المقصود بزراعة الوهم: هي الوعود التي تطلقها الحكومات من حين لآخر كحوافز للمغتربين بغرض جذب مدخراتهم من العملات الصعبة، التي يأملون أن يعالجوا بها الوضع المذري للاحتياطي النقدي في البنك المركزي، الذي يشكو لطوب الأرض من الصرف البذخي غير المقنن لموارد الدولة، ومن ثم عمدت الحكومات المتعاقبة على إيهام المغتربين بالحوافز والامتيازات، وبعد استلامها للمدخرات من العملة الصعبة، تقلب لهم ظهر المجن، وتنكر ما وعدتهم به من حوافز وامتيازات. حصاد السراب: هو النتاج الحقيقي لتصديق المغتربين للوعود الوهمية للحكومات، وقيامهم بتحويل مدخراتهم من عملة صعبة إلى البنوك السودانية أملاً في الحصول على هذه الامتيازات، وتكون المحصلة النهائية تنكر الحكومات لهذه الوعود بالحوافز والامتيازات، ومن ثم يفقد المغترب المغلوب على أمره مدخراته، كما يفقد الامتيازات الموهومة التي وعدت بها الحكومة ثم تنكر لها بعد حين. – تناولنا في الحلقة الأولى الخطوط العامة لبذور الوهم التي توزعها الحكومات في آمال المغتربين ووضحنا السراب الذي يجنيه المغتربون جراء هذا الوهم، وقد تناولنا في الحلقة الثانية موضوع إعفاء السيارات للمغتربين، وفي الحلقة الثالثة من هذه السلسلة نتعرض لموضوع أراضي المغتربين، حيث درجت الحكومات المختلفة على استغفال المغتربين، وفق التفصيل التالي: – تسمية المخططات المعروضة على المغتربين بأسماء رنانة، ومنها الفيحاء والخوجلاب والوادي الأخضر وسندس وغيرها من أسماء أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، ثم يتم إرفاق خرائط تبين لك أن هذه الأراضي في مناطق قريبة جداً من وسط العاصمة ومواقع الخدمات المختلفة من كهرباء ومياه ومستشفيات ومدارس وغيرها، ثم تعرض هذه الأراضي في السفارات لجمع أكبر حصيلة من العملات الحرة من جيوب المغتربين المغلوبين على أمرهم، وبعد الشراء يتفاجأ المغترب أن الأرض تقع خارج الحدود الإدارية للعاصمة المثلثة، وأن المنطقة لا تعدو عن كونها صحراء قاحلة، لا أمل في أن تعمر هذه المناطق، أو حتى تصلها الخدمات الأساسية من مياه أو كهرباء حتى ولو بعد عشرات السنوات، فيستفيق المغترب من غمرة أحلامه، وقد قبض السراب بعد أن كان يمني نفسه بملامسة الثريا من الأحلام والأوهام التي باعتها له الحكومات وموظفوها المروجون لهذه الأراضي في مختلف السفارات السودانية في دول الخليج ومختلف دول المهجر. – من المفارقات أن يشتري المغترب الأرض، ويسلم عقد من جهات الاختصاص يحدد له في العقد رقم الأرض، والمربع ومساحتها، وأنها خالية من الموانع المسجلة، وحينما تسنح له الفرصة لزيارة الوطن في أول إجازة بعد الشراء، ويشرع في إجراءات تسجيل الأرض باسمه يتفاجأ بأن نفس الأرض تم بيعها في سفارة أخرى في دولة خلاف دولته التي اشترى منها، وأن من اشترى من الدولة الأخرى قد سبقه وسجل الأرض في اسمه، وهنا يسقط المغترب المسكين ما بين مطرقة فقد ما دفعه من تحويشة العمر كقيمة لهذه الأرض، وسندان المتابعات مع الجهات المختصة لتعويضه بأرض بديلة، وبالتأكيد لن تكون كأرضه التي اشتراها واختارها من خريطة المخطط من بين آلاف القطع الأخرى، هذا وقد يصرف في هذه المتابعات أضعاف قيمة ما صرفه في شراء هذه الأرض، وقد تكون المحصلة النهائية خروجه صفر اليدين، فلا يجد أرضه التي اشتراها، ولا يعوض عنها بأي بديل، ومن ثم ينطبق عليه المثل الشعبي (ميتة .. وخراب ديار). – في كثير من الأحيان يتفاجأ المغترب الذي يشتري أرضاً من أي سفارة من سفارات السودان في دول الخليج أو أي سفارة في أي دولة في العالم، يتفاجأ بأن القيمة الحقيقة للأرض التي اشتراها إن كان محظوظاً وتحصل عليها وسجلها في اسمه يتفاجأ بأن قيمتها الحقيقية في سوق العقار لا تساوى (20%) من القيمة التي دفعها ثمناً لهذه القطعة؛ مما يؤكد استغفال الحكومات للمغترب الغلبان، ويكون بذلك اشترى الوهم من الحكومة وحصد السراب.