استضاف برنامج (حتى تكتمل الصورة) الذي يبث على قناة النيل الأزرق وزير الخارجية علي كرتي ولكن بكل أسف لم تكتمل الصورة بل أصابها التشويش أكثر ؛ فوزير الخارجية كشف معلومات خطيرة للغاية تصيب من يسمعها بالإحباط جراء خطورتها فالسيد الوزير قال بأن وزارته كانت آخر من يعلم بخبر وصول البوارج الإيرانية ميناء بورتسودان وأضاف بأن الوزارة علمت بالخبر من وسائل الإعلام ! ونضيف نحن بأن هذا يعني أن المسؤولين في وزارة الخارجية علموا بالخبر مثلهم مثل أي مواطن آخر وهذا ليس على مستوى إدارات وزارة الخارجية فحسب بل هو على مستوى وزير الخارجية نفسه أي بمعنى آخر أن وزارة الخارجية فعلياً كانت خارج (شبكة!!) الحكومة بالفعل ولم تكن تملك حتى معلومات عامة عن قرار مهم متعلق بالسياسات الخارجية للبلاد وهذا وضع معيب بمعنى الكلمة ويستحق من الوزير موقفاً واضحاً يحسم هذا التخبط ؛ فإذا كانت الوزارة المسؤولة عن ملفات السياسة الخارجية للبلاد ليست لديها المعلومات الكاملة والواضحة عن سياسات البلاد فما هو الدور الفعلي لهذه الوزارة؟ وما هي الجهة التي تتولى بعض المهام الخطيرة للوزارة؟ وهل يقبل وزير الخارجية بهذا الوضع الغريب ؟؟ ولم يكتف الوزير بهذا القدر الخطير والمثير للشفقة من المعلومات على ما آلت إليه أوضاع وزارته بل أضاف أنه لم يستبعد تعرض السودان لهجمات جوية جديدة من قبل اسرائيل حال عدم تعزيز دفاعاته الجوية ثم قال : (حتى الآن لا نعلم أن مصنع اليرموك ضرب بطائرات أم بصواريخ)!! فإن لم تكن الخارجية تعلم بعد مضي كل هذا الوقت على الضربة التي وقعت في العمق السوداني فمن هو الذي يجب أن يعلم؟ ومن يتحمل مسئولية هذه الضبابية ؟؟ ثم لو أن الوزير تحدث عن تعزيز الدفاعات الجوية ثم سكت لكان أفضل باعتباره يسدي نصيحة في الهواء الطلق لحكومته لكن أن يتحدث الوزير أن وزارة الدفاع ووزيرها غير مسئوولين عن الهجوم ؛ فهذا هو العبث بعينه فمن أين للوزير أن يتحدث عن عدم تعزيز الدفاعات الجوية وعن ضعف التنسيق بين أجهزة الدولة ثم يتحدث عن تبرئة ساحة وزير الدفاع من المسئولية؟ فهل يعتبر وزير الخارجية أن مسئولية الهجوم تعني من قام بالهجوم؟ وهل هو غير مدرك أن المسئوولية تعني أكثر من تحديد من قام بالهجوم بمراحل أم أنه لا يعلم كل هذا إذا كان يعلم هذه الأمور ويصر على هذا الحديث فتلك مصيبة وإن كان يهرف بما لا يعرف بسبب ضعف معلوماته فالمصيبة أعظم !! ما حدث من ضربة عسكرية وعدوان غاشم داخل أراضينا اكتنفه الغموض الشديد وأصاب المواطنين وبعض أجهزة الدولة بالاضطراب الشديد وهو جرس إنذار حقيقي لكل من يشغل منصباً سياسياً أو موقعاً رقابياً في هذه البلاد ويحتاج لأن تعمل الدولة بطاقتها القصوى لتأمين دفاعات البلاد وأن لا يتوقف الحديث عن الأمر حتى نتفاجأ بضربة جديدة تجعلنا نصاب بالذهول ومن ثم الثرثرة دون دراية وعلم بحقيقة الأوضاع ما نحتاجه الآن بشكل حقيقي هو تحركات برلمانية تلبي تطلعات المواطنين لتحديد من تقع على عاتقه المسئوولية بشأن ما حدث ثم بعد ذلك قرارات سياسية عليا حاسمة تضع النقاط على الحروف لتأمين البلاد وتطمين العباد على أمن وسلامة أراضيهم وحتى ذلك الحين نتمنى من الخارجية الالتزام بفضيلة الصمت الجميل متى ما كانت لا تعلم بحقيقة الأوضاع فالصمت في هذه الأحوال أجمل ويساهم في تخفيف حدة (آلام) المرارة التي تصيب الشعب كل ما أصاب البلاد مكروه !! .