كثيرون يرون أن آلية القيادات السياسية المعنية بتطبيق اختيار القيادة للشخص المكلف تبدو عاجزة عن توصيل التكليف إلى الشخص المعني وإقناعه بقبوله، ما يُعرّض التشكيل المُعلن للحرج. وتذهب التحليلات إلى أنه إذا كان ثمة مبرر للقصور في حالة أن المرشحين غير منتمين للحزب الحاكم، فإن المبرر ينعدم لعضوية الحزب الحاكم المكلفة لشغل أي منصب، الأمر الذي كانت نتيجته كثافة الاعتذارات مؤخرا. فيما تذهب تحليلات أخرى إلى اعتبار أن ذلك ليس لُبَّ الموضوع، وإنما في اختيار الشخصيات نفسها وأن المعنيِّين بالترشيح يركزون على الفحص والتمحيص ويستغرقهم الأمر للحد الذي ينسون فيه خطوة ما قبل الإعلان، والاتصال بالمرشح. مضوي أبرز المعتذرين تزامن مع اعتذار رجلي المؤتمر الوطني ما رشح عن اعتذار د.مضوي إبراهيم عن تسلم وزارة المعادن، الأمر الذي فسره كثيرون بأنه يتسق مع مواقف د.مضوي باعتباره ناشطا في ملفات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني إضافة إلى كونه مستقلا لا يمكن السيطرة عليه بتوجيهات من الحزب الحاكم وإجباره على قبول التكليف، فضلا عن عدم منطقية الاختيار، إذ يرى البعض أنك لا يمكن أن تحتجز شخصا لأكثر من مرة بتهم خطيرة وتعود وتطلب أن يكون وزيرا. كيف اعتذر كرتي؟ وطبقا لتقارير إعلامية الأسبوع الماضي، فإن وزير الخارجية الأسبق علي كرتي سمع بتعيينه والياً للبحر الأحمر من شخص مقرب منه أثناء وجوده بتركيا. وكشفت التقارير أن كرتي فور علمه بالخبر أجرى اتصالاً هاتفياً برئيس الجمهورية المشير عمر البشير ورئيس الوزراء بكري حسن صالح ونائب رئيس المؤتمر الوطني فيصل حسن إبراهيم وأبلغهم باعتذاره عن تولي المنصب، على الرغم من أنه لم يخض في أسباب اعتذاره. وطبقاً لما أوردته التقارير الإعلامية من معلومات خاصة فإن القيادة السياسية طلبت من كرتي ترشيح بديل ليرشح الهادي محمد علي لمنصب الوالي بالبحر الأحمر ووعد بدعمه ومساندته. ونقلت التقارير عن كرتي قوله لمقربين منه إنه لم يعد قادراً على تحمل أعباء تكاليف الوظيفة الدستورية، وإنه قرر التفرغ التام لمتابعة أعماله الخاصة داخل وخارج السودان مع استعداده لقبول التكليف لأي مهمة خاصة لا تتطلب التفرغ التام. الأكثر ضجيجاً أما محمد حاتم سليمان فكان اعتذاره الأكثر ضجيجا، وخلف وراءه العديد من التحليلات والاجتهادات، بيد أن مقربا من الرجل أكد أن حاتم لم يكن له أن يرفض أي تكليف حزبي لو أن بيده الأمر، مشيرا إلى أنه أبلغ قيادة الدولة والحزب بأنه حريص على البقاء قريبا من منزله والأسرة بحسابات خاصة وحساسة. وكشف المصدر في حديثه ل(السوداني) أمس، أن قيادة الحزب تقبلت اعتذار الرجل وقَدَّرَتْه. أين طارق شلبي؟ وزير الدولة بالمالية في التشكيل الأخير طارق شلبي كشفت تسريبات غير مؤكدة أنه لم يزاول مهامه بعد، في وقت انطلقت فيه شائعات بأن الرجل اعتذر عن قبول التكليف، بيد أن مصدراً إعلامياًَ كبيراً مقرباً من دوائر صنع القرار في الحزب الحاكم والدولة، كشف ل(السوداني) أمس، عن أن طارق أوقف تعيينه بسبب مراجعة، دون أن يكشف تفاصيل تلك المراجعة. اعتذارات سابقة في مايو من العام الماضي سجل كمال عمر هدفاً في مرماه عقب تقديمه استقالته من موقعه التنظيمي وعضويته بالبرلمان التي رشحه إليها الحزب ضمن حصته في حكومة الوفاق الوطني احتجاجا على المشاركة في السلطة بعد رفض البرلمان تمرير التعديلات الدستورية المتعلقة بالحريات. وفي سبتمبر من العام الماضي كان يوما للمفارقات إذ استيقظت الخرطوم على نبأ اعتذار نصر الدين حميدتي عن قبول منصب رئيس المجلس الأعلى للرياضة بغرب كردفان. وللمعارضة نصيب المعارضون القادمون على جناح مشاركة أحزابهم بحكم توجيهات القيادات التاريخية أو على ظهر تسويات ثنائية شغلت حيزا من مشهد الاعتذارات. ونقلت تقارير إعلامية سابقة اعتذار أكثر من قيادي معارض تسلم أعباءه أو تكاليفه الوزارية، وتسيد المشهد د.منصور العجب عن الاتحادي الأصل، فبعد أن شغل الرجل منصب وزير الدولة بالخارجية في بواكير مشاركة الاتحادي الأصل، تقدم الرجل في يونيو 2012م باستقالته من المنصب. سبقه في ذلك بحسب ما نقلته التقارير الإعلامية القيادي بالاتحادي المسجل صديق الهندي الذي اعتذر عن منصبه كوزير للتعاون الدولي، ووقتها شغل الهندي الشارع العام بسبب اعتذاره وقوله إنه لم ينسَ ما تعرّض له من اعتقالات إبان سنوات الإنقاذ الأولى، وهو ما جعله يعتذر عن قبول شغل تلك الوزارة. بيد أن أكثر من خطف الأضواء باعتذاره كان نائب رئيس المؤتمر الوطني الأسبق د.نافع علي نافع في سبتمبر 2014م باعتذاره عن قبول الترشح للدخول لقائمة المؤتمر الوطني للمتنافسين على منصب والي النيل الأزرق. ونقلت تقارير إعلامية أن الرجل اعتذر عقب أن رشحه عضو شورى الولاية عمر محمد دفع الله، وقام العضو الأمين شمس الدين بتثنية اقتراح الترشيح. نوفمبر من العام 2011م شهد حالة استثنائية لاعتذار أحد منسوبي الحزب الحاكم، ونقلت تقارير إعلامية حينها، اعتذار الناجي محمد علي عن قبول تكليفه بمنصب معتمد محلية كرري، ليلحق باعتذار أمين الاتصال التنظيمي بوطني الخرطوم حينها محمد شيخ إدريس الذي رفض هو الآخر تولي منصب معتمد جبل الأولياء.