حفظت لنا كتب التاريخ والسير قصصا وأعاجيب عن قياصرة وملوك وعظماء حكموا شعوبهم بكلاليب من حديد ومع ذلك كانت بهم خفة في العقل تصل إلى مرحلة الخبل. لم يقتصروا على مكان محدد ولا زمان معين وإنما توزعوا على بقاع شتى وأزمان مختلفة لا يجمعهم إلا خيط واحد هو الخبل. اخترت من هؤلاء عينة عشوائية للعبرة والاتعاظ فالتاريخ هو مرآة الحاضر وللتسلية والترفية في زمن ازدحم بعجاج السياسة ولعاعة السياسيين. أول هؤلاء هو الامبراطور يوليوس أغسطس قيصر المعروف باسم (كاليجولا) وهو لقب أطلقته عليه والدته في الطفولة معناه (الجندي ذو الحذاء الصغير). بدأ حكمه على الإمبراطورية الرومانية كأروع ما يكون اهتم بالعمارة والفنون والموسيقى فأحبه شعبه غير انه تحول تماما بعد مرض ألم به فبعد ما شفي اعتبر أن تلك معجزة وانه إله فوضع تماثيله في المعابد وأمر الناس أن يعبدوه (والعياذ بالله) وكانت تلك بداية العلة ثم تمادى فطلب من المعماريين أن يبنوا سلما من روما حتى كوكب (المشترى) ليتمكن من الاجتماع بالآلهة وحكم الرعية من هناك!!!. كان له حصان دله غاية الدلال فبنى له قصرا في روما فرشه بالحرير وزين جدرانه بالرسومات حتى لا يشعر الحصان بالملل في أوقات الفراغ!!! ويقال ان الخدم والحشم كانوا يضعون له الطعام والشراب في أكواب من ذهب . في أحد الأيام امتطى هذا الحصان المدلل وذهب به لمجلس الشيوخ حيث عينه عضوا في المجلس وهنا ثار النواب والنبلاء واعتبروا ذلك إهانة لروما وقتلوه داخل قبة البرلمان وبذلك انطوت صفحة سوداء في تاريخ روما امتلأت بالعجائب والغرائب التي لا يقبلها العقل السوي. ثاني هؤلاء هو ملك فرنسا تشارلز الخامس . بدأ عنده اعتقاد غريب حتى صار يقينا وهو أنه مصنوع من زجاج وانه ان انزلق أو سقط سيتكسر ويتبعثر قطعا صغيرة فأصبح يحشو ملابسه بالحديد والرصاص حفاظا على نفسه من التكسر والتبعثر ويبدو أن فكرة الدروع الواقية من الرصاص التي يلبسها الرؤساء نبعت من هناك فثار عليه النبلاء وعزلوا ملكهم الزجاجي. نأتي بعد ذلك للقيصر "بيتر الثالث" في روسيا فهذا أمره اعجب. كان القيصر مولعا إلى حد الجنون بألعاب الأطفال فاحتفظ بالمئات منها وكان ينحبس في غرفته يلاعب الدمي تماما كالأطفال الصغار تاركا امر الحكم للوزراء. ومن بين هذه الدمي تخير واحدة أولاها عناية خاصة فخبأها في خزانة ملابسه ولكن فأرة ماكرة تسللت للمخبأ السري وأكلت جزءا من الدمية هنا جن جنون القيصر وأطلق العسس يبحثون عن الفأرة اللصة حتى عثروا عليها مختبئة تحت السجاد. أمر القيصر بعقد محاكمة عاجلة للفأرة المجرمة حكمت عليها بالإعدام وصممت لها مشنقة خاصة سيقت إليها الفأرة المذعورة وتم إعدامها في ميدان عام جزاء لها على ذلك الجرم الشنيع. اذا قفزنا للعصر الحديث فإننا نرى العجب العجاب. أحد الرؤساء تملكه جنون العظمة فأطلق اسمه على كل شوارع البلاد فاختلط الحابل بالنابل ولم يعد هنالك عنوان خاص لأي شخص بمن فيهم الحاكم نفسه. اما أعجب حكام العصر الحديث وأقساهم واحدا كان حكم الإعدام بين شفتيه مثل إلقاء التحية. اعدم أحد وزرائه لانه "نام" أثناء اجتماع مع الرئيس وأعدم آخر لانه "لم يصفق بحماسة" حينما تم تعيينه في منصب كبير. اما القرار المضحك فهو انه منع الضحك لمدة أسبوع في ذكرى وفاة الوالد (المؤسس) فانطلقت الشرطة تجوب الطرقات تسترق السمع ومن يضبط ضاحكا يجلد ويسجن (فانكتم) الشعب وكانت هذه "كتمة الكتمات" في العالم. ومن قراراته التي خالف فيها طبيعة البشر انه أصدر أمرا بمد فترة المراهقة حتى سن ال25وكل من يضبط وهو يتصرف تصرف البالغين قبل تلك السن يعاقب بالسجن.!!!! نأتي الآن للعلماء ومن أغربهم نيكولا تسلا وهو فيزيائي ولد ونشأ في صربيا ثم انتقل إلى النمسا للدراسة الجامعية وهناك ظهر نبوغه فكان يزعج أساتذته بأسئلة لا يجدون لها إجابات في الكتب بل انه بدأ يتشكك في بعض النظريات الفيزيائية. وقد "انبشقت" عبقريته فجأة عندما كان يتنزه في أحد الحدائق إذ جلس على الأرض ووضع مخططا تم به اختراع الدينمو بعد ذلكم وتوالت الاختراعات "فانبشق" منها الرادار وأشعة اكس والريموت كنترول وغيرها. وقد اختلط هذا النبوغ بتصرفات غريبة عجيبة فقد أحب هذا العالم الحمام حبا جما وخص حمامة بيضاء بكل الحب والإعجاب فكان يطعمها بيده وتنام معه في فراشه حتى شاع بين الناس انه قد تزوجها فكانت تلك أغرب زيجة في التاريخ. هكذا سقطت شعوب بين قرني شيطان وقد حمانا الله من ذلك المصير حتى الآن أما المستقبل فعلمه عند الله سبحانه وتعالى .