على خلفية قرار إعفاء نائب رئيس الحزب... (الأمة) ونصرالدين الهادي.. البحث عن دوافع الإقالة! تقرير: ماهر أبوجوخ أصدر رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي مساء أمس الأول قراراً يقضي بإعفاء نصرالدين الهادي المهدي - أحد نوابه في رئاسة الحزب - من منصبه الحزبي، وطبقاً للبيان الصادر عن الأول فإن الثاني تم إعفاؤه من موقعه الحزبي والتنظيمي بسبب قراره بالانضمام للجبهة الثورية بقرار منه وليس من أجهزة الحزب المعنية. حينما يتمعن أي من المراقبين فحوي البيان ومبرراته لإعفاء نصرالدين من موقعه ينظر للأمر وكأنه جاء بمثابة تمييز للمواقف بين الخيارات الشخصية والمواقف الحزبية المؤسسية، إلا أن ذات المراقب إذا قدر له استعادة شريط أبرز أحداث الأسبوع الماضي ووقائعه فسيصاب بارتباك كبير سيما حينما يطلع على البيان المشترك الصادر عن أحزاب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي والحركة الشعبية قطاع الشمال في الرابع عشر من الشهر الجاري والذي لخص فحوى المباحثات السياسية التي عقدها رئيس حزب الأمة مع كل من الأمين العام لقطاع الشمال ياسر عرمان ونائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. علي الحاج والذي وقعه نصر الدين الهادي نيابة عن حزبه بوصفه نائباً لرئيس الحزب. مفاجأة التوقيت لعل تلك المعطيات تجعل توقيت إصدار القرار الحزبي والخاص بإعفاء نصرالدين الهادي تزيد المشهد المرتبك ارتباكاً، فصحيح أن الأونة الأخيرة شهدت تبادل لإصدار البيانات في ما بينه وبين ابن عمه رئيس الحزب عقب إعلانه الانضمام لجبهة القوى الثورية وهو الأمر الذي ظل رئيس الحزب يتنصل عنه ويعتبره سلوكاً خاصاً بنائبه في الوقت الذي تمسك فيه الثاني بأن ما يتخذه من مواقف إنما من صميم تفويضه كنائب لرئيس الحزب، ولذلك فإن صدور قرار الإعفاء وقتها كان سيناريو متوقعاً، إلا أن صدور القرار بعد توقيع نصرالدين الهادي بصفته نائباً لرئيس الحزب على بيان مشترك مع أطراف بالمعارضة السودانية يمثل ملخصاً للنقاط المتفق عليها في اللقاء الذي عقده رئيس الحزب، يفتح باب للتساؤلات أكثر من تقديمه للإجابات. أولى نقاط مفاجأة التوقيت نابعة من استبعاد اتخاذ المهدي لقراره بإعفاء ابن عمه من منصبه الحزبي بشكل مفاجئ ودون دراسة سابقة لهذه الخطوة، خاصة أن حضور نصرالدين للاجتماع الذي عُقد مع ممثلي حزب المؤتمر الشعبي وقطاع الشمال وتفويضه للتوقيع على البيان إنابة عن حزبه وبصفته التنظيمية حملت أكثر من مغزى ورسالة على رأسها أن صفحة الأزمة التي اندلعت بين الرجلين خلال الفترة الماضية قد تم إطفاؤها وطيها بشكل كامل. البحث عن دوافع مثلت تلك الحيثيات عناصر الفجائية في قرار إعفاء نصرالدين الهادي من موقعه الحزبي الصادر أمس الأول، وفور امتصاص تلك الصدمة نجد أن التساؤلات تتقافز للبحث عن الإجابة على سؤال "لماذا حدث هذا؟!"، وهنا تطرح عدة فرضيات أولها أن الأمر في رمته مجرد تقسيم للأدوار السياسية تمكن رئيس الحزب من الاستمرار في لعب دوره (الوسطي) الممازج بين المشاركة والتقارب مع الحكومة والوجود في ذات الوقت في مقاعد المعارضة بحيث يوجد في الأولى عبر نجله أما في الثانية فإن ممثله هو ابن عمه. أما التحليل الثاني فمرده أن رئيس حزب الأمة وجد نفسه بهذه الخطوة قد صدع علاقته مع الشق الحاكم منذ مغادرته للبلاد في رحلته الخارجية الأخيرة بدعوته ومطالبته لجماهير الشعب السوداني بالخروج للميادين للاعتصام ولنظرائهم بالخارج لاحتلال السفارات السودانية، إلا أن ما سيزلزل علاقته مع الشق الحاكم هو إبرامه لاتفاق مع ألد خصمين لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ممثلين في المؤتمر الشعبي الذي يقوده د. حسن الترابي وقطاع الشمال الذي ينتهج