وفد عسكري أوغندي قرب جوبا    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    والي الخرطوم يشيد بمواقف شرفاء السودان بالخارج في شرح طبيعة الحرب وفضح ممارسات المليشيا المتمردة    مجاعة تهدد آلاف السودانيين في الفاشر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    لدى مخاطبته حفل تكريم رجل الاعمال شكينيبة بادي يشيد بجامعة النيل الازرق في دعم الاستقرار    شغل مؤسس    عثمان ميرغني يكتب: لا وقت للدموع..    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    محمد خير مستشاراً لرئيس الوزراء كامل إدريس    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    تيك توك يحذف 16.5 مليون فيديو في 5 دول عربية خلال 3 أشهر    وفد المعابر يقف على مواعين النقل النهري والميناء الجاف والجمارك بكوستي    الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة يكشف عن إحصائيات بلاغات المواطنين على منصة البلاغ الالكتروني والمدونة باقسام الشرطةالجنائية    الشان لا ترحم الأخطاء    صقور الجديان في الشان مشوار صعب وأمل كبير    الإسبان يستعينون ب"الأقزام السبعة" للانتقام من يامال    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"هذه الأزمة"!!
نشر في السوداني يوم 18 - 06 - 2021

إن كانت من كلمة جامعة لمعنى ما تشهد البلاد حقاً من تطورات خطيرة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها فهي ما استخدمه السيد رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك من تعبير في مفتتح خطابه بوصف "هذه الأزمة"، صحيح أنها تبدو أخف وطأة من الواقع المنذر، وإن كان استدرك ذلك لاحقاً في خطابه وهو يحذّر من مآلات والعواقب الوخيمة، ولكن مجرد الإقرار بأن هناك "أزمة" فهذه خطوة كبيرة في ظل حالة إنكار درجت عليها الطبقة الحاكمة الجديدة هروباً من مواجهة حقيقة أن الفرص والآمال العريضة التي فتحت ثورة ديسمبر المجيدة طاقات الأمل عليها لوضع البلاد على طريق تغيير حقيقي، ها هي تتحول في غضون أقل من عامين إلى "أزمة" أو بالأحرى طريق مسدود.
(2)
لم يكن الدكتور حمدوك بحاجة للدفاع عن نفسه في وجه الانتقادات التي توجه إليه من جميع الأطراف وفي مقدمتهم "شركاء الانتقال" بجناحيهم العسكري والمدني، فهو لم يكن مهندس الاتفاق السياسي، ولا عرّاب الوثيقة الدستورية، وجاء إلى موقع التنفيذي الأول محل اتفاق كجزء من فريق يُفترض أن استحقاقات الانتقال التي تم التوافق عليها بين المكونين المدني والعسكري سيكونان عند مستوى المسؤولية والالتزام والاستقامة الأخلاقية للقيام بها وفاءً لدماء الشهداء والتضحيات الكبيرة التي قدمها الجيل الجديد من أجل التغيير وبناء غد أفضل، وبالتالي فإن مسؤولية رئيس الوزراء ونجاحه في مهمته تبقى رهينة بالتزام الطرفين بتعهداتهما للشعب وقد انتدبا أنفسهما للوكالة عنه في إنجاز مهمة الانتقال، ولذلك من يتحمل المسؤولية الأكبر عن أي إخفاق في إدارة الانتقال هم قادة المكونين المدني والعسكري.
(3)
كان الدكتور حمدوك يحتاج لأن يسمى الأشياء بمسمياتها، صحيح أنه يتحمل قسطه من المسؤولية بحكم منصبه، ولكن تشخيصه المتساهل في توصيف "الأزمة" يسهم في إيجاد غطاء للمتسببين الحقيقيين فيها، فالأزمة في جوهرها ليست اقتصادية، ولا أمنية، فهذه مهما استفحلت تبقى مجرد أعراض ومظاهر، ذلك أن الأزمة بالأساس هي أزمة سياسية بامتياز، تتعلق بمدى سلامة الإطار السياسي الذي تجري فيه عملية الانتقال بما يجب أن يخدم فعلاً متطلبات واستحقاقات التحول الديمقرطي.
(4)
وما يحدث على أرض الواقع أن السبب الحقيقي في فشل معادلة الانتقال الحالية يعود لانقلاب شركاء الاتفاق السياسي في المجلس العسكري الانتقالي، وقوى الحرية والتغيير اللذين تواطوء على التلاعب بالوثيقة الدستورية، وائتمروا بغير معروف في عدم الوفاء باستحقاقاتها الملزمة، ليس عن غفلة ولا قلة حيلة، بل لأن ذاك ضروري في حسابات الائتلاف الخفي الذي نشأ بين أطراف في المكون العسكري وعدد من تنظيمات قحت المنبتة الجذور في المجتمع السوداني، والتي من فرط معرفتها لحجمها الضئيل في أي استحقاق انتخابي، قررت اختطاف عملية الانتقال برمتها، والعمل على استطالتها هروباً من أي استحقاق أو اختبار جماهيري لأوزانها الحقيقية، وكانت وسيلتها في ذلك بذل كل ما في وسعها لتعطيل وعرقلة أي استحقاقات للوثيقة الدستورية لتضمن احتكار القرار.
(4)
وما يزيد الطين بلة أن الطبقة الحاكمة التي اختطفت القرار واستحقاقات الفترة الانتقالية لا تفعل ذلك بواعز وطني من باب ، بل تقوم بذلك بلا مواربة من أجل خدمة أجندة أطراف خارجية، وهو أمر لم يعد سراً فقد بات في باب العلم العام، ولذلك انشغلت بذلك واكتفت به عن أي جهود لبناء أحزابها وتنظيماتها، وها قد مر عامان دون أن يحدث حزب واحد منها نفسه بإقامة أنشطة حزبية تنتهي بعقد مؤتمرات عامة تنتخب فيها قياداتها، والنتيجة هذا الفراغ السياسي العريض الذي تعيشه البلاد، وهذا الافتقار لقيادات ذات وزن، وللمفارقة فقد اختبأ قادة هذه التنظيمات في كواليس السلطة مشغولين بقضايا ذاتية صغيرة، لا يكاد بسمع لهم أحد حساً ولا خبراً، في دلالة على عزلتهم غير المجيدة عن القواعد الشعبية الذين يفترض أنهم من من يمثلونهم.
(5)
ولذلك بدلاً عن حروب طواحين هواء مع شخصيات هلامية يسعون لخلق الفوضى، كما ذهب إلى ذلك الدكتور حمدوك،، وسبب الفوضى الحقيقي هو تلاعب الشركاء باستحقاقاتها، فالتدهور السياسي أو الأمني ليس بسبب التشظي الذي حدث بين مكونات الثورة، والذي ترك فراغاً تسلَّل منه أعداؤها وأنصار النظام البائد"، ولا تتعلق المسألة "بتوحيد وتُنظِّم صفوفها"، بل المطلوب حقاً إيقاف هذه المسرحية الحزبية العبثية التي اختطفت الوثيقة الدستورية لصالحها أجندتها الضيقة على حساب أجندة الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.