وأن تنشأ قوات أمنية استثنائية غير القوة المحددة (الشرطة) بحجة عجز الشرطة عن القيام بواجباتها، فهذه هي الشروط التي يجب أن تتوافر جميعها حتى يجوز لنا أن نطلق هذه العبارة الخطيرة (الإنفلات الأمني). وكمتابع للوضع الأمني بالبلاد لاحظت تناول عدد من الكتاب والمهتمين ممن لهم صلة بالعمل الأمني وغيرهم لبعض الحوادث التي وقعت باعتبار أنها تمثل انفلاتاً أمنياً وذلك لخطورة هذه الحوادث ومردودها السلبي على الحالة الأمنية بالبلاد، وهم على حق باعتبار أن هذه الحوادث تشير إلى غفلة أو عجز الأجهزة الأمنية للتعامل معها، وأحيانا وبكل أسف تكون قد وقعت هذه الحوادث بواسطة أفراد منتمين لهذه الأجهزة الأمنية . فالتحية للكتاب والإعلاميين والمهتمين الشرفاء الذين يتناولون هذه الظواهر الإجرامية لتنبيه الأجهزة المختصة وحثها على القيام بدورها وواجباتها، وتنبيه المواطنين للقيام بدورهم في العملية الأمنية، ولكنني أنبه هؤلاء الشرفاء الوطنيين إلى أهمية ضبط المصطلحات والعبارات حتى لا تستفيد منها الفئة الأخرى التي تتناول هذه الحوادث والظواهر الإجرامية بإعتبار أنها انفلاتاً أمنياً، فهذه الفئة تعني ما تقول وتقصد استخدام هذا المصطلح (الانفلات الأمني) لخلق واقع تترتب عليه نتائج مدمرة قد تقود لتهيئة الأجواء لتدخل دولي لا يتوقف على بعثة أممية سياسية فقط كما هو حادث الآن، وإنما يتعداه إلى استدعاء قوات عسكرية بزعم بسط الأمن حتى تكتمل المنظومة الاستعمارية الجديدة . والسؤال الآن: هل يوجد انفلات أمني بالبلاد؟، الإجابة بكل ثقة وتأكيد: لا، ولن يحدث بإذن الله، ولكن هنالك محاولات لصناعة الانفلات الأمني، وبالتأكيد لها مرام وأهداف …. نسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد.