الحاجة (م،س) تلقب في حيها الامدرماني العريق بال(تاية) لذا كان مجاملوها كثيرين في حنة ابنها البكر.. وقفت بعد منتصف الليل تطمئن على راحة ضيوفها في (حوش) بيتها الفسيح الذي امتلأ بال(عناقريب).. وبدون مقدمات مزقت صرخة إحداهن سكون منتصف الليل، ليهب الرجال فزعاً مسرعين صوب مكان نوم السيدات ليتفاجأ الجميع بأن (عنقريب) إحداهن اتكسر.. قيمة تراثية للعنقريب قيمة تراثية أصيلة لا تندثر حيث تكثر مشاهدته في أفراح السودانيين وبيوت (بكياتهم).. السودانيون يعشقون (العنقريب) الذي اعتادوا على وضعه تحت ضل(النيمة) لقيلولة الظهيرة التي تحكي راحة البال ونقاء السريرة.. (العنقريب) يحمل في طياته ذكريات (الحبوبات) المعطونة بال(محاننة) و(القدلة) وال(حجي).. خفة حمله تسهم في انتقاله من مكان لمكان وتعاطيه بين بيت وآخر.. يكثر في الآونة الأخيرة استلافه بين الجيران لتغطية المناسبات، الأمر الذي يوحي بقلة وجوده في منازل السودانيين في الألفية الثالثة.. صديق الكل الموسوعة تعرف (العنقريب) باعتباره مفردة عامية في اللهجة السودانية، بمعنى سرير مصنوع من أشجار السنط ومنسوج بطريقة فنية بالحبال.. (العنقريب) تطور بتطور المجتمعات، وأصبح ينسج بالبلاستيك والنايلون حالياً، وتكثر صناعة العنقريب في البيئات ذات الطبيعة البسيطة خصوصاً خارج الخرطوم والمدن الكبرى، وحالياً في الولاية الشمالية ويوجد غالباً في بناء تقليدي يسمى الراكوبة، فيما رصدت(كوكتيل) استخدامه بكثرة في (التكل) وال(قطية).. وتذهب إحدى السيدات التي توهطت (عنقريبها) في حديثها ل(كوكتيل) إلى أن العنقريب "استريح عليه وفيه ومعه، فضلا عن أنه مهم جدا كديكور في البيت حيث يفيد في الافراح والاتراح".. فيما كشفت (ع.م) عن أن مكانة العنقريب وجدانية عند السودانيين باعتباره جزءا من التراث بالإضافة الى (البنبر) حيث يحلو الجلوس عليه، مشيرة الى أن منزلها بسيط لذا كان العنقريب مكونا اساسيا.. واضافت: ابني عندما تسهلت عليه ظروف الحياة طلب مني ان اغير كل اثاث المنزل ، الا انني رفضت وقلت له: (عنقريبي يا ولدي زي زيري البشرب منه الموية ما بقدر استغنى عنه). فيما أكدت (ف.ع) في حديثها ل(كوكتيل) ان العنقريب يرتبط عندها بالذكريات والتراث، خصوصاً وأنه من التاريخ الذي يعيد إنتاج أنفاس (حبوباتنا)..