كثر الحديث عن وجود «فلول» من النظام السوداني البائد ضمن مؤسسات حكومة الفترة الانتقالية مؤخراً، وبصورة ملفتة، خاصة بعد إقالة والي القضارف بسبب فيديو قديم يربطه بالحزب المحلول. الخرطوم: التغيير الالكترونية سليمان ليس وحده لم يكن والي القضارف المقال سليمان علي، يتوقع أن تكون نهاية تكليفه بالطريقة التي تمت، عقب ظهوره في فيديو لأحد مناشط المؤتمر الوطني المحلول يعود للعام 2009م، الأمر الذي دفع قوى الحرية والتغيير لطلب اعفائه، وأعقبها التجمع الاتحادي الذي يتبع له الوالي، قبل أن يتدخل رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ويمهله يوماً واحداً للإقالة أو الاستقالة. ووالي القضارف ليس وحده من طالته الاتهامات، وإنما كثيرون في مؤسسات الفترة الانتقالية تثار حولهم شكوك واتهامات بمشاركة النظام البائد، لكن لم تطالهم ذات الإجراءات مما يدعو للتساؤل عن دواعي ذلك، وما إذا كانت موازنات حزبية أم مخاوف أم اختراق أمني؟ وجود خلل عقب صدور قرار إقالة والي القضارف في 18 أغسطس الحالي، اتهم الوالي المقال، تحالف الحرية والتغيير في الولاية بتسريب الفيديو الذي تسبّب في إقالته من منصبه، ثم تداوله في اجتماع للتحالف وبمشاركة التجمع الاتحادي، واعتبر ذلك عدم ثقة في شخصه، وأكد أن الحادثة ليس المقصود بها شخصه وإنما الفترة الانتقالية، وأشار إلى أن كل قادة الفترة الانتقالية شاركوا بشكل أو بآخر المؤتمر الوطني (المحلول). واتّخذ سليمان قراراً بتجميد عضويته في التجمع الاتحادي، ورأى أن الخطوة توضح أن هنالك خللاً، ووصف السياسة بأنها عبارة عن حقل ألغام. مشاركة موثقة الأحاديث عن مسؤولين داخل الحكومة الانتقالية كانوا مشاركين للنظام البائد ولم يبعدوا، تشير إلى رأس الحكومة، رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان الذي كان معتمدا بإحدى محليات دارفور الغربية في السنوات الأولى للحرب في الإقليم، التي قُتل فيها الآلالف ونزح ولجأ الملايين. كذلك حاكم دارفور مني أركو مناوي، شارك النظام السابق ككبير مساعدي المخلوع قبل أن يعلن تمرده مرة أخرى ويعود للكفاح المسلح، وغيرهم كثيرون في القائمة التي يتداولها السودانيون بشأن القضية. لكن المحلل السياسي الجميل الفاضل يرى في حديثه ل«التغيير»، أن مشاركة البرهان ومناوي في «الانتقالية» تختلف عمّن كانوا ضمن النظام البائد لأنهم اتوا وفق اتفاق مبرم بين المكونين المدني والعسكري والذي أتاح لهم المشاركة في الحكم مناصفة. حملة استهداف والية الشمالية آمال عز الدين، اتهمت كذلك، بتبعيتها للنظام البائد، خاصة بعد ظهور صورة لها ضمن حملة للمؤتمر الوطني في انتخابات 2015م، وبرزت أصوات تطالب بإقالتها أسوةً بوالي القضارف، غير أن حزب المؤتمر السوداني فند تلك المزاعم، وأكد أنه لا علاقة لها بالنظام السابق. وقال الناطق باسم الحزب نور الدين بابكر، إنّ التهم التي وصفها بالملفقة ضد القوى السياسية للتغيير، تجيئ ضمن حملة