الناطقة الرسمية لحزب الأمة القومي سارة نقد الله عبرت عن أسفهم لمنع السلطات المصرية المهدي من دخول القاهرة مشيرة إلى أن ما حدث "سيغرس إسفينا لا يمكن تجاوزه بسهولة في مستقبل العلاقات بين الشعبين"، مضيفة أن المهدي تم استقباله في بلد صديق. ولفتت الناطقة الرسمية لحزب الأمة القومي إلى أن السلطات المصرية طلبت من المهدي ألا يشارك في اجتماعات برلين، الأمر الذي رفضه من حيث المبدأ "رفض أي إملاءات خارجية في الشأن الداخلي السوداني". وأضافت سارة نقد الله: "إن هذا الإجراء عدواني وغير مسبوق من كل الحكومات المصرية المتعاقبة، ويدفع للاستنتاج بأن الحكومة المصرية تسبح عكس التيار ولا تكترث لعلاقات الشعوب الباقية، وأنه لمن المؤسف أن يشتري النظام المصري رضا قلة فاشلة خصماً على رضا الشعب السوداني الذي لن يرحل ولن يزول". عددٌ من قيادات الأمة ومناصريه اعتبروا أن الإجراء الرسمي المصري يهدف لإرضاء حكومة الخرطوم وسيثير سخطاً شعبياً في السودان ومصر. من جهتها اعتبرت قوى نداء السودان أن ما حدث للمهدي يضر بالعلاقات بين الشعبين السوداني والمصري. وقال الأمين العام لتحالف نداء السودان مني أركو مناوي إن قرار السلطات المصرية بالاستجابة لضغوط الخرطوم ومنع الصادق المهدي من دخول مصر سيضر ضرراً بليغاً بالعلاقات بين الشعبين. ووجه مناوي رسالة إلى القاهرة مفادها أن العلاقة الأزلية يجب ألا تتاثر بمثل هذا القرارات داعيا إياها للعدول عن موقفها. وتأسس تحالف "نداء السودان" في نوفمبر 2011، ويضم قوى سياسية وأخرى حاملة للسلاح، أبرزها حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر السوداني والحركة الشعبية شمال، وحركة تحرير السودان قيادة مناوي، وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم، ومبادرة المجتمع المدني، إلى جانب قوى أخرى. وعلى أثر اختيار تحالف "نداء السودان" المهدي رئيسا في مارس الماضي، دونت السلطات السودانية بلاغات ضد المهدي تصل عقوبة بعضها للإعدام بعد اتهامه بالتواطؤ مع حملة السلاح، لكن المهدي قال إنه غير آبهٍ بهذه الإجراءات واعتبرها "كيدية" ورهن عودته للسودان ب"إنجاز مهام وطنية". حبال الود معظم تحليلات المراقبين تذهب إلى أن الخرطوموالقاهرة بدأتا في استعادة حبال الود عبر تصفية كل مسببات الكدر بينهم وعلى رأس ذلك الجماعات المعارضة في البلدين. المحلل السياسي محمد عبد الحميد اعتبر أن منع الصادق المهدي من دخول مصر يأتي في سياق التنسيق السياسي والأمني بين الخرطوموالقاهرة لحصار القوى السياسية المُعارِضة في البلدين. ويشير عبد الحميد إلى أن الخطوة تصبُّ في صالح رصيد الحكومة السودانية التي باتت تُضيّق على معارضيها إقليمياً ودولياً. في السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية د.عبد الوهاب الطيب، إن منع المهدي من دخول القاهرة يرجع لأسباب سياسية وأمنية، مضيفاً أن التقارب الكبير بين البلدين خاصة بعد زيارة مدير الأمن والمخابرات السوداني صلاح قوش للقاهرة يحمل العديد من المؤشرات على حجم التقارب والتنسيق. ويلفت الطيب إلى أن أي اختراق في العلاقات السياسية والأمنية ينعكس على التوازن الإقليمي، لافتاً إلى أن انفتاح مصر على المعارضة السودانية يقود السودان لموقف مماثل وينعكس ذلك في شكل المواقف والتقاطعات الإقليمية. من جهته يستبعد الصحفي والمحلل السياسي محمد الأسباط أن يكون إبعاد المهدي بمثابة تنسيق باعتبار المهدي من دعاة الحوار مع الحكومة ولا يشكل تهديداً أمنياً كقادة الحركات المسلحة. غير أن عبد الوهاب الطيب يرى أن المهدي بحكم الواقع بات مطلوباً الخرطوم على ذمة قضايا تصل عقوبتها حد الإعدام فيما طلبت الخرطوم من القاهرة الحد من حرية تحرك المهدي. في المقابل يستدرك الأسباط أن إبعاد المهدي يأتي على خلفية ترتيبات إقليمية ودولية ستُفضي إلى إبعاد مصر عن المشهد في السودان كما حدث في عملية السلام في نيفاشا في 2005, فضلاً عن صراع الريادة المحتدم في الإقليم والذي تحقق فيه إثيوبيا نجاحات متتالية. ويمضي الأسباط في تحليله ويقول: "وفق ترتيبات التسوية السياسية ستُعاد منصة التفاوض إلى أديس أبابا، خصوصاً بعد اجتماعات برلين ودخول ألمانيا إلى مضمار التسوية في السودان، مضيفاً: "كما هو معلوم بالضرورة، فإن نجاح التسوية الذي سيكون مدعوماً أوروبياً، سيرجح الكفة الإثيوبية إقليمياً، في ظل غياب تام للقاهرة التي من المتوقع توالي تغييبها عن المشهد، وكل ذلك سيُعلي من تعظيم الدور الإثيوبي في الإقليم خصوصاً في حال نجاح ترتيبات السلام مع أريتريا". ويختم الأسباط تحليله بالقول: "تتضمن خطوة إبعاد المهدي رسالة إلى الخرطوم بأننا لا نأوي معارضيكم، وننتظر منكم رد التحية بأحسن منها". وفي يناير 2017 عاد زعيم حزب الأمة القومي بعد غياب استمر ثلاثين شهراً أمضاها في العاصمة المصرية القاهرة، التي اتخذها، حينها أيضاً، منفى اختيارياً منذ أغسطس 2014 بعدما اعتقلته السلطات لنحو شهر في مايو من العام ذاته بسبب اتهامه لقوات الدعم السريع بارتكاب تجاوزات ضد مدنيين في مناطق النزاعات. وفي مطلع فبراير 2018 غادر المهدي إلى أديس أبابا للمشاركة في مشاورات مع الوساطة الإفريقية بقيادة ثامبو إمبيكي، وبعد انتهائها توجه للقاهرة حيث اختارها للمرة الثانية منفىً اختيارياً له.