اندلعت ثورة الشعب المباركة فتوقف العمل بالمشروع فجأةً بلا مبررات مقنعة في ظل غياب تام للمعلومات والأسباب.. وحتى بعدما أصبحت للولاية حكومة ثورة أتت بفضل دماء الشهداء الذين رووا بطاهر دمائهم ميادين النضال ودروب المواكب -ظل المشروع يراوح مكانه في عداد الأموات. استمر الحال كذلك إلى أن شمرت (تجمع مبادرات حل مشكلة مياه القضارف – تمام) عن سواعد الجد ونفضت عن المشروع الغبار. ذلك حينما قررت في اجتماع لها بجامعة القضارف اختيار وفد من أعضائها للذهاب إلى الخرطوم لمعرفة أسباب توقف المشروع. ومن حسن الطالع أن صادف ذلك تناول وفد من أبناء القضارف المزارعين، كان هناك، مع المجلس السيادي مشكلة المياه في إطار الحل الإسعافي. وكذلك تحرك السيد الوالي في نفس الاتجاه مع السيد رئيس مجلس الوزراء . في الخرطوم العاصمة قصدت المبادرة بحرفية عالية وزارة الري باعتبارها الجهة المالكة للمشروع مستفسرةً عن أسباب توقف المشروع. كانت إجابات المسؤولين تدعو للرثاء على حال الوطن لما شابها من السطحية واللامسؤولية حد الاستهتار والاستخفاف. ولما كان وعي المبادرة بحقهم كأصحاب مصلحة في المشروع، كبيراً – ما كان أمام الوزارة إلا أن تتعامل معهم بكامل الاحترام. وتفتح أمامهم الأبواب لمعرفة حقيقة ما يكتنف المشروع. فأتاحت لهم الجلوس مع الوكيل ومدير عام المشروعات ومدير المشروع. خرجت المبادرة من الوزارة بنتيجة مفادها أن الشركات الوطنية التي تعمل تحت المقاول المنفذ للمشروع – الشركة الصينية، هم السبب في توقف المشروع . وحينما توجهت المبادرة للشركات اكتشفت أنهم لم يكونوا سبباً في توقف العمل بالمشروع.. فكان الرجوع إلى الوزارة مرةً أخرى لتحجج هذه المرة بالمقاول – الشركة الصينية.. وبعد مقابلة الشركة الصينية تبين أنها لم تكن السبب بدليل أنها جددت خطاب الضمان بمئات الآلاف من الدولارات. ورغم ذلك لم يتم استئناف العمل وفق الاتفاق، الشيء الذي جعلهم يخسرون هذه المبالغ بلا طائل. أخيراً يممت المبادرة شطر بنك التنمية – فرع جدة عسى ولعل أن تجد ضالتها وتعرف حقيقة الأمر وأسباب التوقف. حينها ويا للعجب فقد اكتشفت المبادرة أن البنك من جانبه قد تواصل كتابةً مع الوزارة بخصوص ضرورة استئناف العمل في المشروع. إلا أن الوزارة لم تتفاعل مع طلب البنك ولم ترد على مكاتباته – فقرر البنك أن يصرف النظر عن المشروع. لكن المبادرة أفلحت بمساعيها الدؤوبة الخالصة في اتجاهات عديدة ووفقت في إقناع البنك بإكمال ما بدأه من تمويل للمشروع. فكانت استجابة البنك المشروطة بضرورة إنجاز المشروع وإكماله بنهاية ديسمبر 2022م في مدة قدرها عشرين شهراً اعتباراً من أول أبريل 2021م . هنا لا يسعنا إلا أن ندين بجزيل الشكر والعرفان لمن يقفون خلف هذه المبادرة لما بذلوا من جهد. كشفوا به النقاب عن موقف المشروع الحلم لمواطني الولاية، بوعي وتجرد ونكران للذات. فقد جعلوا وزارة الري تسمع لهم وتستجيب، ووزارة المالية تعرف حقيقة أمرهم، ووكيل الري ومديرو المشروعات هناك يؤمنون حد اليقين بحقهم ويعملون على مساعدتهم. حتى تكللت المساعي بموافقة البنك على ضخ المتبقي من التمويل الخاص بالحل الجذري من السد في أعالي سيتيت وعطبرة إلى الخزان بقرية الشميلياب.. كما أفلحت المبادرة في استصدار خطاب الضمان بواسطة الشركة الصينية المقاول المنفذ للمشروع. ما قامت به المبادرة في اتجاه استكمال مشروع الحل الجذري لمياه الولاية؛ ينبغي أن يتكامل مع دور المؤسسة التنفيذية والمؤسسة الشعبية – أي الجهاز التنفيذي في الولاية بقيادة السيد الوالي، والجهاز الشعبي الذي يمثل الثوار ومجتمع الولاية – الحاضنة السياسية لقوى الحرية والتغيير. خاصةً أن المشروع يأتي في مقدمة احتياجات الولاية في سلم الخدمات الضرورية.. المبادرة كما هو معلوم منظمة طوعية لا تبتغي سوى خدمة إنسان الولاية لوجه الله لا تريد جزاءً من أحد ولا شكورا. فعلى حكومة الولاية أن تدين لها بالشكر وفاءً لما تقدمه في مساعدة الحكومة على تحقيق أهدافها.. وكذا الحال مع الحاضنة السياسية في قوى الحرية والتغيير التي تحتم عليها المسؤولية التاريخية أن تفتح أبوابها على مصاريعها لمثل هذه المبادرات. التي اتخذت من الأمر العام هماً تسهر بسببه على خدمة المواطنين في مختلف دروب الحاجة والخدمات.. فالحكومة والحاضنة والمبادرات جميعها خرجت من رحم هذا الشعب وتقدمت للعمل العام وتصدت للمسؤولية من أجله.. فينبغي عليها أن تتناغم وتنسجم لتقدم لإنسان الولاية العطشان معزوفةً عذبةً في مجالات الخدمات المختلفة – ينتشي لها الشعب حد التصفيق والهتاف والدعاء والثمالة. جهد المبادرة وتلمسها دروب الوزارات والإدارات والشركات والبنوك – إنما هو جهد نوعي واع اتسم بالجودة تجسيداً لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). أسأل الله أن يكون جهداً خالصاً لوجهه الكريم. وهو كذلك جهد يبعث على الاطمئنان على أمر هذه الولاية، التي لا تعدم الأوفياء ممن يتسلحون بالوعي والمعرفة والرغبة والحزم والعزم وبذل الجهد – من منطلق شعبي خالص. مبعث الاطمئنان يكمن في وجود رجال كالذين يمموا قاعة الكلازار بجامعة القضارف وأموا المؤتمر الصحفي للمبادرة بالأمس.. فهم بلا شك يمثلون رصيداً شعبياً كبيراً يمكن للمجلس التشريعي القادم أن يفيد منه. كيف لا وفيهم من الحادبين الذين لا يقيمون وزناً لشيء سوى المصلحة العامة – مراقبةً ومحاسبةً ومن قبل ومن بعد تشريعاً .