استهداف يقودها منسوبو النظام البائد ضد الثورة لشيطنة قياداتها واحتسابهم على النظام البائد. وأوضح أنّ الصورة التي تمّ تداولها على مواقع التواصل الإجتماعي للوالية قديمة وتعود لتكريم الوالية من قبل مدير إحدى الجامعات وكانت وقتها أستاذة بجامعة دنقلا. وأضاف بابكر بأنّ من يمتلك أدّلة دامغة بأنّ الوالية كانت ضمن قيادات المؤتمر الوطني المحلول فليأت بها (ونحن مستعدون لإقالة من يثبت ارتباطه بالحزب المحلول وإنهاء عضويته في حزبنا، علاوة على محاسبة أيّ شخصٍ تحوم حوله شبهات فساد مهما كان موقعه). أسطوانة مشروخة والي شرق دارفور محمد عيسى عليو، جرى اتهامه بأنه كان ضمن قيادات النظام البائد كقيادي للإدارات الأهلية، التي كانت مبايعة للإنقاذ، وكان كثيراً ما يظهر في المناشط المختلفة، وأنه كان عضواً في الحوار المجتمعي ورشحه بكري حسن صالح النائب الأول للمخلوع لمنصب والي شرق دارفور في وقت سابقٍ لكنه أعتذر. وفي الأيام الماضية سربت وثيقة أكدت لقاء عليو بنائب الرئيس السابق حسبو عبد الرحمن ومساعده نافع علي نافع داخل سجن كوبر بالخرطوم، لكن عليو ذكر أن زيارته للسجن كانت للقاء حسبو باعتباره رئيس مجلس شورى قبيلة الرزيقات التي يتبع لها، وأن لقاءه بنافع جاء عرضاً. وعلى إثر ذلك اتهم البعض الحكومة بالتساهل واللين مع بعض المسؤولين والغلظة والتعنت مع البعض الآخر. ونفى عليو ل«التغيير»، علاقته بالنظام السابق، وأكد أنه لم يكن عضواً بحزب المؤتمر الوطني، وقال إن الكل يعرف انتماءه لحزب الأمة، ورغم ذلك لم يتم ترشيحه للولاية ضمن قوائم الحزب، وإنما جاء ترشيحه من الحرية والتغيير. وطالب من يروج لانتمائه للنظام السابق بالكف عن ذلك لأنها أصبحت أسطوانة مشروخة ولا تمت للحقيقة بصلة- حسب تعبيره. ووصف ما يتعرض له بالاستهداف الممنهج من جهات- لم يسمها- لإقالته من منصبه عبر اختلاق الكذب والشائعات التي لا أساس لها. والي البحر الأحمر ولم يسلم والي البحر الأحمر عبد الله شنقراي من اتهامه بالتبعية للنظام البائد، لكن لم تستطع أي جهة داخل قوى الحرية والتغيير بالمركز والولاية إثبات تلك الاتهامات. ولم يعط شنقراي فرصة لهذه الأصوات بعد إصداره أمراً بفصل زوجته د. مريم أونور المحاضرة بجامعة البحر الأحمر بموجب قرار لجنة إزالة التمكين، وذلك إنفاذاً لقرار لجنة إزالة التمكين بإعفاء أي دستوري عمل في النظام السابق. وشغلت زوجة شنقراي منصب وزير التربية والتعليم في البحر الأحمر خلال عهد الرئيس المخلوع البشير. إتهامات مثبتة ويواجه والي شمال كردفان خالد مصطفى، المحسوب على حزب حركة الإصلاح الآن بقيادة غازي صلاح الدين، ذات الاتهامات والتي ظلت ترددها الأصوات الرافضة له بالولاية. وطالبت تنسيقية الحرية والتغيير بالولاية، بإقالة الوالي، بعد فشله في إدارة الولاية واستعانته بفلول النظام البائد. وقال مقرر التنسيقية البشير الصادق البشير ل«التغيير»، إن التنسيقية رفعت مذكرة إلى المجلس المركزي