معارضة عسكرية مسلحة مباشرة ضد القوات الحكومية، وهو ما قد يجعله بمثابة قاصمة ظهر لعلاقته مع المؤتمر الوطني، فلجأ لهذه الخطوة إما لتقليل الآثار السلبية على حلفائه بالحكومة أو للخيار الآخر وهو استعداده للتحلل من الالتزامات التي توصل إليها خلال ذلك الاجتماع. مخاوف الموقعين النقطة الأخيرة المتصلة بإمكانية اتخاذ هذه الخطوة من قبل المهدي للتحلل من الاتفاق الموقع مع الشعبي والشعبية هو ما سيقلق أصدقاءه بالمعارضة الذين ينظرون للعديد من المواقف السياسية التي يتخذها المهدي بأعين الشك والريبة، ولعل هذه الخطوة ستجعلهم يضعون أيديهم في قلوبهم من إمكانية أن تكون خطوة إقالة نصرالدين الهادي هي مؤشرات التراجع من قبل رئيس الأمة القومي سيما أن مشهد الصراع الداخلي لحزب لأمة القومي المتمثل في وجود صراع داخلي عنيف بين تياري التقارب مع المؤتمر الوطني وتيار مواجهة الحكومة لم يعد أمراً خافياً على أحد مع وجود العديد من المؤشرات التي توضح انحياز المهدي للتيار الأول بإصراره على تعيين الأمين العام المقال الفريق صديق محمد إسماعيل –الذي يعد بمثابة أحد عرابي تجسير العلاقة مع المؤتمر الوطني - نائباً له وشغل مرشحيه لنصف مقاعد الأمانة العامة للحزب، هذا بخلاف موقفه (الغامض) من مشاركة نجله ضمن طاقم مساعدي رئيس الجمهورية. لذلك فإن ما سيقلق أولئك الموقعين وتكتل الأحزاب المعارضة عموماً هو إمكانية تفسير خطوة نزع الصفة الاعتبارية عن الشخصية الموقعة على البيان المشترك بأنه بمثابة إهالة للتراب على محتوياته وتشييعه لمثواه الأخير. سياسة التفاوض استهل عضو المكتب السياسي لحزب الأمة القومي لطيف جوزيف صباغ تعليقه ل(السوداني) حول هذه القضية بإشارته إلى أن السياسة الرسمية لحزب الأمة القومي هي اتباع خط التفاوض والنقاش وإبداء الرأي والنصح بطريقة سلمية وحضارية وينتهج سياسة قومية تهدف للإصلاح السلمي التوافقي عبر الإقناع والاقتناع والتوافق بما يعود بالخير على الشعب السوداني والبلاد وهو ما جعل الغالبية العظمى من الاتفاقيات والقرارات السودانية يحوز فيها رأي حزب الأمة على موافقة الباقين. وأكد أن ذلك يعد بمثابة مبدأ وسياسة الغالبية العظمى داخل الحزب إن لم يكن جميع منسوبيه، وأضاف: "في كل الأحوال فإن حزبنا لا يقوم بتنفيذ أجندة أو سياسات أو قرارات أو استراتيجيات أي حزب آخر"، وأردف: "نحن ننظر لحزبنا لكونه أكبر وأقدم وأعرق الأحزاب السودانية ولذلك فإن علينا دائماً أن نجمع الشعب لما هو أفضل قدر المستطاع ونعتقد أن السلام دائماً هو أحسن الحلول". غير مفوض وفي ما يتصل بقرار إقالة نصرالدين الهادي المهدي من موقعه الحزبي كنائب للرئيس فإن صباغ أشار إلى أنه "أمر مبرر بسبب عدم مقدرته على تنفيذ مهامه الحزبية بسبب وجوده في الخارج" وعزا في معرض استفسارنا له حول عدم ورود هذا الأمر ضمن محتويات الإعفاء وحصر السبب في انضمامه للجبهة الثورية بقوله: "من المؤكد أن قرار الإعفاء يجب أن يكون مسبباً وهذا سبب إضافي لإعفائه". وأشار لعدم تفويضهم في المكتب السياسي لنصرالدين الهادي للقيام بعمل معين أو تمثيل المكتب لعقد اجتماعات أو توقيع اتفاقيات أو غيرها وأردف: "حسب علمي لم يقوم المكتب السياسي بتفويض السيد نصرالدين الهادي بالتوقيع نيابة عن الحزب في أي شأن أو اتفاقية مع الجبهة الثورية أو غيرها وربما ما قام به هو اجتهاد شخصي". ورفض صباغ إبداء التعليق على التحليلات التي تفسر خطوة إعفاء نصرالدين الهادي المهدي من موقعه الحزبي باعتباره مؤشر على ارتباك في المواقف السياسية التي يتخذها رئيس حزب الأمة القومي أو تقسيم للأدوار بين الرجلين وقال: "لا يستطيع أي شخص الحديث باسم شخص آخر أو يعرف ماذا يدور في دواخله أو شق الصدور لمعرفة على ماذا تحتوي".