إنها الإرادة .. والاستراتيجية بعيدة النظر .. وربما لم أندهش كثيرا لمعاصرتي لكثير من المتغيرات الإيجابية وقطار النهضة المتحرك علي الصعيد المجتمعي الاقتصادي الصحي والتعليمي والذي كان " قندول " شعلته الأولى بوابة التعليم والتي تمت بتراتيبية واتساق بنين وبنات وبقياس منتظم لم يسابق إنجاز ما عداه فكل فرد يؤدي دوره ويجتهد للتعلم وللتميز .. ومؤسسات ناشطة وقطاع خاص حيوي يعمل وفق الأنظمة والقوانين واللوائح المنضبطة وهذا هو بيت القصيد المنظم لأي حراك .. وإذا تطرقنا لحديث الساعة " كوفيد19″ على سبيل المثال والتي أدخلت العالم في تحد حقيقي فقد بادرت الإدارات الصحية بدولة قطر وبداية الجائحة عقد مؤتمرات صحفية تنويرية قادتها مساعد وزير الخارجية الفاضلة لولوة الخاطر بنفسها واختصاصي وزارة الصحة قدمت بيانات توضيحية مبسطة اضفت الطمأنينة على النفوس وأبعدت الشكوك وهكذا .. وما أن طرحت الدول الكبرى وروجت للقاحات حتى بادرت قطر بتوفيره للمواطنين والمقيمين .. وحينما تلقيت رسالة هاتفية تحدد لي باليوم والساعة موعدا لتلقي التطعيم حقيقي فركت عيني مثنى وثلاثا .. ومع الضجيج الكبير والذي أصاب الكثيرين بالضيق والقلق النفسي لم أنم ليلتها .. ولكن في أقل من ربع الساعة كنت بالمركز الصحي ولله الحمد والشكر أمدد ذراعي وقلت للسستر أكاد لا أصدق … وبالامس حينما أعلنت احدى شركات الأمن الغذائي " شركة الريان" بانها باشرت زراعة القمح العضوي في مساحة اربعة ملايين هكتار وبطاقة إنتاجية تبلغ 2500 الف طن لهذا الموسم 2020/2021، لترتفع الموسم المقبل لتصل إلى ضعف الكمية للمُساهمة في السلة الغذائية ، والتصدير للدول المُجاورة.. فهذا باب جديد يستحق الاهتمام والاحتفاء والدعاء، فقطر تجتهد منذ سنوات لتعزيز أمنها الغذائي باستصلاح المزيد من الأراضي وباستخدام أحدث التقنيات العالمية التي تسمح باستدامة المياه دون استنزاف للمياه الجوفية. وتراعي خطة إنتاج القمح بحسب ما اعلن تخفيض تكاليف الإنتاج مع الحصول على مُنتج جدير بالمُنافسة عالميًا، حيث وفّرت مُبادرة «الريان الزراعية» حاصّدات ومحاريث وأنظمة ري محوري مُتطورة، واستطاعت رغم الظروف الصعبة ، من شح للمياه وملوحتها والمناخ المُتغير، إنتاج حبوب قمح الخبز والقمح الصلب.. ومن يشاهد المنتج القطري من الخضر والفاكهة والمنتجات الحيوانية والأسماك والعسل والتمور عالية الجودة والتي تساهم تباعا في الوفرة واستقرار الأسعار عوضا عن استيرادها .. يكون مقتنعا تماما أن التخطيط والإرادة والتصميم والوطنية بجانب الظروف المهيأة والتي أحسن إدارتها بالقوانين والأنظمة الصارمة يمكنها أن تفعل المستحيل في بلد معروف بمناخه الصحراوي شديد الحرارة والرطوبة .. ولكن الإرادة والنظرة الثاقبة التي لا تعرف المستحيل هزمت العقبات ورفعت همتها لأعلى الدرجات .. بداية الثمانينات لم يكن مستغربا أن تجد بعض أطراف جريد شجر النخيل تشتعل من شدة الحرارة أو عصافير تسقط من أعشاشها تصارع الموت ..ولكن تسارعت خطوات هذا البلد وارتفعت همة المواطن لطلب العلم والمعرفة وتطبيق التجارب فوضعت قطر نفسها في أعلى قوائم التصنيفات العالمية في مجالات الصحة والتعليم وكان حصادها إنجازات مفصلية في مجالات الأمن الغذائي لتنوع مصادر الدخل ولرفع ميزانها الاقتصادي وتأمين حاجتها الغذائية.. حقيقي تستحق قطر أن تكون انموذجا يحتذى في وقت تتراجع مؤشرات الأمن الغذائي اقليميا وعالميا .. مبروك لقطر ولقياداتها الرشيدة .. ولإنسانها المثابر لطلب العلم وتطبيق التجارب الناجحة .