منذ 21 مارس الماضي، طالبت فيها بإقالة الوالي. ولفت إلى أن الحاضنة السياسية، ظلت تتحمل عبء الوالي لفترة من الزمن مما أفقدها جزءاً كبيراً من حاضنتها الإجتماعية. فيما أقرت حركة الإصلاح الآن بالولاية، بأن الوالي كان عضواً بالحركة وأمينها السياسي. وشرحت ظروف الفيديو الذي ظهر به الوالي خلال زيارة لرئيس الحركة للولاية. وزراء تحت الضوء ولم ينج وزراء في الحكومة الانتقالية من الاتهام بالانتماء للنظام السابق، في مقدمتهم وزيرة التعليم العالي انتصار صغيرون التي قيل إنها رشحت في الدوائر النسيبة للمؤتمر الوطني في انتخابات 2015م عندما كانت عميدة بإحدى كليات جامعة الخرطوم. كما أن أحاديث كثيرة دارت حول مشاركة وزير الثروة الحيوانية حافظ إبراهيم بأنه كان يتبع لقوات الدعم السريع التي أنشأها المخلوع البشير لحماية حزبه، وأن حافظ كان مسؤولاً عن ملف ليبيا بالدعم السريع، لكن هذا الاتهام لم يقف أمام توليه الوزارة. كذلك دخل دائرة الإتهام وزير العدل نصر الدين عبد البارئ، الذي كان منتمياً للحركة الاسلامية في الثانويات، وبعد تخرجه من الجامعة وقبل مغادرته البلاد عمل متدرباً في مكتب عبد الرحمن الخليفة المعتقل حالياً. ورغم تلك الاتهامات إلا أن جميع تلك الأسماء اجتازت الفحص الأمني الذي شكك في صحته عدد من المراقبين خاصة بعد إبعاد البروفيسور محمد الأمين التوم وزير التربية والتعليم السابق بحجة عدم اجتياز الفحص الأمني. صعوبة الإثبات وأكد مراقبون، أن الاتهامات الموجهة لمسؤولين في الفترة الانتقالية يصعب إثباتها، لأنها بنيت على روايات سمعية، ونوهوا إلى المشاركين المؤكدتين لرئيس مجلس السيادة وحاكم دارفور، وذكروا أنهما جاءا بشرعية البندقية وارتضى الشق المدني تقاسم السلطة معهم بحسب الوثيقة الدستورية. وقال القيادي بقوى الحرية والتغيير جمال إدريس الكنين ل«التغيير»، إن الموضوع من البداية كان يحتاج لمزيد من البحث والتحري وجمع المعلومات والتدقيق. وأقر بوجود قصور في هذا الجانب. وأضاف: «من جانب آخر قد تكون الجهات التي رشحت تساهلت وجاملت حتى لو تحصلت على معلومات أو كان معروف لديهم تاريخ المرشح بقربه من النظام البائد». وتابع: «ذلك لأسباب قد تكون اثنية أو قبلية أو حزبية». وزاد: «خاصةً وأن عديد من الأحزاب تسلل إليها كثير من فلول المؤتمر الوطني». وأردف: «لذلك محتاجين إلى مزيد من التحري وجمع المعلومات والتدقيق في سيرة أي مرشح لأي موقع للفترة الانتقالية». اختراقات وبحسب مصادر، فإن الاختراق داخل الحرية والتغيير موجود حتى الآن. وأشارت المصادر إلى أن البعض مدعومين من المخابرات بصفتهم رؤساء لبعض الأحزاب في حين أن رؤسائه موجودين. ويقول جمال الكنين إن الحديث عن قيادات صنيعة لجهاز الأمن وارد لأن الاختراق الأمني للأحزاب «برضو وارد وماشي ومستمر»- على حد قوله". ونفى الكنين وجود معلومات موثقة بطرفه حولهم، لكنه عاد واستدرك: «لكن عموماً الاختراق حاصل لكثير من الأحزاب».