نصف ساعة.. في إمبراطورية (السلسيون)..!! تقرير: وجدان طلحة كان يضع قطعة قماش على فمه...يسير بترنح وبخطى غير ثابتة على الارض كان يرتدي ثيابا ممزقة كأنها استكثرت هى الاخرى البقاء على جسده النحيل ..نصفه العلوي الايمن كان شبه عارٍ .. ويبدو انه تعرض لكثير من الاعتداء الجسدى لتبقى آثاره شاهدا على ذلك .. كلما مر بالقرب من أُناس فروا هاربين .. لا تدري لماذا..؟ هل لخوفهم من ان يلحق بهم اذى.. ؟ ام انه سيقترب منهم طالبا من الله .. ذلك الصبي رغم ان من حوله يعلمون تماما انه في حالة اللاوعي الا انه كان يلحق اولئك الفارين بسهام نظراته واحيانا يلحقها ببعض الهمهمات التى لا يلقى لها المارة ادنى اهتمام. نظرات بلا خانة: رغم ان عددا من المارة فروا من ذلك الشاب الا اننا فضلنا الاقتراب منه وهي المرة الاولى التي نشاهد فيها نظرات شخص نعجز في ان نضعها فى اية خانه وتخوننا قدراتنا الصحفية في اختيار الخانة الصحيحة لها...فهي احيانا نظرة محتاج لمن يأخذ بيده الى بر الامان .. واحياناً اخرى هي نظرات لوم وعتاب .. وتتراءى لك في بعض الاحيان انها نظرة غريق يحتاج الى من ينتشله من بركة آسنة...وهنا يُولد سؤال وهو هل يستطيع الشخص فعل اي شئ تجاه هذا المشرد.. ؟ ام ان الفرار من حوله هو الاجابة القاطعة.. ؟ حديث الجسد: صبي لم يتجاوز الثالثة عشر من العمر اوقفناه دون غيره لنسأله عن أين نجد مواصلات بحري الشعبية، بالرغم من اننا نعلم مكانها، لكننا كنا نبحث عن اي مدخل للحديث معه...رفع يده من جسده النحيل بتثاقل شديد واشار بيده الصغيرة قائلاً :(تلفوا بالمحل داااااااك بس بتلقيها)... سألناه: انت ساكن فى الشعبية ؟... فرد بعد ان ادار وجهه الى الارض وارجع يديه الى الخلف قليلاً بأنه يسكن فى السوق ولم يذهب اليها البتة لكنه يعرف مكان مواصلاتها فقط .. اما عن اكله فقال انه يعتمد على بقايا الطعام من الكافتريات المنتشرة فى السوق , وقبل ان نسأله اي سؤال كان قد غادر بعد ان وضع داخل فمه تلك القطعة المغطاة ب(السلسيون) وفر بجسده إلى مكان آخر. نومة طفلة: لافتة كبيرة هى عبارة عن لوحة اعلانية لإحدى الشركات وكبر حجمها خلف ظلاً لتتخذه إحدى الصغيرات مرقداً لها، هي في الثانية عشر من العمر افترشت الارض وسلمت جسدها لبعض الاوراق والقوارير بالقرب منها .. كان الهواء يعبث بملفحتها الزرقاء بينما هى تحاول لملمتها .. انتصر عليها النعاس واغمضت عينيها ببراءة الاطفال ولم تعر اهتماما للملفحة التى سرقها الهواء فى غفوتها .. من هم على الطريق اكتفوا بالمشاهدة .. هذا المشهد العفوي لتلك الطفلة رصدناه فى دقائق معدودات. إعترافات: بالمقابل فإن علماء الاجتماع يشرحون هذه الحالة ويصفون ان ما وصل اليه هؤلاء هو مجموعة نتاج لعوامل يأتى فى مقدمتها التفكك الاسري .. لان التنشئة الاجتماعية تقوم على عدة محاور تأتي فى مقدمتها الاسرة، وفى كثير من الاحيان اذا سنحت لك الفرصة للحديث مع احد المشردين سيعترف لك بأن من دفعه للخروج للشارع هو غياب الاب من المنزل , او المعاملة القاسية التى يجدها من زوج الام او العكس , او انه كان لا يرغب فى الدراسة ولان الاسرة ضغطت عليه فضل هو ان يترك البيت من الابد، الا ان المختصين يرون اسبابا أُخرى مثل الحروب. تنبيه: لا شك أن هذه الشريحة تشكل خطراً على نفسها في المقام الاول قبل الناس، فهي شريحة فى حالة من غياب الوعي الدائم بسبب ما تتعاطاه من مواد مخدرة، بجانب التصرفات التي تصدر منها والتى يمكن ان تصل الى حد الاذى الجسيم فيما بينهم وقد تحدث منهم مشاكل غير متوقعة، لذلك فإن مسألة إيجاد حل جذرى لهذه الشريحة هو مسؤولية دولة في المقام الاول...فهل تصل الرسالة بسلاسة..؟