عاصفة هوجاء قادها الرأي العام، في سبتمبر الماضي، ضد الشركة السعودية القابضة (زبيدة) التي حازت على عطاء البنك الزراعي لاستيراد أسمدة بقيمة (95) مليون دولار، واتهم البعض صفقة زبيدة بالفساد، تحت مبرر أن الشركة نالت العقد الضخم بلا عطاء ولا منافسة حرة، فيما ذهب آخرون إلى أن زبيدة تعاملت مع السودان وفقاً لظروفه الاقتصادية المعقدة، وبين هذا وذاك تدخلت النيابة العامة معلنة إجراء تحقيق بالأمر، إلا أنه وبعد مُضي ما يقارب العام من التحقيق، شرع في إرسال وفد إلى السعودية لمفاوضة الشركة حول مصير العقد المعلّق بين الطرفين. وقد كشفت تقارير صحفية، أمس الثلاثاء، عن عودة قضية شركة "زبيدة قيت" إلى الواجهة مجدداً بشروع البنك الزراعي السوداني في تكوين وفد يضمّ عدداً من موظفي الإدارة التجارية بالبنك لإرساله إلى المملكة العربية السعودية للتفاوض مع مسؤولي شركة (زبيدة موتورز) العالمية، حول مصير العقد المعلّق بين الطرفين. وأشارت التقارير ، إلى وجود خلافات بين إدارة البنك الزراعي بشأن الخطوة، واستنكر عدد من موظفي البنك العودة إلى شركة "زبيدة قيت" مجدّداً، واعتبروا الخطوة مزيداً من الهدر للمال العام، بتحميل البنك كلفة إرسال وفد إلى السعودية، بدلاً عن إلغاء العقد ومطالبة شركة (زبيدة) بتسديد قيمة الشرط الجزائي الوارد فيه، أو اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الشركة. مصلحة البلاد الخبير الاقتصادي، د. محمد الناير، يرى أن مراجعة العقد أمر غير منطقي، وإن صح نبأ سفر وفد من البنك فهو إهدار للمال العام، إلا لأمر تقتضيه مصلحة البلاد. ولفت الناير في حديثه ل(السوداني) إلى أن البت في مصير العقد يجب أن يكون بقرار من لجنة التحقيق، قاطعاً بأن العقود يجب أن تراعي مصلحة البلاد والبنك الزراعي والمزارعين بوجه العموم. صفقة الملايين وكانت الشركة قد ابرمت مع البنك الزراعي عقداً بقيمة (95) مليون دولار (بحسب تقارير إعلامية) كجزء أول، لتوريد (150) ألف طن من سماد (الداب)، ومائة ألف طن من اليوريا، وقد وردت (30) ألف طن من النوع الأول بأغسطس الماضي، واشترطت الشركة تعزيز الاعتماد البنكي لتسديد قيمة الشحنة قبل السماح بالتفريغ. وجاء اشتراط الشركة خلافاً لما ذكره وقتها رئيس مجلس إدارة المحفظة الزراعية، عبد اللطيف عثمان محمد صالح، الذي صرح أن تمويل مدخلات الإنتاج الزراعي سيتم عبر المحفظة باتفاق مع الشركة السعودية وبتمويل (آجل) لمدة عام، وباعتماد غير معزز، وهو ذات الأمر الذي جعل للشركة داعمين ومؤيدين سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية المعقدة التي تمر بها البلاد. وفي الضفة الأخرى يقف متهِمو (زبيدة) بالفساد، تحت مبرر أن الشركة نالت العقد الضخم بلا عطاء ولا منافسة حرة، ومن دون أن تستند إلى سابق خبرة في التعامل مع البنك الزراعي في مجال استيراد السماد أو أي مدخلات زراعية أخرى، مستدلين بأن هناك قانون مُلزم يحكم المشتريات الحكومية كافة، وهو مخصص لضمان شفافية ونزاهة وخلو المشتريات والعقود الحكومية من أدران المحسوبية والفساد. توضيح الطرفين (زبيدة) بدورها عقدت مؤتمراً صحفياً، حينئذٍ، أوضحت من خلاله بالمستندات سريان وتمام الصفقة وقانونيتها، وكذلك البنك الزراعي من جانبه تقدم ببيان توضيحي كشف من خلاله عن تفاصيل صفقة الأسمدة مع زبيدة، وقال إنه خاطب وزيري المالية والزراعة، إلى جانب محافظ بنك السودان لإلغاء عطاء استيراد السماد لعدم استيفاء الشروط بعد توصية صادرة من اللجنة الفنية بإلغاء العطاء المحلي الذي طرح في مارس 2021م لاستيراد (100) ألف طن سماد يوريا و(50) ألف طن سماد داب ، لافتاً إلى أن عدت شركات قدمت له وحين تم الفرز لم تستوفِ الشروط إلا شركة واحدة ولكمية محدودة. وأوضح البنك الزراعي إنه اقترح بعض الحلول، وتقديم الاحتياجات في اجتماعات اللجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي وتم الاتفاق على تكوين محفظة لتمويل الموسم الزراعي 2021م، على أن يقوم الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي بتكوينها. وأضاف البيان: "تم تقديم تصور للمحفظة للجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي 2021م بدخول بعض البنوك المحلية وشركات خارجية، شركات سعودية وبمشاركة شركة زبيدة و شركات إماراتية على أن يكون البنك الزراعي هو البنك الرائد للمحفظة". وتابع: "أفاد الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي بتوقيع مذكرة تفاهم مع شركة زبيدة كممول وشريك في المحفظة، وأن مشاركتها ستكون عينية عبارة عن مدخلات زراعية، وأن الشركة الإماراتية قد اعتذرت. ووفقا لذلك قام البنك الزراعي بتزويد شركة (زبيدة) باحتياجه من المدخلات والجداول الزمنية لها". وأشار (الزراعي) إلى أنه بتاريخ 11/أبريل/2021م خاطب وزارة المالية – إدارة الشراء والتعاقد للموافقة لشراء المدخلات بعروض الأسعار وجاءت الموافقة بتاريخ 15/أبريل/2021. ومضى البيان: "تقدمت شركة زبيدة ضمن شركات أخرى بعروض أسعار لتوفير الأسمدة وبعد دراسة لجنة العطاءات للعروض، خاطب البنك الزراعي وزارة المالية – إدارة الشراء والتعاقد بتوصية اللجنة بتاريخ 6/مايو/2021م . وزاد: "وبتاريخ 10/مايو/2021 وافقت وزارة المالية – إدارة الشراء والتعاقد على قبول عرض شركة زبيدة موتورز" وأكد البيان توقيع عقد بين شركة (زبيدة موتورز) والبنك الزراعي في 20 مايو الماضي بواسطة الإدارة القانونية للبنك وتم توثيقه من قبل إدارة العقود بوزارة العدل، حيث تم فتح اعتمادين بتاريخ 25 مايو الماضي لاستيراد سماد الداب وسماد اليوريا لصالح شركة زبيدة على البنك الأهلي التجاري – جدة عبر البنك الإسلامي السوداني.